الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت أتناول دواء للاكتئاب ثم توقفت عن تناوله، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أم لثلاثة أطفال 17، 12 و 6 سنوات، موظفة، زوجي طيب، والداي يقطنان قريبا مني.

مشكلتي: أنني دائمة الغضب، أصرخ وأضرب أبنائي ﻷتفه اﻷسباب، الكل يقول لي: إن أبنائي ذوو تربية عالية، وكل شيء متوفر لدي، لكني دائمة البكاء، أحس أن مسؤولياتي كثيرة، وكلما طلبت من أطفالي أن يدرسوا، أو يناموا باكرا، أو غير ذلك؛ فإنه يتوجب علي أن أقولها لهم 4 أو 5 مرات، وأن أصرخ في وجههم.

مللت من تكرار اﻷوامر، أقول ﻷبنائي: أكرهكم، أنتم سبب مرضي وقلقي، زوجي يقول لي: من كثرة الصراخ أحس كأن البيت مستشفى أمراض نفسية.

ووالداي من كثرة مرافقتهم للمستشفيات والانتظار لساعات؛ كرهت اﻷطباء، كما أنني آخذ دواء السكر كليكوفاج 850، حبة يوميا.

ذهبت إلى أخصائي نفساني عندما أحسست بأنني سأخسر أسرتي، فقال لي: بأني أعاني من اكتئاب، ووصف لي دواء citap 5mg escitalopram oxalate، ودواء alpraz 0,5mg alprazolam، أخذته لمدة خمسة أشهر، وأحسست بتحسن طفيف، ثم توقفت عن تناوله، لعدم استطاعتي الذهاب إلى الدكتور بانتظام.

أخبروني ما العمل؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يسرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أيتها الفاضلة الكريمة: الطبيب الذي قال لك: إنك تعانين من اكتئاب نفسي وصفه دقيق وصحيح؛ لأن الاكتئاب النفسي خاصة عند النساء بعد عمر الثلاثين قد يظهر في شكل انفعالات نفسية سلبية، وسرعة في الغضب والتوتر، وهذا هو الذي تعانين منه.

هذه الحالات يمكن علاجها -أيتها الفاضلة الكريمة-:

أولاً: اجلسي مع نفسك، وحللي الأمور بصورة متأنية وأكثر منطقية، لماذا تصرخين في هؤلاء الأطفال؟ لماذا تقومين بضربهم؟ هم نعمة، كم من الناس حُرموا من الذرية!! والضرب والانفعال في وجه الطفل أو اليافع يمثل إهانة كبيرة جدًّا له، حتى وإن أطاع واستكان ففي ذلك تفتيت لشخصيته.

فيا أيتهَا الفاضلة الكريمة: لابد أن تضعي هذه المحاذير أمام عينيك، وسلطة الأم أو سلطة الأب يجب ألا يُساء استخدامها، هذا أمر مهم، وأمر ضروري جدًّا.

الأمر الثاني: الذي يظهر لي أن لديك مشكلة في التعبير عن الذات، أنت تحتقنين؛ لأنك لا تعبرين عن ذاتك أولا بأول، فأنا أقول لك: تكلمي عن أي شيء لا يُرضيك، تحدثي من بداية الأمر، تحدثي في حدود الذوق والانضباط الاجتماعي، وهذا يمثل تفريغًا نفسيًا أساسيًا.

ثالثًا: لابد أن حياتك فيها أشياء جميلة، تذكري هذه الأشياء الجميلة، خاصة عندما تعتريك أفكار تشاؤمية أو سوداوية أو سلبية، تذكري الأشياء الطيبة والجميلة.

رابعًا: الاعتماد والتطبيق التام للعلاج النبوي للغضب، الرسول -صلى الله عليه وسلم– أوصانا إذا غضب أحدنا أن يُغيِّر مكانه، وليغيِّر وضعه، إن كان جالسًا فليقف، وإن كان واقفًا فليجلس، هذا نوع من صرف الانتباه العظيم في المفاهيم السلوكية النفسية، ووصيته -صلى الله عليه وسلم– لمن يغضب بأن يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن يتفل الإنسان ثلاثًا على شقه الأيسر، ثم يقوم ويتوضأ؛ لأن الوضوء يُطفئ نار الغضب، ثم يُصلي ركعتين.

أختِي الفاضلة: أنا أقول لك وبكل مصداقية: لديَّ من طبق هذا العلاج لمرة واحدة فقط، بعدها استطاع أن يتحكم في غضبه تمامًا، بل حين يعتريه الغضب وفي بدايات النوبة الغضبية يتذكر العلاج النبوي دون أن يُطبقه، فتنفرج أموره، ويتحكم في غضبه ويُديره بصورة إيجابية، فاجعلي لنفسك نصيبًا من هذا العلاج العظيم.

لا تنسي –الحمد لله تعالى–، فأنتِ سيدة محترمة في بيتك، لديك الزوج الطيب الصالح، لديك هذه الذرية العظيمة، فما الذي يحدث؟ لابد ألا تُطلقي لمشاعرك العنان هكذا بهذه الصورة السلبية.

أختي الفاضلة: العلاج الدوائي مهم، وعقار (إستالوبرام escitalopram) دواء رائع جدًّا، والأخ الطبيب أحسن حين أعطاك هذا الدواء، لكن أعتقد أنك تحتاجين لجرعة أكبر، الجرعة المطلوبة في حالتك هي عشرون مليجرامًا يوميًا، نعم البداية تكون بخمسة مليجراما، ثم تُرفع الجرعة بعد ذلك إلى عشرة مليجراما يوميًا لمدة أسبوعين مثلاً، ثم تُرفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، تستمري في تناولها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجراما يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم خمسة مليجراما يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

العقار الآخر وهو الـ (ألبرازولام alprazolam) الذي وصفه لك الأخ الطبيب: أيضًا هو دواء ممتاز لعلاج القلق والتوترات، لكن يُعاب عليه أن الإنسان ربما يتعود عليه إذا استمر في تناوله أكثر من أربعة أسابيع، فأنا لا أنصحك بالاستمرار عليه كثيرًا، وأنا متأكد أن الأخ الطبيب الذي وصفه لك سوف يوافقني في ذلك.

ويمكنك أن تستبدليه بعقار (فلوناكسول Flunaxol)، والذي يُعرف باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، والجرعة المطلوبة هي حبة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم حبة صباحًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقفي عن تناوله، وقوة الحبة هي نصف مليجراما.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً