الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما شفيت من الوساوس عادت وبقوة، فكيف أتخلص منها نهائيا؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب جزائري عمري 27 سنة، مشكلتي مع الوسواس بدأت قبل ما يقارب 12سنة، أول وسواس جاءني هو الخوف من الموت، وكنت دائما أتخيل نفسي أموت وسبب لي هذا التفكير مشاكل وعزلة عن المجتمع، لكن -بعون الله- ومساعدة أمي شفيت تماما من هذه الحالة، بعدها بعام تقريبا جاءني وسواس الخوف من مرض الإيدز، وسيطر علي توهم المرض وتخيل أعراض الإيدز، ونفس الحالة كالتي من قبل دخلت في اضطرابات وقلق ومخاوف، لكني -الحمد لله- تخلصت منها.

بعدها بعام يعني 2008 بدأت قصتي مع وسواس الخوف من المرض النفسي والجنون بعد مشاهدتي لعمي وعمتي اللذان يستخدمان أدوية نفسية، وسيطر هذا التفكير المزعج على حياتي، لكني -بفضل الله- ورغم هذا التفكير والوساوس حصلت على شهادة الدخول للجامعة بتفوق، والتحقت بكلية المحروقات في 2010، وبقيت الحالة دائما معي، لكن كانت أمي دعما وسندا لي حتى سنة 2012 حين شاء الله أن يقبض روح أمي، شعرت بحزن شديد وخوف من مستقبلي مع الوساوس، لكن -الحمد لله- أكملت دراستي في 2015 وحصلت على مهندس في النفط.

خلال هذه الفترة تحسنت وقاومت التفكير في المرض النفسي، حتى شهر اكتوبر 2016 رزقني الله بوظيفة محترمة في شركة بترولية، بعد حصولي على العمل بثلاثة شهور ونظرا لطبيعة العمل في الشركة والفراغ الرهيب ( نصف ساعة عمل فقط في اليوم )، في هذا الفراغ عاودني الوسواس والخوف من المرض النفسي، وساءت حالتي الصحية بعد إصابتي بقرحة معدية، لكن تحسنت بعد عدة حصص من الرقية.

بعدها تحسنت حالتي الصحية والنفسية، وتقدمت لخطبة فتاة -والحمد لله- تمت الخطوبة وكل شيء جيد.

لكن قبل شهر ونصف تعرض زميلي في العمل لأزمة نفسية واكتئاب وقلة نوم، وكان دائما يشكو لي، وأنا اخفف عنه وأهدئه، لكن في ليلة من الليالي لم أستطع النوم، وفجأت قفزت الوساوس القديمة إلى رأسي، وأصبحت يومها أفكر هل عاودتني الحالة؟ هل سأمرض نفسيا حقا كعمي وعمتي؟ هل سأضطر لاستخدام أدوية؟ هل سأعيش حياة زوجية عادية في ظل هذه الأفكار؟ وهذه الأفكار كان تقلقني وتشعرني بالضيق والحزن، وأشعر أحيانا بأني أصبحت لا أسعد بالأشياء التي كانت تسعدني .

حضرت جلستين مع طبيبة نفسية دلتني فيها على كيفية التنفس والإسترخاء، خلال وبعد الجلسة بمدة وجيزة أشعر بتحسن، لكن بعد فترة تعود الأفكار لتهجم علي .

أنا الآن في انتظار الجلسة الثالثة، وأقول في نفسي هل الطبيبة ستعطيني أدوية وأصبح مداوم عليها؟ وكيف ستصبح نظرة الناس لي كشخص مريض نفسي؟ وتأتيني أفكار أنه حتى رغم استخدامي للأدوية لن أتحسن!

هذه هي حالتي، مع العلم أني متماسك إلى حد الآن بوقوف أبي وخطيبتي إلى جانبي، وحياتي الاجتماعية طبيعية، ولكني أخاف من الانهيار في أي لحظة، أشيروا علي، جزكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ zidane حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الوسواس القهري قد يأخذ أشكالاً مُتعددة، وقد يأتي في شكل مُعيَّن مُحدَّد، وقد يتغيَّر شكل الوسواس في الشخص نفسه من وقتٍ لآخر، وهذا ما حدث معك – أخي الكريم – في الأول – كما ذكرتَ – كان وسواس الخوف من الموت، ثم الخوف من مرض الإيدز، ثم الخوف من المرض النفسي، وهذا ما استمرَّ معك – أخي الكريم - .

الشيء الآخر: دائمًا الوسواس القهري حتى بدون علاج قد تختفي الأعراض ويعيش الشخص حياة طبيعية، وأحيانًا قد ترجع الأعراض أو تزداد إذا حصل للشخص حادث ما في حياته، مثل وفاة عزيز عليه، أو الذهاب والانتقال إلى منطقة أخرى، وهكذا، وهذا ما حصل معك بالتحديد عند وفاة الوالدة في الأول، والآن عند حدوث مرض نفسي لصديقك – أخي الكريم – وطالما أنت الآن -الحمد لله- تجد دعمًا كاملاً من والدك وخطيبتك، ولكنك تحتاج إلى علاج – أخي الكريم – وعلاج الوسواس القهري هو إمَّا أن يكون علاجًا دوائيًا، أو علاجًا سلوكيًا معرفيًّا، والأفضل الجمع بين الاثنين أخي الكريم.

فما عليك إلَّا أن تقابل طبيبًا نفسيًا لتبدأ معه العلاج الدوائي، حتى تتخلص من هذا الوسواس بصورة نهائية، وتعيش حياة طبيعية، والأفضل أن تجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي، لأنك – يا أخي الكريم – بهذا لا تحتاج إلى أدوية كثيرة، وعندما تريد التوقف من الدواء لا ترجع لك الأعراض مرة أخرى.

واضح من طريقة شخصيتك وتعاملك مع الوسواس أنك من الأشخاص الذين – بإذن الله – يستجيبون للعلاج السلوكي المعرفي.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً