الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أنجب حتى الآن وأخشى أن يكون هذا عقاباً من الله لي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة منذ سنة وسبعة أشهر، ولم يقدر لي الله الحمل إلى الآن، وأنا تعبة نفسيا جدا، أشعر بضيق وحزن دائم، أخاف جدا من أن يكون الابتلاء عقابا لي، لدي صديقات منهن من لا تصلي وتسمع الأغاني وتخطئ، وقد رزقهن الله الذرية، وهن سعيدات في حياتهن.

أنا لست كاملة، ولكنني أصلي وأرتدي النقاب، ولا أسمع الغناء ولا أحب التلفاز، وأخاف كثيرا من الله إن ارتكبت خطئا، وأستغفر كثيرا، ولكن بالرغم من ذلك أشعر أن الله يعاقبني، لا أعلم هل خوفي هذا طبيعي أم أنه سوء ظن بالله؟ وما يؤلمني أكثر أن يكون الله يعاقبني لأنني لا أحسن الظن به، وأظن أن كل ما يبتليني به عقابا لي.

أحلم بأشياء مزعجة، وأنني أقرأ المعوذات والقرآن لكي أصحو من هذه الكوابيس، خاصة إذا قرأت الأذكار قبل النوم، أريد أن أغير شقتي، وأخاف أن يكون عنادا لله أنه لم يرزقني طفلا، وأن أعاقب على أنني تشائمت من هذه الشقة؛ لأنني لم أحمل فيها.

أعيش الصراع النفسي بين هل الله راض عني ويبتليني، أم أنه يعاقبني، حتى على التفكير السيء الذي يخطر ببالي؟ أنا قد حفظت القرآن، ولكنني تكاسلت كثيرا عن مراجعته، حتى أنني لا أتذكر إلا القليل منه فقط، ورغم أنني أحب القرآن كثيرا، ودائما أشعر بالرغبة في البكاء عند قراءته، إلا أنني نادرا ما أقرأ، أوصوني جزاكم الله خيرا، ماذا أفعل؟ كيف أهدأ نفسي؟ كيف أطمئن؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ soma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يرزقك ذرية صالحة طيبة مباركة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة سوما - فإني أتعجب من عجلتك وسرعتك في البحث عن الإنجاب، رغم أنك لو علمت الحقيقة لوجدت أن الفرصة الذهبية في حياتك في هذه الفرصة التي تكونين فيها لزوجك ويكون زوجك لك وحدك، فإنه ما أن تبدأ أعراض الحمل إلَّا وتشعرين بأن كل شيء يبدأ يتغير في حياتك، واسألي المجرِّبين والمُجرِّبات من العقلاء، لو سألت الناس جميعًا أصحاب الخبرة والاختصاص لقالوا لك: إن السعادة الحقيقة عندما تكونين أنت وزوجك تحت سقف واحد ولا وجود لأحد بينكما، تستطيعان التفاهم والتواصل والتراحم والاستمتاع ببعضكم بعضًا دون أدنى تحفُّظٍ أو تدخُّلٍ من أحد، وما أن تبدأ أعراض الحمل، ثم يأتي بعد ذلك هذا الضيف الجديد إلَّا وتشعرين بأن هناك شخصًا آخر بدأ يفصل بينك وبين زوجك، وبدأ يأخذ من عواطفك ومشاعرك، وتُصبحين من هذه اللحظة لست مُلكًا لزوجك كما كنت سابقًا، وإنما هناك طرف آخر يحتاج إلى عناية ورعاية، ولعل زوجك يتعلق به أكثر منك، ولعلك تتعلقين به أكثر من تعقلك بزوجك، وهذه الحقيقة التي جرى عليها الناس منذ خلق الله الخلق جميعًا.

فأنا أقول: إن جزعك وخوفك في غير محلِّه، لأنك جاهلة لا تعلمين هذه الأمور باعتبار أنك حديثة عهد بالزواج، ولكن في الواقع - يا بُنيتي - صدِّقيني من واقع التجربة أنه كلما تأخر الحمل كلما كانت هناك فرصة لمعرفة بعضنا بصورة أفضل والاستمتاع ببعضنا بصورة أتم، وسيأتي فضل الله تبارك وتعالى في الوقت الذي قدَّره الله.

أما ما ورد من أنك ترغبين في الانتقال من الشقة ظنًّا منك أنها السبب وأنه لا بد أن هناك شيئًا قد وقع منك عاقبك الله تبارك وتعالى بسببه، أعتقد هذا نوعا من المبالغة، لأن الذي حدث معك هذا - يا بنيتي - هو أمرٌ عادي جدًّا، نعم هناك نساء يحملن من أوِّل ليلة، ولكن هناك نساء كثيرات أيضًا يتأخر حملهنَّ، فهذا أمرٌ لا ينبغي أن يأخذ أكبر من حجمه، ولا ينبغي أن تجلدي نفسك ولا أن تتهمي نفسك بأنك السبب، أو أن الشقة هي السبب، أو أن غير ذلك هو السبب، وإنما هذا كله مجرد تخيلات وأوهام منك، وإلا فالأمر أساسًا لله تبارك وتعالى أولاً وآخرًا، وهذا هو قدر الله تعالى، ولا يقع في ملك الله تعالى إلَّا بما يريد سبحانه وتعالى جل جلاله وتقدَّست أسماؤه.

ومن هنا فإني أنصحك فقط بضرورة عمل رقية شرعية لما تشعرين به من الكوابيس الليلية والمنامات المزعجة، لاحتمال أن يكون هناك نوع من الاعتداء الجني، وهذا الاعتداء قد يتمثل في صورة هذه الكوابيس والمنامات المزعجة، بل وقد يكون سببًا في تأخر الحمل أيضًا.

فأنا أرى - بارك الله فيك - رغم أنك ولله الحمد والمنة حريصة على الطاعة والعبادة، أرى ضرورة الاستعانة بعد الله تبارك وتعالى براقٍ شرعيٍ ثقة، يرقيك في حضور زوجك أو أحد محارمك، ومن الممكن أن تتكرر الرقية مرة بعد مرة، حتى ييسِّر الله تبارك وتعالى أمر الإنجاب، لأني لا أستبعد أن يكون هذا الأمر هو من أهم أسباب منع الحمل.

فإذًا أرى - بارك الله فيك - أن تستعيني بالله تعالى وتبحثوا عن راقٍ شرعي ثقة يُعالج بطريقة شرعية بعيدًا عن الدجل وعن الشعوذات التي يستعملها معظم هؤلاء الدجلة والسحرة، وبإذن الله تعالى سوف تشعرين بتحسن سريع وواضح -إن شاء الله تعالى- .

وفيما يتعلق بالقرآن فأنا أرى أنك ارتكبت ذنبًا عظيمًا في تقصيرك في مراجعة القرآن، حتى أوشك أن يتفلت منك، فأنا أرى - بارك الله فيك - أن تجتهدي في مراجعة القرآن، وأن تجعلي لك وردًا يوميًا للمراجعة، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يمُنَّ الله عليك بالذرية الصالحة، كما أوصيك بالإكثار من الاستغفار، والإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن هذه من عوامل جلب الأرزاق وفتح الأبواب المغلقة، ومن عوامل دفع البلاء.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً