الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أصلي بشكل صحيح بسبب الوساوس، ساعدوني!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة أعاني من الوسواس منذ ما يقارب من سبع سنوات، حاولت وجاهدت نفسي للتخلص منه، لكنه يخف ثم يعود، الآن مشكلتي بالصلاة، خاصة قراءة الفاتحة، حيث يرتبط لساني ولا أستطيع قراءتها، وأقرأ آية آية بعد فترة طويلة، وأحيانا أقطع الآية الواحدة نصفين، ولا أستطيع قراءتها رغم رغبتي بذلك، وإن حاولت قراءتها بشكل سريع أشعر بأن قراءتي خاطئة وأتوتر، وأشعر برجفة داخلية.

بعد أن أصابني الوسواس أصبحت أدخل الخلاء كثيرا وباستمرار؛ مما يزعجني كثيرا؛ حيث تخرج مني الغازات مع أصوات في البطن باستمرار، فأصبحت لا أستطيع الوضوء بسبب ذلك، وأشعر بالتوتر، حيث أخاف أن تكون تلك الأصوات من مبطلات الوضوء والصلاة، وأخاف أن يحاسبني الله، أو لا يقبل صلاتي.

أتوقف بالصلاة كثيرا ولا أصليها بشكل صحيح، وأخجل أن أصلي أمام أحد، ولا أستطيع أن أصلي في الجامعة، لأنني لا أصلي بشكل سريع، وأخاف أن ينتبه علي أحد، وغير ذلك لا أطيل في الوضوء، ولا أكترث لكل ما يخرج مني، وهذا ما يتعبني، فكل وقت خروجي يكون البراز يزاحمني، ويؤلمني، ولا أجلس براحة أثناء المحاضرة، وتزيد تلك المضايقات عند الوضوء؛ لذلك أقوم بتأجيل صلاتي حتى العودة للمنزل، وأقضيها إذا تأخرت عنها، فهل أنا محاسبة؟

أحمل الهم أن يؤذن للصلاة وأنا ما زلت أتوضأ، لأنني أطيل الوضوء، لدرجة أن الماء الذي بوجهي ينشف وأنا ما زلت لم أنهِ الوضوء، ومع ذلك لا أعيد الوضوء وإن نشف أي عضو، هل خروج الأصوات والغازات يكون بسبب التوتر، وهل علي إعادة الوضوء والصلاة؟

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ماريا حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

بالفعل لديك وساوس متشعبة بعض الشيء، هنالك وساوس أفعال، وهنالك وساوس أفكار، وهنالك مخاوف وسواسية، والوساوس دائمًا تكون على هذه الشاكلة في معظم الأحيان.

الوسواس يُعالج من خلال التحقير، والتجاهل، وعدم اتباعه، هذا يتطلب إرادة قوية، وأرجو ألا تخوضي في نقاش الوسواس، والوسواس بما أنه سخيف ومستحوذ، ويفرض نفسه على الإنسان؛ فالعلماء -جزاهم الله خيرًا- أفتوا بأن صاحب الوساوس من أصحاب الأعذار، فلا حرج عليك -إن شاء الله تعالى-، لكن هذا يجب أن يكون دافعًا لأن يُعالج الإنسان الوسواس، فأنا أنصحك بالذهاب لمقابلة طبيب نفسي، والأردن بها الكثير من الأطباء المتميزين.

العلاج الدوائي سيكون مفيدًا جدًّا في حالتك، هنالك عقار يعرف باسم (فافرين)، وهنالك عقار آخر يعرف باسم (زولفت)، وهنالك ثالث يُعرف باسم (بروزاك) وغيرها، كلها أدوية مفيدة وفاعلة وممتازة جدًّا، سوف تُقلِّص كثيرًا من الفكر الوسواسي، وسوف يقلّ لديك القلق حتى يختفي تمامًا، ومن ثمّ تتمتعين -إن شاء الله- بنعمة الصحة والعافية، فأنا أنصحك بعدم التردد في قبول العلاج الدوائي.

وفكرة العلاج الدوائي ناتجة من أن العلم قد أثبت أن كيمياء الدماغ تتغيَّر في حالة حدوث الوساوس القهرية، وربما يكون هذا التغيُّر هو السبب، أو يكون ناتجا من الوسوسة، هنالك مواد تُسمَّى بالموصِّلات العصبية، يأتي على رأسها مادة تُسمَّى (سيروتونين) هي التي يحدث عدم اتزانٍ في إفرازها، لذا تحدث الوسوسة بجميع أنواعها، وحين يتناول الإنسان الدواء وبالجرعة المطلوبة، وبالصورة الصحيحة ترجع المسارات الكيميائية الدماغية إلى وضعها الطبيعي؛ ممَّا يؤدي إلى زوال الوسواس -إن شاء الله تعالى-.

بالنسبة لموضوع قراءة الفاتحة: أرجو أن تُدربي نفسك وتُسجّلي قراءتك؛ فالتسجيل والاستماع لما سُجِّل يعطي الإنسان ثقة كبيرة جدًّا، وغالبًا ما يكون مستوى الأداء أفضل ممَّا تتصورين، هذه إحدى الطرق التي وجدناها مفيدة جدًّا.

تحديد وقت المكوث في بيت الخلاء أيضًا مهم جدًّا، ويجب أن تكون المدة مُحددة، وكذلك كمية الماء، ضعي الماء في إبريق أو في إناءٍ ولا تستعملي ماء الصنبور، على الأقل في فترة العلاج، واعرفي أن الإسراف مذموم؛ بهذه الكيفية تتخلصين تمامًا -إن شاء الله تعالى- من هذا الوسواس، أكرِّر أن العلاج الدوائي مهم وضروري وشاف -بإذن الله تعالى-، ولا شفاء إلا من الله، وأُمرنا أن نأخذ بالأسباب، (فتداووا عباد الله).

طوري حياتك بصفة عامّة لتكون أكثر إيجابية، وذلك من خلال حسن التواصل الاجتماعي، القراءة والاطلاع، التطور الفكري، ممارسة شيء من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، هذا كله فيه فائدة وخير كثير للإنسان، وعليك أيضًا أن تكوني إنسانة فاعلة في حسن إدارة وقتك، وكذلك أنشطتك الأسرية، هذا كله يُحاصر الوسواس تمامًا بل يقضي عليه.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً