الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستمر على علاج الأبلفاي أم أتوقف عنه؟

السؤال

حصل لي اضطرابات نفسية سنة 1427 هـ، وتم التشخيص بأنه فصام، والأعراض كانت معي كالآتي: أرق، وهلوسات، وتخيلات غير حقيقة أن الناس تراقبني وغيرها من أعراض الفصام المعروفة، وأخذت علاجات كثيرة منها: زايبركيسا، وابليفاي، وأدوية الاكتئاب.

الآن مقتنع تماما أني كنت مصابا بالفصام، وحالتي مستقرة، ولكن تأتيني أفكار، وضيق، ونفور من العبادة، وغضب شديد على أتفه الأسباب، وانقطاع الأمل.

ذهبت للدكتور وقال: قلق واكتئاب ويجب التوقف عن الابليفاي، وأخذ دواء للاكتئاب؛ لأن علاج ابلفاي لم يعد ينفع لحالتي.

هل شفيت من الفصام؟ حيث إن الفصام مرض مزمن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عيسى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: أنا يجب أن أبدأ بأن أقول لك: لا تتوقف عن الدواء المضاد للذهان، الله تعالى أنعم عليك بنعمة الصحة والعافية، من فضله تعالى، ثم أن الدواء ساعد في منع الانتكاسة، أنت تعاني من هذا المرض لسنوات، وفي هذه الحالة تناول جرعة صغيرة من أحد الأدوية الواقية مهمٌّ جدًّا، حتى وإن اختفت الأعراض لسنوات التوقف من الدواء يؤدي إلى انتكاسة في حوالي أربعين بالمائة من الناس، ولا أريدك أن تكون من هؤلاء.

أُقدِّرُ وأحترمُ رأي الطبيب الذي قال لك: (توقف عن الإبليفاي)، لكن أنا أعدِّلُ هذا الرأي قائلاً لك: استمر على الإبليفاي، لكن أضف إليه أحد مُحسَّنات المزاج، وذلك لمدة ثلاثة أشهر، دواء مثل الـ (سبرالكس) أو الـ (زولفت) سيكون مفيدًا جدًّا لك -أيها الفاضل الكريم-.

إذًا الاستمرار في العلاج الوقائي المانع للانتكاسة مهم، وأن يُضاف إليه أحد مُحسِّنات المزاج، كما ذكرتُ لك سلفًا: هذا أمرٌ سهل ومفيد، وهو التوجّه العلمي الصحيح، على الأقل المدرسة التي أتبعها هذا هو منهجها، وقد أثبتت بالفعل التجارب العملية أن ذلك هو الأفضل.

على النطاق العلاجي الآخر: أريدك أن تكون شخصًا متفائلاً، وأن تُعبّر عن نفسك، لا تكتم أبدًا، أحد الأشياء التي تؤدي إلى سرعة الإثارة والغضب هو الكتمان. عبّر عن نفسك أولاً بأول، وعلِّم نفسك –يا أخي– العلاج النبوي للغضب، علاج عظيم، تجده في كتاب للإمام النووي أو في كتبٍ أخرى.

اصرف انتباهك من خلال أن تُغيّر موضعك، حين تأتيك مؤشرات الغضب الأولى غيِّر وضعك، إذا كنت جالسًا فقم، وإذا كنت قائمًا فأجلس، ثم أتفل ثلاثًا على شقك الأيسر، ثم بعد ذلك توضأ، الوضوء أمرٌ عظيم، وهو يُطفئ نار الغضب، ومن جرَّبه لمرة واحدة قد لا يحتاج لأن يُجرّبه مرة أخرى.

مجرد تذكّر هذا العلاج النبوي بقناعة وبكلِّياته هذا سوف يزيل الغضب -إن شاء الله تعالى-، ويجب –أخي– أن تكون فعّالاً على النطاق الاجتماعي: لا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية، اسعَ لما فيه الخير لأسرتك، احرص على الصلاة مع الجماعة، تبني رفقة طيبة جدًّا، وهذا يروّض النفس ويجعلها أكثر قبولاً للآخر، وهذا لا يجعلنا في تصادم مع العالَم الخارجي.

مارس الرياضة (المشي، الجري، لعب الكرة)، هذا كله نُوصي به الآن، وننصح به، لأن فائدته أثبتت تمامًا.

النوم الليلي المبكّر مفيد جدًّا، وتجنب النوم النهاري. التنظيم الغذائي، التأمُّل والتدبُّر الإيجابي، النظر للمستقبل بأمل وتفاؤل ورجاء، وأن تعيش الحياة بكل قوة وفعالية.

هذا –يا أخي– هو ما أنصحك به، وهذه هي المضادات الحقيقية للاكتئاب وللتوتر وللقلق.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في استشارات الشبكة الإسلامية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً