الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت إلى الله ولكني لا أحس بلذة العبادة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجوكم أجيبوني، معاناتي نفسية فقد تعبت من كثرة التفكير، لا أستطيع مسامحة نفسي أبدا، وأفكر في الذنب كثيرا.

بعد ولادتي بشهر تعبت، واستمر معي المرض إلى أن وصلت ابنتي عشرة أشهر، كنت متعبة جدا تقريبا في كل أجزاء جسمي، لدرجة أنني كلمت عدة مشايخ، والكل كان يقول كلاما مختلفا عن الآخر، وكنت أحيانا أتذمر من ابتلاء الله لي وأتضايق، كنت أقرأ القرآن، وأذكر الله، ولكن في يوم من الأيام كلمت شيخا على الإنترنت وقلت له ما أعاني منه، ويا ليتني لم أكلمه، لا أعلم أين كان عقلي وقتها، فقد كلمته وقلت له عن الأعراض، وقال لي: أرسلي اسمك في رسالة، وقال: عندك سحر كذا، أنا ترددت في تصديقه؛ لأن كل شيخ كنت أكلمه يختلف عن الآخر.

المهم قال: أنا سأقوم بالعلاج، وقلت له كيف؟ قال: إن معه جن مسلم وكلام الله، قلت له الموضوع هذا محرم، قال لي: لا وأنا سألت شخصين من قبل وقالوا أن الموضوع فيه خلاف، فعندما كلمته لم أكن أعلم أنه محرم ولا يجوز، ظننت أنه يوجد خلاف فقط، وأنا أتكلم معه أحسست بالذنب، وفضلت أن أتوب واستغفر الله، وأعمل حظرا للشخص.

تبت إلى الله وندمت، ولكن أخشى أن يكون علاجه محرما؛ لأنني عندما قلت له عندي جرثومة في المعدة، قال عندي أطباء من الجن وسأعالجك أنا، قلت له لا وحرام، قال لي لوجه الله، أنا أخشى أنه قام بفعل شيء محرم في العلاج، ولما قام بالعلاج قال لي: السحر انفك، واشربي ماء وملح لكي يخرج السحر، ولكن لم أفعل، وأنتهى الكلام معه.

استغفرت وتبت، ولكن قلبي متعب، أحس بذنب شديد، وتأنيب ضمير، لا أستطيع العيش في سعادة، أفكر كثيرا، وتعبت خائفة من غضب الله علي، أخشى أنه قام بعمل سحر يمنعني من المرض، أو أنه عمل لي شيئا محرما.

لماذا بعد المعصية لا أحس بلذة الطاعة؟ فهل الله لم يقبل توبتي؟ أحاول أن أتقرب لكن لا أستطيع، فماذا أفعل؟ أرجوكم أخاف من الموت في أي لحظة وأنا غير مستعدة، فأنا أخاف من عقاب الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

لقد أخطأت في التواصل مع ذلك الشخص إذ أنه لم يكن مؤهلا كي تستفتيه، ولا ندري إن كان ساحرا أم دجالا، ولا نستطيع أن نجزم بأنه عمل لك سحرا بل قد تكون مجرد شكوك وهذا هو الأصل.

من توفيق الله لك أنك لم تتبعي تعليمات ذلك الدجال، وأنك تبت من التواصل معه، وعليه فلا تفكري كثيرا بتلك القضية فإنها ستشغل بالك كثيرا وتجعلك تعيشين في هم وغم.

يكفي التوبة وكثرة الاستغفار، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
السحر له أعراض كثيرة وليس عندك شيء منها، فيما يظهر في استشارتك بل ما تعانين منه مجرد خوف، وهذا الخوف سيطر على تفكيرك فجعلك لا تحسين بلذة العبادة، ولذلك عليك أن تتناسي ذلك الحدث، وإن تذكرت فاستغفري الله واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم فإنه يريد إشغال بالك وتحزينك وتنغيص حياتك.

أوصيك أن توثقي صلتك بالله تعالى، وتجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فالحياة الطيبة الهادئة والسعيدة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا، يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة؛ يكن ذلك حصنا لك من شر شياطين الإنس والجن، ويجلب لقلبك الطمأنينة، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يذهب عنك همك، كما قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

ليس كل ما يعاني منه الإنسان يكون بسبب السحر، فلا بد في البداية من التأكد من عدم وجود مرض عضوي وذلك عن طريق الأطباء، فإن تبين أنه لا يعاني من مرض عضوي ففي هذه الحال يحتمل أنه يعاني من مرض نفساي، أو أنه مصاب بحسد أو سحر، وفي هذه الحالة لا بد من البحث عن راق أمين وثقة يكون معروفا بين الناس مشهود له بالتقوى، ويكلب منه الرقية ليستكشف الحالة، فإن تبين الإصابة بسحر أو حسد فيلزم مواصلة الرقية حتى يزول -بإذن الله تعالى-.

كثير من الرقاة لا خبرة لديهم وعملهم في هذا المجال إنما هو من باب التكسب، وأما المجهولون والذين يزعمون أنهم يعالجون عن طريق الرسائل أو الإنترنت فهؤلاء نصابون وسحرة ومشعوذون ولا يجوز التعامل بحال من الأحوال.

استعيني بالله تعالى، وليس هنالك داع للخوف أبدا، ومارسي حياتك بشكل اعتيادي، ووجود الخوف في قلبك دليل على آثار إيمانك بالله سبحانه.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً