الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أميز بين المرض الروحي والنفسي؟ وما هو الفرق بينهما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على الرد، وعلى حسن تشخيصكم.
عمري (20) سنة، أنا خائفة من أخذ أي أدوية لهذا المرض النفسي، ومتخوفة جداً من الآثار الجانبية، ولست مرتاحة أبداً؛ بسبب ما أراه وأسمعه من مستخدمي هذه الأدوية، وعائلتي وأمي بشكل خاص ترفض استخدامي لهذه الأدوية، فهي تظن بأنها ستضرني أكثر مما تنفعني، أرى بأنني تحسنت قليلاً -الحمد لله- وكل ما يرهقني في الفترة الأخيرة هو تفكيري في المستقبل، وترقبي المخيف لما سيحصل في الأيام القادمة.

أعيش متوترة وأترقب سماع خبر سيء أو شيء غير جيد، وأتخيل نفسي لو أنني مت، ووقت الحساب، وأهوال يوم القيامة، وردة فعل أهلي، علما أنني أعاني من نقص فيتامين (د).

سؤال جانبي: الشموخ التي ظهرت في جسدي بعد الغسل بالسدر، والدهان بزيت الزيتون المقروء هل به دلالة على أمر معين؟

علماً بأن الآثار ما زالت موجودة، وكيف أميز بين المرض الروحي والمرض النفسي؟ وما هي علامات المرض الروحي، وهل الوسواس من علاماته؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابتسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن نقدِّر رأيك ورأي أسرتك فيما يتعلق بالأدوية، وإذا استطاع الإنسان أن يتحسَّن ويجتهد ويُجاهد ويدفع نفسه إيجابيًا دون أدوية فهذا أمرٌ جيد، لكن الإنسان يجب ألا يضغط على نفسه فوق طاقته، والأدوية الموجودة أدوية سليمة، خاصة إذا تمَّ استعمالها بواسطة الوصفة الطبية من جانب الطبيب النفسي المقتدر والثقة.

فأنا أُقدِّرُ تمامًا رأيك ورأي أسرتك، فاجتهدي وثابري، وادفعي نفسك دفعًا إيجابيًا، حقِّري الوسواس، نظِّمي وقتك، مارسي الرياضة، اجعلي لنفسك أهدافا، وضعي الآليات التي توصلك إلى أهداف. الدعاء مهم جدًّا، وهو سلاح المؤمن، الصلاة في وقتها، تلاوة القرآن، بر الوالدين، هذه كلها تُمثِّلُ نماذج عظيمة للعلاج والدفع النفسي الإيجابي.

بالنسبة للشموخ التي ظهرت في جسمك أثناء اغتسالك بالسِّدر والدِّهان: أرجو أن تعرضيها على الطبيبة -أيتها الفاضلة الكريمة- ولا تؤوِّليها، أي تأويلات قد لا تكون صحيحة وتُدخلك في شيء من الأوهام.

سؤالك: كيف تميِّزين بين المرض الروحي والمرض النفسي؟
أنا خبرتي جُلَّها في الأمراض النفسية -أيتها الفاضلة الكريمة- وأنا أؤمن بالعين والسحر، أما الأمراض النفسية فأعراضها واضحة، وهي كثيرة جدًّا، ومتداخلة، ومتعدِّدة، وقطعًا يُحدِّدها الطبيب. فلا تُدخلي نفسك أبدًا في توهمات مرضية، واعلمي أن الله خير حافظ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حين سُحر حدث له الكثير من التغيرات الجسدية، لكنه لم يتيقن من أنه مسحور إلَّا بعد أن أتاه الوحي، والرسول -صلى الله عليه وسلم- هو قدوتنا في كل شيء، وسيفصل لك الشيخ أحمد الفودعي الكلام على هذا الأمر.
فيجب ألا نوهم أنفسنا، ويجب ألا نفصِّل أعراضًا نفسية مرضية أو جسدية كانت، ونقول أن هذه نتيجة للعين وللسحر أو للمسِّ أو كذا وكذا، لا، هذا الأمر ليس صحيحًا وليس مفيدًا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة: د. محمد عبد العليم ... استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
تليها إجابة: الشيخ/ أحمد الفودعي ... مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد أفادك الأخ الفاضل: الدكتور/ محمد عبد العليم بفوائد كثيرة، فيها نفع كثير -بإذن الله تعالى- ونحن نؤكد ما قاله الدكتور الفاضلُ من أهمية الابتعاد عن الوساوس والتوهمات وتفسير ما قد يطرأ عليك من أمراض حسِّية وتفسيرات بعيدة تُدخلك في دوامات من الشكوك والأوهام، وتجُرُّك إلى ألوان عديدة من المعاناة.

فنصيحتنا لك تتلخص في الآتي:
أولاً: جاهدي نفسك في طرد الوساوس عنك إن كنت تعانين من الوساوس، فإنه لا علاج أمثل لها من الإعراض عنها، فلا تُبالي بها، ولا تُلقي لها بالاً.

ثانيًا: داومي على الأذكار الشرعية في الصباح والمساء، واجتهدي في تحصين نفسك بذكر الله تعالى، فهو الحصن الحصين، وألقي عن نفسك توهمات تسلط العين أو السحر أو غير ذلك، فإن المقدور كائن لا محالة، ولا يقدر أحدٌ على ضرِّك أو نفعك إلَّا- بإذن الله تعالى وتقديره-، فثقي بالله تعالى، وتمسَّكي به، وآوي إلى ركنه، فإنه الركن الشديد.

ثالثًا: انتفعي بالرقية الشرعية، واعلمي بأنها تنفع -بإذن الله تعالى- ممَّا نزل بالإنسان ومما لم ينزل به.

رابعًا: أحسني ظنَّك بالله سبحانه وتعالى فهو أهلٌ لكل ظنٍّ جميل، فقد قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظن بي ما شاء)، ومن الظن الجميل بالله تعالى أن تظُنِّي به سبحانه أنه يُكافئ المحسن بإحسانه، وقد يُجازي المسيء بإساءته، فاجعلي من حسن الظن بالله باعثًا لك على حُسن العمل وإتقانه، بأداء ما فرض الله عليك واجتناب ما نهاك عنه، ثمَّ أمِّلي بعد ذلك في عفو الله تعالى ومغفرته.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا ب س

    اشكر القائمون على هذا الموقع واحمد الله ان هذه الفتاه قامت بإستشارة حضرتكم ولم تذهب الى احد المواقع التي تدعي انها معنية بالرقية وهي مليئة بالبدع والخرافات لكانوا زادوها مرضا أسأل الله ان يرفع عنها ويشفيها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً