الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الإحساس بالكآبة والوساوس القهرية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأساتذة الأفاضل العاملين على الشبكة الإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي لا أستطيع حصرها في عنوان معين لأنني لا أعرف ما هي بالضبط؟ فأنا طالب أنهيت دراستي الإعدادية بتفوق والحمد لله في سنة طويلة قضيتها بالدراسة المجدة والمتعبة لتحقيق ما أصبو إليه (الكلية الطبية _ الطب النفسي) وقد كنت قبل أن أنهي هذه المرحلة شاباً متفائلاً جداً ومتعبداً، وأطيع ربي ولا أعصيه، ولا أفكر في أمور يصعب على العقل البشري إدراكها.

عانيت من وساوس دينية رهيبة بعد ان أنهيت امتحاناتي ولكني استطعت التخلص من معظمها بفضل الله، وبمساعدة والدي، والغريب أن هذه الوساوس عادت لتراودني بعد أن استلمت الدرجات، وكان معدلي مرتفعاً، مضافة ومرفقة بكآبة تثقل صدري وتجعلني أبكي كالطفل الصغير لمدة ربع ساعة مثلاً.

أغلب الأفكار التي تراودني هي عن كيفية عذاب العصاة في يوم القيامة، فأنا حساس جداً، وخاصة في مثل هذه الأمور، والجميع يعرف رقة قلبي، وأحياناً يستغلها البعض في طلب أشياء مني.

وقد نزل وزني 10 كيلو خلال فترة المراجعة من 92 إلى 82 فهل لهذا الأثر العضوي تأثير على حالتي؟ وأنا أعيش في العراق فهل للظروف المحيطة بنا تأثير كبير ملموس؟

آسف لإطالتي عليكم ولكني أحتاج دائماً إلى من أتكلم إليه عن كل ما يخالجني.

ملاحظة: هل يوجد طريقة للتواصل معكم في غير الشبكة أي بأن تعطوني بريدكم الإكتروني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ العاطفي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأعتقد أنك قد تواصلت معنا في السابق برسالة مشابهة، أو ربما يكون أحد الإخوان لديهم مشكلة تحتوي على نفس المكونات التي عرضت في مشكلتك.

أيها الفاضل! أرجو أن تتأكد أن الوساوس القهرية تسبب الكثير من المضايقات والقلق والتوتر والمخاوف، وشيء من الاكتئاب وعسر المزاج، وهذه تجعل الإنسان يكون في حالة من عدم التأكد من ذاته وتشتت الذهن وتطايره، وهذا عبرت عنه بأنك قلت: (لا أعرف ما يصيبني بالضبط) فأرجو أن تطمئن تماماً أن الحالة في الأصل هي وساوس قهرية تؤدي إلى هذه التشعبات البسيطة؛ حيث أن المنشأ البيولوجي أو الكيمائي للوساوس القهرية وما يتبعها من آثار نفسية أخرى هو منشأ واحد.

أرجو أن تثق تماماً أيها الفاضل العزيز بأن محاربة الوساوس ممكنة جدّاً، وهي تكون بالوقوف في وجهها بصلابة واستنكارها وعدم قبولها، ولكن يجب ألا تحس بالذنب لأنها متسلطة عليك، وبتحقيرها والنظر إليها بأنها وساوس هذا يساعد كثيراً إن شاء الله في العلاج، ولابد لك أيضاً أن تجد الأفكار المخالفة والمضادة للفكرة الوسواسية، وهذا إن شاء الله سوف يضعفها، ونحن دائماً نقول وحسب ما ورد في الثوابت العلمية النفسية أن أصحاب الوساوس دائماً هم من الشخصيات الحساسة والشخصيات صاحبة الضمائر اليقظة والقيم المرتفعة، وهذا إن شاء الله شيء طيب في حد ذاته.

أرجو ألا تنزعج أبداً لموضوع أن وزنك قد نقص حوالي 10 كليجرام، فذلك ناتج من الاكتئاب الثانوي الذي أصابك، وحين تتناول إن شاء الله العلاج البيولوجي أو العلاج الدوائي سوف ترجع الأمور كما كانت عليه سابقاً بإذن الله تعالى.

توجد أدوية ممتازة وفعّالة جدّاً جدّاً لعلاج الوساوس القهرية، منها العقار الذي يعرف باسم بروزاك، وهو الحمد لله متوفر في العراق، وكذلك عقار آخر يعرف باسم فافرين، وهو أيضاً متوفر، وإذا لم يتوفر يكون البديل دواء آخر يعرف باسم أنافرانيل.

جرعة البروزاك التي تبدأ بها هي كبسولة واحدة 20 مليجرام، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تبدأ أيضاً في نفس الوقت الذي تبدأ فيه البروزاك العقار الآخر وهو فافرين، تبدأ جرعة الفافرين بـ 50 مليجرام ليلاً بعد الأكل، ثم ترفعها بنفس المعدل وهي 50 مليجرام كل أسبوعين حتى تصل إلى 200 مليجرام.

إذن تكون الجرعة العلاجية الكاملة هي بروزاك كبسولة واحدة في الصباح وفافرين 200 مليجرام ليلاً، وتستمر على الدوائين لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكنك التوقف عن البروزاك وتستمر على الفافرين لمدة شهرين متواصلين، ثم تبدأ في تخفيض الفافرين بمعدل 50 مليجرام كل شهر حتى تتوقف عنه.

أما إذا كان الفافرين غير متواجد واستبدلته بالأنافرنيل فهو دواء أيضاً ممتاز وفعّال، ولكنه قد يسبب بعض الآثار الجانبية البسيطة مثل الشعور بالجفاف في الفم، والثقل في العينين، وذلك نتغلب عليه بأن نبدأ الجرعة صغيرة ثم نرفعها تدريجياً، البداية تكون بـ 25ملجيرام ليلاً ثم ترفع الجرعة بمعدل 25 مليجرام أيضاً كل أسبوعين حتى تصل إلى 75 مليجرام تكون هذه الجرعة فعّالة بجانب البروزاك بالطبع، وكما ذكرت جرعته هي كبسولة واحدة في الصباح.

تستمر على الأنفرانيل بجرعة 75 مليجرام لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بمعدل 25 مليجرام كل شهر حتى تتوقف عنه تماماً.

أرجو يا أخي أن تركز على دروسك وأسأل الله أن يحقق لك أمنيتك بدراسة الطب، وأرى أن لك إن شاء الله المقدرات على ذلك، وصدقني أن العلاج السلوكي والدوائي سوف يقضي تماماً على هذه الوساوس بإذن الله تعالى.

ويمكنك أن تتواصل عن طريق الشبكة الإسلامية؛ حيث أن البريد الالكتروني الخاص للاستشاريين ربما لن يكون مفيداً وذلك نسبة لمشاغلهم وربما لا تتحصل على الرد بصورة متواصلة منهم.

وأسأل الله لك الشفاء، وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً