الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب عدم التوفيق في حياتي وعملي؟ وما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا شاب، عمري 26 سنة، عازب، ارتكبت معاصي كبيرة في السابق، ولكن رب العالمين أبعدني عنها - والحمد لله-، ولم أتعلق بأي من المعاصي التي ارتكبتها.

غادرت بلدي بسبب الحرب، واستقريت في تركيا، وأعمل وأسعى لرزقي، لكن الديون تراكمت علي، وأصبحت هما يلازمني في الليل والنهار، أصبحت أجلس وحيدا وأبتعد عن الناس لشدة همي، أصابني فقر شديد، والهموم لزمتني من كل جانب، أستغفر الله كثيرا وأسبحه في الليل والنهار، وأتصدق متى ما استطعت ذلك، وأصلي، أتوسل لله في الدعاء كثيرا، وفي بعض الأحيان أصلي قيام الليل، وأتوسل بالدعاء.

أكرمني الله بعمل، لكنه أبدا لم يغط أيا من ديوني، والدائنين يطرقون بابي.

وفي عملي الجديد يلم أجد التوفيق، فقد فيكون الزبون قد هم على الشراء، وتقوم إدارة الشركة بإرسالي لإتمام عملية البيع مع الزبون، فلا أوفق في البيعة أبدا رغم أنني أملتك أسلوبا في البيع، ولست فظا مع العملاء، وتجد العملاء مسرورين مني، لكن يوجد لا أجد التوفيق من الله.

أرجو أن تجدو لي حلا يفرج الله به همومي، ويرزقني ما أقضي به ديوني، وأكمل به حياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ TEM حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد سرتني أوبتك وعودتك إلى الله سبحانه وتعالى بعد أن ارتكبت الكثير من المعاصي حسب تعبيرك، فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً أن جعل من أسمائه الحسنى العفو الغفور، فابتعادك عن المعاصي دون أن تجد تعلقاً قلبياً بها محض فضل من الله سبحانه وتعالى.

ولكن استوقفني في رسالتك قولك: يوجد عدم توفيق من الله!!

أذكرك بقوله تعالى: قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الآية 30 - سورة الشورى- )، وهل في الدنيا والآخرة شرور وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟!

اعلم أن الله سبحانه وتعالى يفتح لعبده أسباب النجاح والتوفيق إن أخذ بالأسباب، وبعد ذلك يأتي التوكل على الله سبحانه وتعالى.

فالحزن والانعزال عن الناس لا يجدي نفعاً، ولا يقضي ديناً، ولا يُهديك نجاحاً، لذا أنصحك أن تعالج الموضوع بعقلانية ، وأن تقوي إيمانك وثقتك بالله وتنطلق للأخذ بالأسباب.

أما على مستوى العمل: فقد ذكرت أنك تملك أسلوباً جيداً في التعامل مع العملاء، ولكن ربما يكون هذا من وجهة نظرك، ولكن ما يرتجيه العملاء ويبغونه خلاف ما تملك، لذا أنصحك هنا بتنمية مهارات التواصل الفعال مع الآخرين، من خلال القراءة والاطلاع على خبرات وتجارب الآخرين، وحضور الندوات والدورات، على النت، وتدوين الأفكار التي تتعلمها، ومن ثم تحاول أن تطبقها في مجال عملك، كما أن هناك شيئاً مهما وهو أن النجاح في مجال ما، يتحقق بدرجة عالية من خلال محاكاة شخصية ناجحة ومتميزة في المجال نفسه، لذلك أنصحك أن تتعرف على الشخصيات الناجحة في عملك وتتقرب منها وتسألهم عن سر النجاح في العمل وتتعلم منهم بمراقبة سلوكهم، وطريقة تعاملهم، وأساليبهم في التحدث وجذب الزبائن، وما إلى ذلك ومن ثم عليك أن تجرب وتطبق ذلك.

كما أن من أسباب الفتوح والتوفيق في العمل رضا الوالدين، فإن كنت بعيداً فاحرص على نيل برهما والتودد إليهما من خلال التواصل اليومي معهما، واطلب منهما الدعاء.

ومن أسباب الفتوح والتوفيق: المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وحبذا أن تكون في جماعة، والجلوس بعد صلاة الفجر، والذكر والتسبيح قبل طلوع الشمس وقبل الغروب.

روى ذلك أصحاب السنن الأربعة وابن حبان في صحيحه، أنه صلى الله عليه وسلم مر على ابنته فاطمة رضي الله عنها وهي مضطجعة وقت الصباح، فقال لها: “يا بنية قومي اشهدي رزق ربك، ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس” رواه البيهقي. وقال صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الطبراني في الأوسط: “باكروا الغدو -أي الصباح- في طلب الرزق، فإن الغدو بركة ونجاح"، وذكر علماؤنا أن من أسباب السعة في الرزق أيضاً كثرة الاستغفار.

فقد شكا رجل إلى الحسن البصري الجدب، فقال له: عليك بالاستغفار، وشكا آخر الفقر، فقال له: عليك بالاستغفار، . وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له: عليك بالاستغفار، وشكا إليه رجلٌ جفاف بستانه، فقال له: عليك بالاستغفار، فقالوا له في ذلك: أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار. فقال: ( ما قلتُ من عندي شيئاً، إن الله تعالى يقول في سورة نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً...

أما قضاء الدين: فإليك هذا العلاج النبوي:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: ((يَا أبا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟)) قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ الله عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟))، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ، قَالَ: ((قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ))، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي)). أخرجه أبو داود.

أسأل الله أن يرزقك التوفيق والسداد، ويمن عليك من خيري الدنيا والآخرة اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً