الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تناول أدوية الفصام النفسي يؤثر على الحمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أشكر الموقع والقائمين عليه لكل المعلومات والنصائح والاستشارات التي أنارت درب الكثير منا، فجزاكم الله كل خير.

سؤالي باختصار قدر الإمكان: تزوجت منذ عام، وزوجتي أصيبت بالفصام منذ عام ونصف تقريبا، وبدأت بالهلاوس السمعية، والشكوك، والانطواء، وتدين شديد، فراجعنا طبيبا، فشخص حالتها على أنه فصام، وأخذت علاجا ( حبوب) لمدة 6 أشهر، وتوقفت لانشغالنا بالزواج، وبعد الزواج بـ 3 أشهر تغيرت للأسوأ مرة أخرى، وزادت أعراض المرض.

راجعنا الطبيب مرة أخرى، ورفضت تماما فكرة أنها مريضة، ورفضت تناول الدواء، فنصحنا الدكتور بعلاج طويل الأمد، وهي حقن (ريسبردال كونستا) بالرغم من تكلفتها الباهظة.

سؤالي هو: أنا وهي لدينا رغبة في الأطفال، فهل تستطيع الحمل مع أخذ هذه الحقن؟ وهل سيكون لها ضرر على الجنين أو تشوهات كما قرأت على النت؟ وهل نستطيع التوقف عن إعطائها العلاج فترة الحمل أم ذلك سيجعل حالتها تنتكس مرة أخرى؟ وهل هناك دواء بديل طويل الأمد وغير ضار على الجنين؟ وما أفضل علاج للفصام حاليا؟ وهل هناك أمل في الشفاء التام؟

ملاحظة أخيرة: ولله الحمد زوجتي منذ النوبة الثانية للمرض وهي في أحسن الأحوال، فمنذ التزامنا بإعطائها الحقن -ولو بالقوة- عادت إلى طبيعتها، ولم ألاحظ عليها في الـ 5 أشهر الأخيرة أي أعراض للمرض، غير رفضها للعلاج، وقناعتها بأنها غير مريضة.

وجزى الله كل خير القائمين على الموقع الطيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على اهتمامك بأمر زوجتك، والعناية بعلاجها، وهذا أمر طيب، فجزاك الله خيرًا.
الحمد لله تعالى هذه الأمراض أصبحت الآن تُعالج، وتعالج بصورة ممتازة جدًّا، ومآل مرض الفصام إذا تم علاجه بانضباط تكون -إن شاء الله تعالى- نتائج العلاج ممتازة جدًّا خاصة لدى النساء.

فيا أخِي: هذا أمر جيد وأمر مشجع، فاحرص تمامًا على أن تتناول زوجتك علاجها.
أما فيما يتعلق برفضها للعلاج: في فترة المرض معظم هؤلاء المرضى يرفضون العلاج اعتقادًا منهم بأنهم ليسوا في حاجة له، لكن بعد أن تتحسن أحوالهم ويرتبطون بالواقع ويتحسَّن استبصارهم يقبلون العلاج، خاصة إذا شرح لهم الطبيب حول مرضهم بشيء من التفاصيل، الحديث عن مادة الدوبامين في الدماغ وكيف أنها تتأثر، ويحصل اضطراب في إفرازها، ولا بد من إعطاء الدواء الذي يجعلها في مستوى جيد لا زيادة ولا انخفاض، وهكذا.

هذا النوع من الشرح يجعل المرضى يقتنعون قناعة كبيرة جدًّا بعلاجهم، ودائمًا نُعطي إخوتنا وأخواتنا المرضى الذين يأتون إلينا مثالا وهو: أن هذه الأمراض يجب أن تُعامل مثل مرض السكر الخفيف أو الضغط، أو شيء من هذا القبيل، هذه كلها أمراض تتطلب الالتزام بمراجعة الطبيب، الالتزام بتغيير نمط الحياة وتناول الدواء.

فيا أخِي الكريم: كن حريصًا جدًّا على هذا الأمر.

الرزبريادال كونستا Risperdal Consta: لا شك أنه دواء ممتاز، وأتفق معك أنه مكلف بعض الشيء، الآن شركة (جانسين Janssen Cilag) نفس الشركة التي تُنتج الرزبريدال كونستا أنتجت عقار (إنفيجا INVEGA ) وأتت بمستحضر طويل الأمد أيضًا يسمى (سوستينا) يتم تناوله مرة واحدة كل أربعة أسابيع، وليس كل أسبوعين مثل الـ (كونستا)، هذا قد يساعد المرضى الذين يتململون من الدواء.

أخِي الكريم: لا بد أن أكون واضحًا معك، مرض الفصام لا شك أنه من الأمراض المزمنة، وإن كان ثلث المرضى قد يشفون منه تمامًا، وهذا شيء مبشر، وحوالي أربعين بالمائة يظلون في حالة ممتازة مع مواصلة العلاج، أما عشرة إلى عشرين بالمائة ربما تظل حالتهم شديدة ومُطبقة، وهؤلاء غالبًا إما يُعانون مما يُعرف بـ (الفصام الهيبفريني) (Hebephrenic Schizophrenia) وهو أسوأ أنواع الفصام، أو أن المرض أتاهم في سنٍ صغيرة جدًّا، وهذا نشاهده عند الذكور أكثر، أو هنالك عدم التزام بالعلاج، أو تكون ظروفهم الحياتية غير مواتية.

بالنسبة لوضع زوجتك: ليس هنالك ما يمنعها من الحمل، لكن لا بد أن تكون هنالك تحوطات طبية ونفسية، أنا دائمًا في مثل هذه الحالات أتعاون مع أطباء النساء والولادة فيها، أي أن يكون رعاية المريض رعاية مشتركة ما بين الطب النفسي وطب النساء والتوليد.

الرزبريادال كونستا لا نستطيع أن نقول أنه من الأدوية السليمة مائة بالمائة في أثناء الحمل، خاصة في فترة تخليق الأجنة، بالرغم من أنه لم يثبت شيء خطير حول هذا الدواء، لكن الشركة المصنعة لم تعطه البراءة حتى الآن.

الأدوية التي نعطيها في فترة الحمل هي الأدوية القديمة، هنالك دواء يعرف (كروبرومازين Chlorpromazine) ودواء آخر يعرف باسم (استلازين Stelazin) هذه أدوية سليمة في أثناء الحمل، وإن كان لها بعض الآثار الجانبية مثل النعاس مثلاً، لكن مدة تناولها ليست طويلة، هي أربعة أشهر، كما أنها غالبًا تُعطى بجرعات صغيرة، حيث إن الحمل عامة هو فترة استقرار بالنسبة للمريض النفسي، لكن بعد الولادة لا بد أن ترتفع درجة اليقظة من جانب المريض أو أهله وكذلك الطبيب؛ لأن النُّفاس كثيرًا ما يكون مرتبطًا ببعض الصعوبات النفسية.

والذي أراه هو أن تتواصلي مع طبيبك مباشرة بعد الولادة، وأعتقد أن فرصة إرضاع الطفل أيضًا قد لا تكون كبيرة، لأنك سوف تحتاجين لأدوية، وإن شاء الله تعالى الطفل يمكن أن يُعطى الغذاء التعويضي البديل للصناعي بدون أي مشكلة.

هذه هي وجهة نظري، وإن شاء الله تعالى أمورك تسير على خير، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
__________________________________________
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.

وتليها إجابة الدكتور سالم عبد الرحمن الهرموزي استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية.
__________________________________________

بخصوص السؤال عن الدواء وتأثيره على الحمل؛ فإن منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) صنفت الدواء في نطاق (pregnancy category C) بمعنى أن حساب المكسب والخسارة من الدواء هو الحكم في الموضوع، والدواء لا يؤدي إلى عيوب خلقية في الأطفال الذين ولدوا لأمهات تتناول الدواء، وبالتالي يمكن تناوله في الأشهر الستة الأولى من الحمل، حقنة كل 15 إلى 20 يوما في العضل.

ولكن الدواء يمر في حاجز المخ (BBB) وبالتالي يصل إلى الجنين في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، وقد يؤدي إلى مشاكل للجنين، فيمكن بالتعاون مع الطبيب المعالج التوقف عن تناول الدواء، وأخذ بديل له في الأشهر الأخيرة يناسب الحمل، وعدم إرضاع الطفل؛ لأن الدواء يفرز في الحليب.

حفظكم الله من كل مكروه وسوء، ووفقكم لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً