الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من الممكن علاج أختي وإخراجها من حالة الاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دكتوري الفاضل، أرجو منكم المساعدة، أختي الكبرى تعاني من الاكتئاب، شخص حالتها اثنان من الأطباء، وهي تتعالج عند أحدهم، ووصف لها علاج (زيلاكس10)، حبة بعد العشاء، معها حبوب صفراء صغيرة، حبة بعد الفطور.

بدأت رحلتنا في العلاج بعدما أصبحنا نرى أنها تتمنى الموت، و تظن أن الجميع لا يحبها وضدها، وتشعر بأن أخاها الأكبر يكرهها، والوالد لا يحبها، وتشعر بأنه يفضلنا عليها، مع العلم أن كل ما تشعر به ليس صحيحاً، ولكن بنت هذه الاعتقادات على مواقف ومشاكل الطفولة، وأصبحت تغضب من أبسط الأمور، وتظل في حالة من الزعل والحزن لأيام، وترفض الأكل، مع العلم أنها تأكل كثيراً، و تنام كثيراً، تعاني من الإهمال في نظافتها الشخصية، هي أختنا الكبرى، وتعيش على خدمة أمي المقعدة، ووالدي الأعمى؛ لأن كلنا متزوجون، ولكننا نتواجد باستمرار عندها، وعلاقتها معنا طيبة، ولا بأس بها، كل هذا كان من قبل مرض أمي، ولم نكن نعلم أنه مرض، كنا نعتقد أنها حساسة وتأثر.

عندما بحثنا بعد ذلك، وكلمنا الوالد فكلمها وأقنعها للذهاب إلى الطبيب، وهذا قبل سنتين تقريبًا، قضت سنة عند الطبيب الأول، ثم لم نجد تلك الثمرة، وسنة أخرى تقريبًا عند الطبيب الثاني، وتحسنت معه في أمور كثيرة، فأصبحت لا تعاني من الصداع بكثرة، مع أن الصداع كان يأتيها ويستمر لأيام، وقلت نسبة بكائها عن السابق، وزعلها الذي كان يستمر لأيام، أصبح لا يتعدى اليوم أو اليومين، أصبحت أكثر تفاعلاً مع من حولها.

لدينا نقطة نعاني منها مع أختي، ونرغب أن نعرف هل هو لخلل في سلوكها، أم بسبب الاكتئاب، وهي أن أختي ترى زوجات إخواني أعداءً لها، وأنهم السبب في كل شيء، حتى مرض أمي، مع أن هذا الأمر غير صحيح، فهن نساء فاضلات، نعيش معهم كأخوات، ويحصل بيننا ما يحصل بين الأخوات، نختلف، نتصالح، لكن أختي عندما تتصالح معهم، ونعيش في أيام هادئة بعد الصلح، ولكن في أدنى غلطة، ينقلب الحال عند أختي، وتستذكر كل الماضي، مع العلم أنهم يحتوونها بالهدايا على قدرهم، و يساعدوننا في خدمة أمي، بل حتى لو أبدوا رأيهم في موضوع وكان عكس رأيها، فتجدها تزعل منهم بالأيام، ولا تأكل، وتنام، وتبكي، على سبيل المثال، زوجة أخي توظفت، فزعلت منهم جميعهم، حتى الأطفال، واتهمتهم بحب المال، وأنها لا تريد العيش مع ناس بهذا التفكير، فتحدثت مع زوجات إخواني وتفهموا الأمر، وطيبوا خاطر أختي، وعشنا بهدوء ولكن أدنى موقف يجعلها تعيد الماضي كله، مثال، حين نطلب طعاماً معيناً، ولا تأكل منه إحداهن، تجد أختي تزعل، وتتهمها بأنها تحب معارضها دائمًا.

هذا السلوك يحصل مع أخي الأكبر منها، فهو عصبي، ولكنه يلبي لنا كل طلباتنا، فلو رفع صوته عليها، ولو كان بسبب أنه متعب أو مجهد، فلا تقدر هذا، وتصفه أنه قاسٍ، وأنه منذ صغره يكرهها، وتعتقد أن الوالد لا يحبها، مع العلم بأنه كلمها، وصارحها، وأخذها في حضنه، وطيب خاطرها، حصل ذات مرة موقف، حيث إن والدي كان يريد ملابسه، وهي كانت مشغولة مع أمي، فطلبه من زوجة أخي، فانقلبت فجأة، وأصبحت تبكي، وتتمنى الموت، وكانت تعتقد أن الله لا يحبها، لذلك هي متعبة، فأرجوك دكتوري الفاضل أن تفيدنا في الطريقة الصحيحة للتعامل معها؟ وهل هذا بسبب المرض، أم هو سلوك يحتاج لتعديل؟

مع العلم بأن أقصى ما يفعله الطبيب معها هو ان يسألها عن حالها، وعن الصداع، والكتمة، والبكاء، وهي تجيبه بأنها تحسنت، بالفعل هي تحسنت بشكل واضح من هذا الجانب، لكنها ترفض الإفصاح عن هذه الأمور، وحتى لو أفصحت، تجدها تقول: لا أقدر، فأنا هكذا؟ لم تخضع أختي لأيّ علاج سلوكي، أو معرفي، فكيف نتعامل معها؟

أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار العال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الاهتمام بأمر أختك والثقة في إسلام ويب.

أختك بالفعل تعاني من أعراض اكتئابية واضحة، لكن فوق ذلك لديها أفكار ظنانية، بارونية، زوارية، شكوكية، وأعتقد من وجهة نظري أن التشخيص الصحيح لها ليس فقط الاكتئاب، إنما الاكتئاب الذهاني، بمعنى - أن المكون العقلي أو الذهاني فيها واضح جدًّا-، وهذا النوع من الاكتئاب يحتاج لأن يُعالج عن طريق مضادات الذهان، يُضاف إليها مضادات الاكتئاب.

فلا أعتقد أن (الزيلاكس) وهو (السيتالوبرام)، لوحده سوف يكون كافيًا بهذه الجرعة، هذه وجهة نظري مع احترامي الشديد للأخ الطبيب الذي قام بفحصها، فالذي أرجوه هو أن تُعرض على الطبيب، ويمكن أن تعرضوا عليه وجهة نظري هذه، وأعتقد الوصف واضح جدًّا، هي محتاجه لمضادات الذهان، مثل: عقار (إرببرازول)، والذي يعرف باسم (إبليفاي)، يضاف إليه (الزيلاكس)، بجرعة عشرين مليجرامًا على الأقل.

وهنالك أدوية أخرى غير (الإبليفاي)، المهم الخطوة الأولى وعلاجها علاجًا بيولوجيًا دوائيًا، هذا هو المهم، وهذا هو الضروري جدًّا، وأنا متأكد أن الكثير من أفكارها سوف تتعدل بعد أن تتناول علاجها الصحيح، حتى اهتمامها بنظافتها الشخصية ومظهرها سوف يتعدل، سوف تختفي - إن شاء الله تعالى - الشكوك الظنانية، وهذا سوف يسهل عليكم كثيرًا التعامل معها.

وبعد أن تتعدل أفكارها ويتحسِّن مزاجها عن طريق الدواء، الناس لا بد أن تحفزها تحفيزًا إيجابيًا بتشجيعها، إشعارها بأهميتها، تُستشار في بعض الأمور، هذا سوف يعزز ثقتها في نفسها وفي الآخرين، هذا مهم جدًّا.

أسوأ شعور يأتي للإنسان داخليًا إذا أحسَّ أنه غير مفيد لا لنفسه ولا لغيره، وأن الناس أصبحوا ليس لهم حاجة به، هذا شعور يتولَّد في الكيان الوجداني لدى بعض الناس، وهو من أكبر مسببات الشعور بالاضطهاد والاكتئاب.

أعتقد أن التعامل معها حين يكون على الأسس التي ذكرتها - وهذا نوع من العلاج السلوكي -، لا شك أن ذلك سوف يفيدها كثيرًا.

أمر آخر وهو مهم هو: التأكد من وضعها الطبي من خلال إجراء الفحوصات الطبية اللازمة: التأكد من الوظائف الأساسية للكبد، الكلى، الهرمونات: الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (ب 12)، وفيتامين (د)، نسبة الدم، نسبة السكر، الدهنيات، هذه أسس طبية مهمة جدًّا، وغالبًا أنتم قد قمتم بهذا الإجراء، لكني ذكرته من أجل التذكرة.

هذا هو الذي أراه، وأسأل الله لها العافية والشفاء، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً