الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي من الموت جعلني أواظب على الصلاة!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 26 سنة، تقدم لخطبتي شاب بعمر 20 سنة، بدايةً أهله رفضوا هذه العلاقة، وهذا الارتباط، وذلك لفارق السن، وأنه يمكن أن لا أنجب، أو أتعب ويضطر لخدمتي وهكذا، مما أدى لحدوث مشاكل كثيرة، ولكنه رجل بمواقفه، فهو يحبني وتقدم لخطبتي مباشرة، ولم يلعب بمشاعري، وشخصيته جيدة، وعندما قابلتني والدته وافقت علي، لكنها نصحتني أن لا أضيع أربع سنوات من عمري في انتظار موعد الزواج، وأنه يمكن خلال هذه الفترة يتقدم لي غيره، لكنني أكدت لها قبولي للوضع.

سؤالي: هل في الأمر شيء من الخطأ أو الحرام لأنني أكبر منه سناً، وممكن ذلك يسبب لنا المشاكل؟

أيضاً كنت لا أواظب على الصلاة، وفجأة توفيت منذ أسبوع فتاة من معارف معارفي، وقد رأيت صورتها وهي في سن الشباب، ومن وقتها وأنا خائفة أن أموت والله غير راض عني، لذا بدأت أواظب على صلواتي بوقتها -والحمد لله-، ولكنني أعاني من عدم النوم نهائياً، حيث أفكر في الموت باستمرار، رغم علمي أن الموت حق على الجميع، لكنني لم أكن أفكر هكذا سابقاً، فهل يتقبل ربي توبتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وأن يعينك على كل أمر يُرضيه، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

نحب أن نؤكد أن رضا الشاب بالزواج بك، رغم معرفته بفارق العمر، وموافقة والدته على ذلك دليل على أن الأمور تسير في الطريق الصحيح، فاحمدي الله على ذلك، ولن يؤثر هذا طالما وجدت القناعة، ومعروف أن الحب وهذه المشاعر لا تعرف الأعمار، لأنه تلاقٍ بالأرواح، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

إذا كان عنده قناعة وأهله اقتنعوا بك فإن هذا يرفع الحرج ويرفع الإشكال في هذه الناحية، ونتمنى أن تنضبط هذه العلاقة بضوابط الشرع، بحيث تتحول إلى علاقة رسمية، خطبة معلنة، حتى لا تقعوا في المحظور، فإنك لا تزالين أجنبية عنه، وحتى مجرد الخطبة فهي وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها ولا التوسع في الكلام.

بالنسبة للمسألة الثانية: الإنسان دائمًا يتعظ ويعتبر، وطوبى لمن وعظ بغيره، وويلٌ لمن جعله الله عبرة لغيره، فاحمدي الله الذي ردك إلى الصواب بموت تلك الفتاة، وكان يمكن أن تكوني أنت من ماتت، ولكن الله -تبارك وتعالى- أكرمك وأعطاك فرصة جديدة، وهو -سبحانه وتعالى- يقبل توبة من يتوب إليه، ويقبل رجوع من يرجع إليه، بل يفرح بتوبتنا إذا تبنا إليه، وهو العظيم -سبحانه وتعالى- غني عن عبادتنا، لكنَّ رحمته العظيمة، لكنَّ مغفرته العظيمة التي يظللنا بها مما ينبغي أن نسارع إلى الدخول فيها.

لذلك هنيئًا لك بهذا الرجوع، وما عليك إلا أن تثبتي، واعلمي أن الموت يأتي للإنسان، ولكن ليست هذه مشكلة، المشكلة عندما يأتي الموت هل نحن على طاعة؟ هل نحن أدينا صلاتنا؟ هل نحن أدينا ما كُتب علينا؟ هذا هو المهم، وهذا هو الذي ينبغي أن تثبتي عليه.

إذا منعك الشيطان من النوم فعليك أولاً أن تتوضئي وتصلي لله -تبارك وتعالى- وتسأليه التوفيق، ثم وأنت على الفراش ابدئي في الذكر والاستغفار، وعندها سينصرف هذا العدو، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يطيل عمرك في طاعته، وأن يجعلنا جميعًا ممن طال عمره وحسن عمله، وهذا الخوف مفيد، بشرط أنه لا يزيد عن حده فينقلب إلى ضده، فالخوف مطلوب، وتذكر مثل هذا المصير مطلوب، لكن ينبغي أن يكون ذلك دافعًا لأعمال إيجابية، لمزيد من الذكر والتلاوة والطاعة والإنابة لله -تبارك وتعالى-.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية، وطول العمر في طاعة الله -تعالى-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً