الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأنيب الضمير والوساوس بعد الحادث تنغص حياتي، فهل تساعدونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أحمد من العراق، وعندي سؤال للشيخ.

قبل أسبوع كنت أقود سيارتي بسرعة أقل من 100km، وقمت باجتياز شاحنة كبيرة، وكان هناك سيارة قادمة، وعند اجتيازي للشاحنة قمت بمضايقة صاحب السيارة، وسيارته خرجت قليلا عن الطريق، -الحمد لله- مر الأمر على خير ولم يحدث اصطدام.

أكملت طريقي وبدأت تأتي لي أفكار وشكوك وخيالات بأنني تسببت بمشكلة ما، أو حدث مكروه ما، أو أن السيارة انقلبت، أو أي شيء آخر، وبسبب التفكير عدت إلى مكان اجتيازي للسيارة بعد 15دقيقة لأطمئن, وتأكدت من عدم حدوث شيء -الحمد لله-، ولم أجد شيئا وتأكدت لأكثر من مرة.

علما أن المكان الذي حدث فيه الموقف في نفس منطقتي التي أسكن فيها، ويبعد 1 كيلو عن منزلي، ولم اسمع عن أي سيارة حدث لها شيء، وذهبت لشخص منزله قريب على المكان الذي حدث فيه الموقف وسألته، وقال بأنه لا يعرف ولم يسمع عن حادث وقع، أو سيارة انقلبت.

مشكلتي بأن الأفكار والخيالات سيطرت على تفكيري تماما، وتأنيب الضمير والتفكير يكاد يقتلني، علما أنني مصاب بالوسواس القهري منذ القدم، وقبل 6 أشهر زرت الطبيب وأعطاني دواء انافرانيل 75، والحادث ضاعف من أعراض المرض، وازدادت لدي الوساوس، ودخلت في دوامة الأفكار والقلق، وأظل أفكر بالموقف طوال اليوم، وأصبت بالاكتئاب، وحياتي تحولت إلى عذاب، تركت أصدقائي وعملي، وأصبحت وحيدا وعاجزا عن فعل شيء.

أرجو منكم الحل والإجابة، وماذا أفعل؟

شكرا لكم ووفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

من الواضح -أيها الفاضل الكريم- أن الضمير وحسن الخلق لديك مرتفعاً، والذين يتمتعون بإحترام الفضائل يصابون بهذا النوع من الوساوس، والذي حدث لك بالفعل هو وسواس قهري وليس أكثر من ذلك، ويظهر أن نفسك اللوامة تسلطت عليك بقوة وشدة مما أدى إلى الحالة التي أنت فيها.

يا أخي: اطمئن أنت بخير و-إن شاء الله- على خير لم يحدث أي مكروه لأحد، فحاول أن تحقر فكرة الخوف والوسوسه، وتقول لنفسك أنها لا أساس لها أنها وسواس، أنا حساس، أنا أضخم الأمور وهكذا.

عش حياتك بصورة طبيعية، وعليك بتجنب الفراغ الزمني والفراغ الفكري، اشغل نفسك، قم بواجباتك الاجتماعية على أحسن ما يكون، وقدم صدقة حتى وإن كانت صغيرة هذا يعطيك الشعور بالاطمئنان، لأن فعل الخيرات يضعف تماماً تأنيب الضمير وجلد الذات الذي يكون أساسه الوسوسة.

بالنسبة للعلاج الدوائي أخي: أقول لك أن الأنفرانيل دواء ممتاز، لكن من الأفضل أن تبدأ بـ 25 مليجرام يومياً، وفي الأسبوع الثاني تجعلها 50 مليجرام، ثم تجعلها 75 مليجرام، وقد تحتاج أن ترفع الجرعة إلى 150 مليجرام يومياً، لأن هذه الجرعة المضادة للوساوس، لكن ربما يصعب عليك تحمل الدواء حين تصل لهذه الجرعة، لأنه يؤدي إلى جفاف في الفم وإمساك في بعض الأحيان وثقل في العينين، لكن بما أنك صغير في السن إذا تناولته بالتدريج لا أعتقد أن ذلك سوف يحدث لك.

توجد أدوية بديلة للأنفرانيل آثارها الجانبية قليلة جداً، وإن أردت أن تستبدله فالعقار الأفضل لك سوف يكون هو سيرترالين، هذا هو اسمه العلمي، وتجارياً يسمى زوالفت أو لسترال، وربما تجده تحت مسميات أخرى، الجرعة هي أن تبدأ بـ 25 مليجرام نصف حبة ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلها 50مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلها 100 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى 50 مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم 25 مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم 25 مليجرام يوم بعد يوم لمدة أسبوع آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، هذا دواء رائع ومدة العلاج قصيرة جداً في حالتك والجرعة أيضاً ليست بالكبيرة، وأنا على ثقة تامة أنه سوف يفيدك كثيراً، هذا هو الذي أود أن أنصحك به.

اسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً