الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس في العقيدة وأحتاج لنصحكم.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

منذ عامين تقريبا كانت تأتيني وساوس وخطرات وأوهام وأفكار قبيحة متعلقة بالبارئ سبحانه وتعالى، فسألت وعلمت أنها لا تضرني ما دمت كارها مبغضا لها، فصبرت وأخذت أحارب هذه الأفكار والوساوس الباطلة، وعلمت أنه يجب أن أستعيذ بالله منها وأنتهي، فاستعذت بالله سبحانه وأخذت أبحث على الانترنت فوجدت أشرطة في العقيدة والتوحيد، وفي الحقيقة لم أتوقع زوال تلك الأفكار، ولكن بفضل الله زالت مع مرور الوقت تماما.

وأعجبني العلم، ومن حينها أصبحت أحب العلم جدا، وعرفت المنهجية في طلب العلم، وأنه لا بد من متن يحفظ، وشرح للمتن، وغيره، ولكن للأسف أنا في مكان ليس فيه شيخ.

المهم أخذت أطبع الكتب وأحفظ المتون، وبدأت أدرس العقيدة مثل ما ذكرتم: الأصول الثلاثة، والقواعد الأربع، وكشف الشبهات، ووقفت عند كتاب التوحيد وأنا أحفظ فيه الآن وأسمع شرحه.

ولكن حصل موقف مع أحدهم جعل هذه الأفكار والوساوس الباطلة الكفرية تعود لي مرة أخرى، وأنا والله أعتقد أنها باطلة وأبغضها والله يشهد علي، وأحاول أن أحاربها، ولكن هي عبارة عن فكرة أو خاطر سخيف يتكرر في ذهني مرارا وتكرارا، كأنه أصبح عادة لا يمكنني إزالتها، وأحيانا هناك كلام كفر يقال في صدري لا أريد قوله ولا أحبه، بل أبغضه وأتمنى أن أتقطع إربا لو قلته، وهذه الأفكار والله لا يمكنني أن أخبر أحدا بها لأنها أمور عظيمة وساوس كفرية عظيمة جدا.

لكني أريد أن أقول شيئا حتى أرتاح: وهو عندما علمت بأن الوسواس يأتيني في شيء معين خفت على نفسى أن أتأثر بهذا الشيء، فقرأت في كتب أهل العلم المتقدمين لأتعلم ردودهم على هذه الفكرة أو الخاطرة، حتى يزداد علمي ويقيني أنها باطلة أكثر، وينكشف ويتضح لي بطلانها أكثر فأكثر، وتعلمت منهم وازداد علمي ويقيني ببطلانها ولله الحمد والمنة.

أنا أعلم أني أخطأت بسبب هذا الموقف الذي فعلته مع أحدهم والله، ولكن أستغفر الله العظيم وأرجو أن يغفر لي ربي هذا الخطأ، وكله بقدر الله، وأعلم أن ما أصابني لم يكن ليخطئني، وما أخطأني لم يكن ليصيبني جفت الأقلام وطويت الصحف.

اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك وجميع خلقك، أنى أبغض هذه الأفكار الكفرية الباطلة، وأنا بريء منها.

أريد كلاما يطمئنني قليلا، فهل هناك تصرف خاطئ غير الموقف الذي أخبرتكم به؟ فأنا وحيد وليس معي غير ربي فقط سبحانه وتعالى، وأنتم سبب من الأسباب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، والجواب على ما ذكرت.

بداية نحمد الله تعالى الذي وفقك لطلب العلم، ونوصيك بالاستمرار عليه وابشر بخير.

وبخصوص الخلاص من الوسواس فأنت قد علمت كيف الخلاص منه، والتزمت بذلك في مرة سابقة، وحصل لك تحسن فيه، ولذلك إذا عاد إليك، فعد إلى نفس طرق الخلاص منه من الاستعاذة بالله من شره، ومن ترك التفكير به، وزد إلى ذلك إذا جاءتك الخواطر التي تصادم العقيدة، وكما قلت يصعب عليك أن تتكلم بها، فعليك أن تكثر من قول آمنت بالله ورسوله، أو آمنت بالله ورسله.

ثم اعلم -أخي الكريم- أن الذي يأتيك من خواطر شيطانية انت تعلم أنها لا تضرك ولا يؤاخذك الله عليها، ولا تأثم إذا جاءتك، وكونك تكره ذلك، ولا يمكن تتكلم به فهذا علامة على وجود الإيمان بالله في قلبك، وأن هذه الخواطر لن تؤثر في إيمانك.

فقد قال بعض الصحابة -رضي الله عنهم- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: " وقد وجدتموه؟" قالوا: نعم. قال - صلى الله عليه وسلم-: " ذاك صريح الإيمان " رواه مسلم وفي رواية: " سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الوسوسة. قال: " ذلك محض الإيمان " رواه مسلم.


ففي قوله صلى الله عليه وسلم: (ذلك صريح الإيمان ، ومحض الإيمان) قال النووي معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. فلهذا لا داع للخوف والقلق.

وهناك أمور لو حافظت عليها لذهب عنك الوسواس، مثل الإكثار من الذكر والمحافظة على الصلاة، وقراءة القرآن والاستغفار، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان؛ وتزول عنه الوسوسة.

قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه".

ومن طرق الخلاص من الوسوسة الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصِدق وإخلاص، كي يُذهِب عنك هذا المرض.

ثم أعلم -أخي الكريم- أن الوسواس قد يكون له سبب إما مرض نفسي وتحتاج إلى مراجعة الطبيب المختص، أو قد يكون لديك مرض العين أو المس، فإن الوسواس قد يكون من أعراضه، فعليك بالمداومة على قراءة الرقية الشرعية من قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات.

وأما ما ذكرت من موقف حصل مع أحدهم، ثم ندمت على ما جرى وتبت إلى الله ، فالله كريم يقبل التوبة عن عباده، وهو قد سترك، وهو أيضا يقبل توبتك ويعفو عنك، فلهذا لا داع للقلق والتفكير في الأمر واجتهد في إدخاله طي النسيان، واقطع التفكير به، وإذا ما طرأ لك شيء من التفكير فيه، فعليك بكثرة الاستغفار، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله، وسيذهب عنك ما تجد بإذن الله تعالى.

وللفائدة راجع علاج وساوس العقيدة سلوكيا: (263422 - 283543 - 260447 - 265121).

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا ميدو

    كثير من الناس تجيهم لا تفكر فيها خل علاقتك في الله قوية وهي تروح من حالها وتاكد ان هذي وساوس فقط

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً