الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أكره زوجتي ولا أطيق الحياة معها ولا أعرف السبب، ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم.

تزوجت منذ سنة ونصف تقريبا، ولكن بعد الزواج مباشرة كرهت زوجتي، لكني لم أخبرها، وشعرت بحزن شديد في أعماقي، وصارت حياتي بلا معنى، كنت أعطيها حقها الشرعي، لكن كراهيتي لها ازدادت، وكانت حاملا في الشهر الخامس حينما قررت أن أبلغ والدي ووالدها بالأمر، وعرضت نفسي على رقاة، ولم يكن سحرا ولا مسا، فقررت أن أصارحها بعد سنة.

لقد تحملت زوجتي الكثير، فبعد الولادة أصبح كرهي لها شيئا لا يطاق، وهي تعرف ذلك، وتغيرت معاملتها معي ومع عائلتي، وبدأت المشاعر تتغير بعد الإنجاب، ولكني أصبحت لا أطيق ذلك.

أنا -الحمد لله- محافظ على صلواتي وملتزم دينيا وأخلاقيا، والآن كرهت الحياة وكل شيء حولي، ولم أعد أتحمل، وأريد أن أطلقها حتى أرتاح من الضغوط.

أرجو المساعدة من فضلكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
- قال الله وهو أصدق القائلين: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فالمودة والرحمة يقذفها الله في قلب كل من الزوجين بمجرد العقد حتى ولو لم يكن يعرفها أو تعرفه من قبل، ولا يمكن ألا يتحقق ذلك أبدا، غير أن ثمة أسبابا تجعل أحد الزوجين يبغض الآخر، فلا بد أن تنظر في الأسباب التي جعلتك تنفر من زوجتك، فإن لم يكن هنالك سبب فهذا يعني أن أمرا خارجيا قد طرأ عليك بعد الزواج مباشرة؛ لأنك لم تذكر تغيرا تجاهها قبل الزواج، وهذا يعني أنك كنت تودها وكونك ذهبت إلى بعض الشيوخ لا يمنع أن تبحث عن غيرهم من أهل الثقة والخبرة.

- أوصيك بالصبر ولا تتعجل باتخاذ القرار، وعليك أن تنظر إلى محاسن زوجتك فهي مجتهدة في إحسان تعاملها، وأنت لم تذكر فيها أي علة فلا ذنب لها بارك الله فيك.

- قد يجعل الله فيها خيرا كثيرا كما قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).

- فكر بولدك فهو الضحية الكبرى من الطلاق، وقد تندم أشد الندم إن اتخذت قرارا دون تأن، ففي الحديث: (التأني من الله والعجلة من الشيطان).

- أتوقع مع الأيام حين ترى ولدك ستتغير مشاعرك -بإذن الله-، ولذلك أوصيك بالصبر وأن تكثر من الدعاء أن يقذف الله في قلبك حبها فهو سبحانه مقلب القلوب.

- تحين أوقات الإجابة وانطرح بين يدي ربك سبحانه وسله أن يؤلف بين قلبيكما وأن يقذف في قلبك حب زوجتك وأن يبعد عنك أسباب هدم بيتك.

- أكثر من رقية نفسك صباحا ومساء واستعذ بالله من الشيطان الرجيم كلما أتتك مشاعر الكراهية؛ فإن للشيطان نصيبا في ذلك فإن أحب شيء إليه أن يفرق بين الزوجين وذلك بإشعال مشاعر الكراهية بينهما.

- عليك بمحاسبة نفسك والتوبة من الذنوب التي لا يخلو منها منا أحد، فإن للذنوب آثارا عظيمة منها أنها تورث الوحشة في النفس والنفور حتى من أقرب الناس إلينا، ومن أعظم الرزق الذي يرزقه الإنسان الحياة الطيبة فإذا حرم منها فإن ذلك قد يكون من أسباب تلك الذنوب يقول عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

- الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

- أكثر من تلاوة القرآن الكريم وحافظ على أذكار اليوم والليلة، فإن ذلك يجلب إلى قلبك الطمأنينة كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

- وثق صلتك بالله تعالى واجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فإن الحياة الطيبة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

- آمل أن تبعد عن ذهنك فكرة الطلاق، وتستفيد من الموجهات التي وضعتها بين يديك، وعسى الله أن يحدث بعد ذلك أمرا، وإن استجد جديد فلكل حادثة حديث.

نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في قضيتك هذه أو غيرها، ونسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلبيكما، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً