الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتقلت لعمل جديد ولا أستطيع التأقلم فهل من نصيحة؟

السؤال

‎السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل مدرسة وانتقلت إلى عمل جديد في مدرسة جديدة منذ أقل من شهر، وللأسف لم أستطع الاندماج مع زملائي الجدد، خاصة وأن انتقالي كان في نهاية العام الدراسي، فلا فرصة لوجود زملاء جدد مثلي.

شعوري بعدم القبول من الآخرين، وبأنني شخص غير مرحب به يؤلمني جدا، ويزعزع ثقتي بنفسي، على الرغم من أنني قوية الشخصية، وأثق بنفسي.

في عملي السابق والذي عملت به أربع سنوات، كنت أتمتع بشخصية مؤثرة ومهمة ومحبوبة من زملائي.

الآن أصبحت أكره العمل، حاولت أن أكون لطيفة منذ البداية، لكنني وجدت أن ذلك غير مجدي، ومن الأفضل أن أكون بنفسي ولا أحاول استحسان أحدهم، بعدها وجدتهم بدأوا يتعرفون علي ويتحدثون معي، وبعد أيام وجدت نفسي غير مرتاحة ومهمشة في المكان، فعند حديثهم أكون صامتة، ولو دخلت في الحوار ربما لا ينظرون لي.

مثلا عند النزول من الباص والوصول للمدرسة أجدهم يسيرون مع بعضهم البعض، وأنا بمفردي، متأكدة بأن الإنسان عندما يكون مرتاحا ولديه ثقة بنفسه لا يأبه لأحد، ويتصرف على طبيعته، وينجذب إليه الناس ويحبونه، ولكنني للأسف أشعر بأنني أفتقد هذا.

لا أعلم هل هذا الأمر طبيعي لأنني جديدة؟ والعلاقات تحتاج إلى وقت أطول من ذلك، أم أن الأمر سيظل هكذا لفترة طويلة؟

أرجو أن تدلوني لماذا أشعر بهذا، وماذا أفعل، وهل أكمل أم أترك عملي؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
الانتقال من بيئة إلى أخرى يفقده ما كان معتادا عليه، ويحتم عليه أن يبني علاقة من الصفر، وكون العاملين في المدرسة يتحاشون الحديث معك أمر طبيعي كونك جديدة ولا يعرفونك من قبل، وهم يدركون أن الناس يختلفون في طباعهم، خاصة وأنك أنثى والتعامل مع الأنثى غير التعامل مع الرجل.

بناء العلاقات ينبغي أن يكون فيه تأني شديد، ولا بد أن يختار الشخص زملاءه بعناية شديدة، فيتخير الرفقة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، وليحذر من رفقاء السوء الذين يتربصون به الدوائر.

علاقة المرأة مع زملاء العمل ينبغي أن تكون في حدود العمل، لأن التعامل مع الرجال فيه خطورة شديدة، فكوني حذرة واعتبري أن هذه فرصة ونعمة من الله منحت لك من أجل هذا المعنى.

اجعلي علاقاتك مع الصالحات من بني جنسك، وكوني جادة في عملك، خاصة إذا كان التعليم مختلط وكنت تتعاملين مع طلاب كبار بالغين، ولا بأس من التعمق في العلاقة مع الطالبات، وأن تستغلي تلك العلاقات في إصلاحهن.

ستجدين أن أكثر الزملاء سيأتي إليك، ويبدأ الحديث معك ويحاول بناء علاقة معك خاصة في السنة الدراسية القادمة، ولكن عليك أن تنتبهي لما ذكرته لك آنفا.

لا أنصحك أن تتركي العمل في هذه المدرسة، بل استمري فيها فأنت حاملة رسالة وصاحب الرسالة حيثما وقع نفع -بإذن الله تعالى-.

الناس يحترمون الشخصية الجادة في العمل، وهذه الشخصية تفرض نفسها على الآخرين فيحترمونها ويقدرونها.

أوصيك أن توثقي صلتك بالله تعالى، وتجتهدي في تقوية إيمانك، من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك هو الذي يجلب للعبد الحياة الطيبة كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖوَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

استغلي أوقاتك بالقراءة النافعة وتلاوة القرآن الكريم وذكر الله تعالى، ففي ذلك طمأنينة للنفس، يقول تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗأَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً