الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أرغب أن أبدأ حياتي الزوجية بوسواس الطهارة، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أطرح بين يديكم مسألتي لإفادتي بالرأي والتوجيه الصحيح.

أنا شاب أسعى للزواج، -وبفضل الله- ارتبطت بفتاة كانت كما أحب في كل أمورها، أحببتها بصدق، وبعد سبعة أشهر من الخطوبة تفاجأت برسالة بها كلمة غرامية على جوالها، من أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فرأيت ذلك وانهرت تماما من شدة الصدمة، وهي كذلك، وأخذت في البكاء الشديد، وقالت: إنها لا تعرف هذا الشخص أبدا، وحلفت لي بكل شيء، بل قالت: خذ الجوال معك الفترة التي تريدها.

لم أستطع التصرف معها ذلك الوقت لشدة الصدمة، وقوة الموقف، فأخذت رقم ذلك الشخص وخرجت من عندها، وعند وصولي للبيت أصبت بحالة انهيار شديدة، لأنني لم أتوقع أبدا أن يبدر منها هذا الشيء، ورغم بكائها وحلفها لي، استطعت التواصل مع الشخص ذاته، وأبلغني بأن حسابه مخترق، وأنه لا يعرفها، وحلف على ذلك، وبكى أيضاً لأنني ظلمته بهذا الشيء.

في اليوم التالي استجمعت قواي وعدت لها لكي أصارحها بما فعلت، ولكي نبدأ صفحة جديدة، لأنني أحبها جداً، ولا أستطيع الابتعاد عنها، ولكن الشك وعد التصديق ما زال يلازمني، وعندما أسمع صوتها أتذكر الموقف وأنهار من جديد، ولا أعلم هل هي مظلومة أم لا؟

كما أنني أعاني من الوسواس القهري في الطهارة، أقاومه أحياناً وأتغلب عليه، وأحياناً أخرى لا أستطيع، فما علاجه؟ لأنني لا أرغب أن أبدأ حياتي الزوجية بهذا المرض.

أفيدوني بما ترون فيه الخير والصلاح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الشهري حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أخي: الشك في مثل هذه الأمور، وما أوردته في رسالتك هو أمرٌ لا نفضِّلُ أبدًا أن يخضعه الإنسان للتحقيق الدقيق والممل؛ لأن التحقيق بالطرق ذات الطابع البوليسي تزيد من الشكوك، وتزيد من الظنانيات، وأقول لك -أخي-: يجب أن تُحسن الظن؛ لأن الظن أكذب الحديث، ولأن بعض الظن إثم، ولأن الظن لا يغني من الحق شيئًا، هذا هو المبدأ، المبدأ الإسلامي السامي، والمبدأ الحياتي الرفيع، وأنا أعرف أن الفكرة تخترق كيانك، خاصَّة أنك تحدَّثتَ أنك مُصابٌ بوسواس قهري في الطهارة، والوسواس القهري حتى وإن كان في الطهارة تشعباته تجعلك أكثر شكوكًا.

فإذًا أخي الكريم -ودون أن أكون مُجحفًا في حقك- أعتقد أن ميولك الوسواسية هي التي أصَّلتْ هذا الشك، وعلاجه أن تُقْدِم على الزواج، علاقتك بهذه الفتاة أرى أنه يجب أن تنتهي بالزواج، فالزواج سوف يُوثِّق من علاقاتكما، الزواج فيه نعمة عظيمة، فهو حفظ لك ولها، والمرأة حين تكون في عصمة رجلٍ تكون أكثر وفاءً، حتى وإن كان في ماضيها شيء من التواصل هنا وهنا.

لا أتهم هذه الفتاة بشيء من هذا أبدًا، وقطعًا لا أستطيع أن أنفي لك، لكن قرائن الأحوال وما ذكرته يجعلني أقول لك: يجب أن تُصدِّقها، وفي ذات الوقت وبواقعية شديدة خلفيتك الوسواسية لن تتركك تهدأ وتهنأ وتكون في سلامٍ مع ذاتك، هذه الاجترارات الفكرية سوف تأتيك، لكن أرى أن الزواج سوف يقطعها.

وبالنسبة لعلاج وساوس الطهارة -أخي الكريم-: ابن على اليقين، حقّر الوسواس، حدِّد كمية الماء للوضوء، لا تتوضأ من ماء الصنبور أبدًا، وبالنسبة للغسل حين الاحتلام مثلاً: أيضًا حدِّد كمية الماء، هذا علاج ناجع، وعلاج ممتاز جدًّا، وأنصحك بتناول أحد الأدوية الممتازة لعلاج الوسواس القهري، العقار يُسمى (بروزاك) واسمه العلمي (فلوكستين)، وأعتقد أنه سوف يفيدك حتى في موضوع الظنان والشكوك التي تنتابك الآن حول الفتاة، جرعة الفلوكستين هي: أن تبدأ بعشرين مليجرامًا يوميًا، (كبسولة واحدة)، تتناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولتين يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

البروزاك دواء رائع، دواء معروف، ودواء سليم، ودواء فاعل، نسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك وجزاك خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً