الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما رأيكم بالزواج من شخص بسيط؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة سأكمل 31 من عمري، ليس لي أب، تقدم لخطبتي شخص ذو أخلاق، وتم السؤال عنه، وقالوا: أنه شخص ذو خلق ولكنه عصبي قليلا، يصغرني بسنتين، وكلما مر أمر لا يعجبني قلت: لا بأس بذلك، وهناك تفاهم بالأمور بين عائلتينا، وكنت أمشي بالأمر لأجل والدتي، لكنني علمت أن راتبه ضئيل، وشركته ليس بها علاوات، وأنا اعتدت على الرفاهية في منزل أهلي، وأخاف أن أرفض ويغضب الله علي، خاصة أنني قد رفضت من قبل.

هل لو رددته أكون قد أغضبت الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

إن من أهم الصفات التي ينبغي توفرها في شريك الحياة أن يكون صاحب دين وخلق، وهاتان الصفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا، فإذا انعدمت واحدة أثرت في الأخرى، وبقية الصفات إنما تكون تبعا لهذا.

قضية كونه فيه نوع من العصبية لا يعني أنك لا تقبلين به زوجا، فيمكنك تهذيبه، لأن الكمال عزيز في البشر، وعليك أن تجتنبي ما يغضبه أو يعصبه، وهذا لا بد أن تتعرفي عليه في فترة العقد حتى تكوني مهيئة لذلك.

توثيق صلته بالله وتقوية إيمانه سيهذب من سلوكياته وأخلاقه -بإذن الله- فابذلي قصارى جهدك في هذا الباب.

لا بد أن تعرفي أن البيئة التي نشأت فيها غير البيئة التي نشأ هو فيها، ولذلك ستجدين اختلافا فيما بينك وبينه بالصفات، فهيئي نفسك على التأقلم على ذلك، واحذري من مصادمته، وعليك أن تتعرفي على ما يحبه وما يكرهه فتفعلي ما يحبه وتجتنبي ما يكرهه، وعليك أن تبيني له ما تحبينه وما تكرهينه وعليه أن يتفهم ذلك.

تعودي على غض الطرف عن زلاته وهفواته، فالحياة ليست صافية على سبيل الدوام، كما أنها ليست كلها أكدار، وعودي نفسك ألا تناقشي أي إشكال فور وقوعه، وإنما أخري ذلك حتى تهدأ عاصفة الغضب، وتحيني الوقت المناسب لحل أي خلاف يحصل بينكما.

الأرزاق بيد الله تعالى، وقد وعد سبحانه بأن يغني الزوج الفقير من فضله، فقال سبحانه (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚإِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗوَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، فلعلك تكونين سببا في أن يفتح الله له أبواب الرزق فكوني واثقة بالله تعالى، ففي الحديث القدسي: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ).

لا تتزوجي من أجل والدتك، وإنما اقبلي به زوجا عن قناعة إن رأيت أن صفاته مناسبة -كما وضحت لك سابقا-؛ لأنك أنت من ستتزوج، واعلمي أن الزواج رزق مقدر من الله تعالى، فإن كان هذا الرجل من رزقك فسوف يتم الأمر، وإن كان ليس من نصيبك فلن يكون.

أوصيك بعد التيقن من صفاته بصلاة الاستخارة، وهي أن تصلي ركعتين من دون الفريضة، ثم تدعين بالدعاء المأثور، ومن ثم توافقين على تقدمه لك، فإن سارت الأمور بيسر وسهولة فاعلمي أن الله تعالى قد اختاره ليكون زوجا لك، وإن تعسرت الأمور وانسدت الأبواب فهذا يعني أن الله قد صرفه عنك.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يختار لك ما فيه الخير، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.

عودي نفسك على غض الطرف عن كثير من الأخطاء، فإن المحاسبة على كل صغيرة وكبيرة مفسد للحياة والتغافل خلق عظيم قل من يتخلق به، ولقد كان من أخلاق الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم كما ورد في الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗأَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق والسعادة إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً