الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من تلعثم وانهيار عند الغضب، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أصبت بتلعثم في كلامي، وانهيار أصابعي عند الغضب والامتحانات، وفي موقف معين، وعند ضرب الإبر لمريض، فما نصائحكم وإرشادتكم؟

دمتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

رسالتك مختصرة ومقتضبة، لكنها تُعبِّر عن الصعوبات التي تواجهها، وهي التلعثم في الكلام، وغالبًا هذا يكون عند المواجهات، وأعتقد أنك تقصد بالانهيار العصبي نوعا من الفورة النفسية السلبية التي تجعلك تفقد السيطرة على الموقف، خاصة عند الغضب وأداء الامتحانات، أي عند المواقف التي فيها انفعالات، وكذلك تأتيك مخاوف عندما تُشاهد ضرب الإبر لمريضٍ أو تقوم به إن كنت تعمل في هذه المهنة، وأنت لا تعمل في هذه المهنة؛ لأنك محاسب .

نصائحنا لك – أيها الفاضل الكريم – أولاً: من الناحية التشخيصية: من الواضح أنك شخص قلق، لديك ميول نحو المخاوف، وربما يكون لديك أيضًا صعوبة في التحكم في انفعالاتك، وهذا هو الذي يؤدي إلى الغضب. هذه كلها تأتي في بوتقة واحدة، وهي بوتقة القلق النفسي السلبي، هذا القلق النفسي يجب أن يُحوّل إلى قلقٍ إيجابي، والقلق النفسي الإيجابي هو الذي يُحفِّز الإنسان على الانتباه، على اليقظة، على الاندفاعية الإيجابية، على الفعالية، على الإنتاجية. يجب أن يكون قلقك على هذه الشاكلة، مجرد حديثك لنفسك وبناء فكرٍ جديد لتوجيه هذا القلق سوف يُساعدك.

الأمر الآخر: يجب أن تكون مُعبِّرًا عن ذاتك، لا تحتقن أبدًا، التفريغ النفسي الإيجابي وسيلة ممتازة جدًّا لأن يكون الإنسان مسترخيًا وفي راحة تامة من البال، النفس لها محابسها التي يجب أن نفتحها ونفرِّغ ما بداخل النفس من خلال حسن الخلق ومكارم الأخلاق والتعبير المنضبط والمؤدب والذوق، والنصح للناس، وأن تكون دائمًا الكلمة الطيبة على ألسنتنا، هذا – أيها الفاضل الكريم – يؤدي إلى تطويع النفس وتهذيبها وتأديبها مما يجعلها متوازنة الانفعال.

الغضب تتعامل معه من خلال ما ورد في السنة المطهرة، وما ورد في السنة هو قوله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة ناصحًا له: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، وقوله: (إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وحين تستشعر الغضب في بداياته غيِّر وضعك، إن كنت جالسًا فقم، وإن كنت قائمًا فاجلس، وإن كنت جالسًا فاضطجع على شقك الأيمن، أو قم فتوضأ لأن الوضوء يُطفئ نار الغضب، والغضب من الشيطان، والشيطان خُلق من مارجٍ من نار، ثم اتفل على شقك الأيسر ثلاثًا.

هذه الأمور التي وصَّى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- من أعظم أمور صرف الانتباه عن الغضب، وجرّب ولو لمرة واحدة هذه الأمور، ويا حبذا لو صلَّيت ركعتين خفيفتين عند ثوران الغضب، هنالك من اتخذ هذا العلاج السلوكي النبوي المعرفي وطبَّقه لمرة أو لمرتين ثم أصبح نهجًا له حين يأتيه الغضب، أي أن الغضب يُجهض ويقف عند حدّه لمجرد تطبيق أحد هذه الأمور.

عليك – أيها الفاضل الكريم – أن تُمارس الرياضة، الرياضة تُساعد في إزالة التلعثم، وتساعد على طلاقة اللسان، وإزالة الانفعالات السلبية، وكذلك التحكم في الغضب.

بالنسبة لموضوع ضرب الإبر للمرضى: أكثر من زيارة المرضى، وشاهد هذه الإبر، والمحاليل التي تُركب للمرضى، هذه كلها خيرات، هذا علاج، انظر للأمور بإيجابية.

سيكون من المفيد أيضًا أن تتناول أحد مضادات القلق، وهي كثيرة جدًّا، عقار مثل (دوجماتيل) والذي يعرف علميًا باسم (سلبرايد)، سوف يفيدك جدًّا، تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.

التلعثم في الكلام علاجه في أن تتكلم بهدوء، وأن تُدرب نفسك على الاسترخاء، وتعلَّم نفسك وتدربها تلاوة القرآن الكريم، وتتعلم مخارج الحروف ومداخلها على يد معلِّم للقرآن، هذا علاج ناجع إذا التزمت به.

تمرين آخر: هو أن تقوم بتحضير بعض المواضيع، بعد أن تقرأها، ثم تقوم بإلقائها وأنت لوحدك في غرفة هادئة، وقم بتسجيل ما تقوم بإلقائه وقراءته، وقم بعد ذلك بالاستماع إلى ما قمت بتسجيله، وسوف يتضح لك مواقع التلعثم إن وُجدتْ، علمًا بأنه اتضح تمامًا أن الإنسان سوف يكتشف أنه لم يتلعثم، أو إذا تلعثم تلعثمًا ما سيكون من درجة بسيطة جدًّا، وهذا يُحفّز الإنسان تحفيزًا كبيرًا، وفي حالة وقوع أي تلعثم فيما قمت بتسجيله يجب أن تُعيد التسجيل مرة أخرى لنفس الفقرة، وتقوم بالاستماع إليها، وسوف تجد أنك -بفضلٍ من الله تعالى- أصبحت أكثر طلاقة ولا يُوجد تلعثم أو تأتأة.

في حالة وجود تلعثم في التسجيل الأول مثلاً - أو إذا كنت تستشعر أنك تتلعثم في حروف معينة مثل الراء أو الثاء أو الظاء أو الذال أو الغين - فقم بوضعها في كلمات - في أول الكلمة، وكذللك في وسط الكلمة، ثم في آخر الكلمة - خمسين كلمة مثلاً، وقم بترديد هذه الكلمات مرارًا وبصوتٍ واضح، ويمكنك أن تسجّل ما قمت بترديده، وبذلك يتعود اللسان عليها ويكون نطقها سهلاً جدًّا، ويختفي التلعثم -إن شاء الله تعالى-.

إذا سألنا أنفسنا متى يتلعثم الإنسان؟ يتلعثم حين لا يُجيد نُطق الكلمة من مخارج حروفها، وإذا نطق الكلمة بمخارج حروفها صحيحة وبالضمَّة وبالكسرة وبالفتحة وبالشدّة وبالسكون وأتقن حركة الإعراب؛ يكون قد حلَّ عُقدة لسانه وَفَقِهَ الناس كلامه، مصداقًا لدعاء موسى عليه السلام: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمره * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي}.

أرجو أن تأخذ بكل ما ذكرناه لك من توجيهاتٍ وإرشاداتٍ ودواء، وفي نهاية الأمر -إن شاء الله تعالى- تصبّ الأمور في مصلحتك وينطلق لسانك ويزيل غضبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

نشكرك على تواصلك مع موقع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يمتعك بالصحة والعافية في الدين والدنيا والآخرة!

بالنسبة لسؤالك حول التلعثم تم الإجابة عنه سابقا؛ لذلك نحيلك على: (2121692-2182889) حيث أن في هذه الاستشارات الدواء الشافي -بإذن الله تعالى-.

وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً