الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاضطراب النفسي وقلة التركيز

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 30 سنة، أعاني من الاضطراب النفسي منذ سن ال14 عاماً، حيث انتابني ضعف شديد في الثقة بالنفس، مما أدى إلى تدهور مستواي الدراسي الذي بدوره سبب لي اضطراباً نفسياً وخجلاً شديداً دمر حياتي الذاتية وحياتي الاجتماعية، فأصبحت قليل التركيز وانطوائياً وضعيف الذاكرة، ومتوتراً، وأجد صعوبة في التحدث مع الآخرين، وفي شرح أي موقف.

مع كل هذا أكملت دراستي بصعوبة شديدة، مع سخطي على مستواي التعليمي الذي وصلت إليه، وحصلت على بكالوريوس التربية، وأكملت حياتي العملية، ولكن أتعايش معها بكل صعوبة، بعد استشارة المختصين النفسيين وصفوا لي السرترالين وتحسنت حالتي كثيراً، واستمريت عليه سنتين، وأوقفته بالتدرج، وبعدها مباشرة انتكست من جديد، وعادت حالتي النفسية إلى سابق عهدها.

بعدها تناولت الفلوكستين وتحسنت عليه، ولكن بصورة أقل من السرترالين ما جعلني أوقفه وأبدأ بالسرترالين مرة أخرى.

الآن صار لي قرابة الثلاث سنوات أستخدمه بجرعة 100مجم، وما زلت أستخدمه حتى الآن، ومع ذلك تركت عملي وأصبحت ساكناً في البيت ليل نهار، بل زادت إصابتي بالتبلد وعدم الإحساس، وكأن شيئاً لم يحدث، وأنا على يقين بأن علاجي في الأساس هو علاج دوائي، أرجو منكم أن تساعدوني.

ملحوظة: أمي مصابة بالذهان الباروني وهي تتعالج منه، وأنا أخشى على نفسي من الأمراض الذهانية لأني على علم بأن تلك الأمراض تورث.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، أخي لا بد أن تحرص على العلاج الاجتماعي العلاج التأهيلي الاجتماعي مهم وضروري.

أنا لا أقلل من أمر الدواء، وسأحدثك عن الدواء، لكن يجب أن تدرك أن الله تعالى قد حباك بالقدرة والسبل والطرق التي تجعلك تتغير.

أخي الكريم، لا تستكن ولا تستسلم أبداً، وأنا أريدك أن تتمسك بأشياء بسيطة جداً مثلاً الإصرار والعزيمة، أن تقوم بالواجبات الاجتماعية، اجعل لنفسك منهجاً يقوم على هذا الأساس، أن تزور المرضى في المستشفيات، أن تلبي دعوات الأفراح والأعراس، أن تمشي في الجنائز، أن تقدم واجبات العزاء، أن تجلس مع أصدقائك -أخي الكريم- في مقهى مثلاً من وقت لآخر، أن تحرص على صلاة الجماعة، أليس هذا يا أخي علاجاً مهماً جداً وضرورياً جداً والنفس من خلاله تحفز.

إذاً اجعل لنفسك هذا البرنامج، الالتزام بالواجبات الاجتماعية، وقد اتضح أن الذين يبنون علاقات اجتماعية وطيدة وإيجابية ويقومون بواجباتهم الاجتماعية هم من أسعد الناس، وصحته النفسية دائماً تكون متطورة.

زيارة إحدى المكتبات -يا أخي- حتى لو مرة في الأسبوع، حضور حلقة للقرآن، حتى ولو مرة في الأسبوع، زيارة أحد أرحامك من كبار السن حتى ولو مرة في الشهر، هذه واجبات اجتماعية عظيمة ومردودها الإيجابي كبير وكبير جداً.

أخي، أنا أريدك أن تؤهل نفسك نفسياً من خلال هذه الممارسات، والرياضة الرياضة الآن لا جدال حول فعاليتها أي نوع من الرياضة، رياضة المشي، رياضة الجري، أنت صغير في السن يمكن أن تلعب الكرة مع بعض أصدقائك فيها جانب اجتماعي وفيها جانب رياضي.

أنا أعتقد أن هذا هو الذي تحتاج إليه، وأنت رجل -الحمد لله- مؤهل، لديك خبرة عملية، فلا ينقصك شيء، حتى وإن وصلت إلى ما وصلت إليه بعد تعب ومكابدة فكثير من الناس ولدوا من رحم المعاناة، فهؤلاء هم الذين نجحوا في حياتهم بدرجة ممتازة جداً.

أخي الكريم: أرجو أن تجعل منهج حياتك على ما ذكرته لك، وصدقني هذا النمط هو العلاج، ومجرب وليس صعبا أبداً، لا تتردد، وتوكل على الله وسر على هذا الطريق.

بالنسبة للعلاج الدوائي السيرترالين دواء ممتاز وسليم جداً، وجرعة 100 مليجرام ليست جرعة كبيرة، وبما أنك تتناوله الآن لمدة ثلاث سنوات يمكن بعد 6 أشهر من الآن أن تخفض الجرعة، وتجعلها 50 مليجراما مثلاً لمدة شهرين أو ثلاثة ثم ترفع الجرعة بعد ذلك إلى 100 مليجرام، في بعض الأحيان.

أنا أنصحك بتناول عقار اريببرازوال بجرعة 5 مليجرام، الاريببرزوال دواء محفز جداً ويحسن من فعالية السيرترالين والأدوية المشابهة، يمكنك أن تتناوله وبعد أن تستشير طبيبك في مقترحي هذا.

بالنسبة لملاحظتك حول أن أمك مصابة بالذهان الباروني وهي تتعالج منه -أخي- ليس من الضروري أبداً أن تكون أنت في هذا الطيف المرضي أبداً، نعم نحن لا ننكر الدور الوراثي، لكن هذا الأثر بسيط وبسيط جداً فتوكل على الله ولا تنزعج لهذا الأمر أبداً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً