الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائر بين أمي وزوجتي ساعدوني.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.
أنا عمري 25 سنة، مصري، تزوجت منذ حوالي سبعة أشهر من فتاة قمت أنا باختيارها من عائلة متوسطة في مصر، وأقنعت أهلي بالموافقة عليها -والحمد لله- أحضرتها إلى هنا في السعودية للعيش معي بعد ما أمنت لها سكنا خاصا في نفس الحي الذي يسكن أهلي فيه، حتى لا تتقيد في اللبس أو في الحركة عند الجلوس مع أهلي.

أمي تعمل كمدرسة خاصة، وأبي يقوم بتوصيلها، وبناء على طبيعة عملها تأتي إلى البيت بعد الساعة الحادية عشرة يوميا تقريبا، وعندي أخت بالثانوية العامة، وأخ يدرس بالخارج، فمن الصعب أن أذهب إلى بيتي وأترك أختي وحدها في البيت وهي تحتاج أحدا بجانبها في هذا السن، فاقتنعت زوجتي أن نذهب إليها بشكل يومي أو شبه يومي للغداء معها والجلوس معها حتى يأتي أهلي، ولم أتخل عنهم أبدا حتى مع معاملة والدتي السيئة المتكررة لي ولزوجتي، فمنذ قدومها والمشاكل المتكررة يوميا والإهانات أيضا، وحاولت بكافة الطرق التوفيق بين أمي وزوجتي فلم أستطع؛ حيث أن أمي تتصيد الأخطاء لزوجتي المقصودة وغير المقصودة، حتى مع محاولات زوجتي الكثيرة للتقرب إلى أمي، فاض بزوجتي الكيل، واشتكت لأهلها بخصوص هذه الإهانات، والمعاملة السيئة، والتعب والإرهاق من الذهاب يوميا إلى بيت أهلي، وفي المقابل هذه المعاملة، فتحدث معي والدها بخصوص هذا الموضوع، ولم أستطع إرماء اللوم والخطأ على زوجتي؛ لأن معها جزءا كبيرا من الحق.

والآن زوجتي رفضت تماما الذهاب إلى بيت أهلي بسبب هذه المشاكل، ولن أستطيع إجبارها، وبعد ما أخبرت أمي بهذا الموضوع حرمتني أنا وزوجتي وأهانتني، ومنعت أختي من التحدث إلي، مع العلم أني حاولت أكثر من مرة التفاهم مع أمي وتوضيح الأمور لها، ولكن كل مرة ترمي الخطأ علي أنا وزوجتي وتهيننا، زوجتي حامل في الشهر الثالث، وأنا واقف لا أدري ماذا أفعل؟ ولا أستطيع العيش وأنا غاضب من أهلي فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
اتق الله في حق زوجتك كما تتقي الله في حق أمك، فزوجتك رضيت بك زوجا وأطاعتك في الذهاب إلى بيت أهلك لمؤانسة أختك بشكل يومي، رغم أن في ذلك إرهاقا لها، وكان الواجب أن يقابل ذلك بالشكر والتقدير لا بالنكران والإهانة.

ليس واجبا على زوجتك أن تفعل ذلك، ولكنها فعلت ما أمرتها به كونها تريد فعل ما يريحك، ويكسبها حبك ويؤلف بين القلوب، ومن باب إعانتك على بر والديك.

عليك أن توازن وتفرق بين إعطاء زوجتك حقها وبرك بوالديك، فلا تجبر زوجتك على الذهاب إلى بيت أهلك ما دامت تعامل بتلك الطريقة، وبالمقابل استمر في وصل والديك والبر بهما، ولا تخف مما تفعله والدتك؛ فإنه ليس لها وجه حق في ذلك، صحيح هي أمك ولكن تصرفها خاطئ فلا تواجهها، وترفّق بها، واكظم غيظك، وقم بما أمرك الله به.

يبدو أن أمك ليست راضية عن زواجك بهذه الفتاة، واقتناعها كان ظاهريا، فلعل تعاملها معها بهذه القسوة كان لذلك السبب، أو أن أمك أصابتها غيرة الأمهات على أبنائهن، فعليك أن تنظر بين معاملتك لها قبل الزواج وبعده، فإن رأيت أنك قد تغيرت فحاول العودة إلى ما كنت عليه وأحسن؛ لأن الأم إن رأت تغيرا فسرت ذلك بأن الزوجة أخت ابنها عليها.

قدم لوالدتك هدية رمزية، فإن للهدية عملها في القلوب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا).

اجلس مع والدك وبين له ما حصل فلعله يكون أكثر تفهما، واجعله واسطة بينك وبين أمك فلعله يستطيع أن يصلح بينكم.

لا أشك أن والدتك تحب أختك، ولعلها تبين له الصواب من الخطأ، فاجلس معها وتبين موقفها، فإن رأيتها منصفة فوسطها على والدتك.

تحين الأوقات المناسبة للجلوس مع والدتك وليكن ذلك خارج البيت، وتلطف معها في العبارات، واستلطفها فلعل الله يلين قلبها.

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسله سبحانه أن يلهم والدتك الرشد، وأن يلين قلبها ويؤلف بين القلوب.

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

أوصيك أن توثق صلتك بالله تعالى، وأن تجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة، يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلين قلب والدتك، وأن يبصرها بعيوبها ويؤلف بين القلوب إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً