الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أرغب في مقابلة الناس ولدي ضعف في التركيز.. ما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على هذه الجهود الجبارة في خدمة الإسلام والمسلمين، وأسأل الله أن يكثر من أمثالكم، فهذه الخدمة التي تقدمونها تنفع المسلمين، وتداوي نفوسهم، فكم الأمة في حاجة إلى نفوس سليمة ومطمئنة حتى تستطيع النهوض مرة أخرى لحمل الأمانة.

أود أن أعرض عليكم مشكلتي عسى أن أجد لها حلا ومخرجا:
أنا عمري 34 سنة، متزوج، ولدي ولد وبنت، أعمل في الحكومة، ولدي منصب في الدولة وراتب عالي -والحمد لله-.

كنت طالبا متفوقا في الدراسة بشكل كبير، وفي الجامعة، وتمكنت من التخرج من جامعة (اريزونا) بامتياز في الهندسة، أحافظ على صلواتي -والحمد لله-، أحب الدين، وطلب العلم، والاستماع إلى ،العلماء كما أحب القراءة بشكل كبير، ولكن نظرا لحالتي كما هو موضح أدناه قلت مطالعتي وقراءتي.

جعلتني حياتي في الخارج أدرك معنى الإسلام أكثر، وزاد حبي لهذا الدين العظيم، كما أعترف بارتكابي ذنوبا ومعاصي أيام الدراسة أندم عليها، ولكنها جعلتني أدرك كم هو الإسلام نعمة عظيمة.

ظهرت بعض الأمور والمشكلات التي أصبحت تؤثر على عملي وزواجي، وقد تضر بديني، وبعض الأعراض بدأت قديما من أيام الجامعة، ولكني استطعت التأقلم معها كالقلق والعجز الجنسي.

أعاني من الأمور الآتية:
- كثرة التفكير دائماً وباستمرار.

- بعض الخمول صباحا، وعدم رغبة للذهاب إلى العمل وقد يستغرق اليوم أكمله.

- قلة التركيز (عند القراءة قد أحتاج تكرار الموضوع؛ حيث إن فكري يتشتت، لا أفهم ما أقراه أحيانا، وعند الانتهاء أنساه مباشرة، ولا أستطيع شرحه لغيري).

- عدم الفهم ( مثال: عند محادثة الآخرين لا أستطيع أن أتابع مجرى الحديث مع الغير، وقد ينتهي الحديث من دون استيعاب كامل لما حدث، مثال آخر: عند مطالعة فيلم لا أستطيع فهم الفيلم، وأرى فقط الصور تتحرك، ولا أفهم فحوى الفيلم، وهذا يؤثر على عملي كثيرا.

- العجز الجنسي.

- عدم رغبة في مقابلة الناس كثيرا إلا للضرورة، فأنا ارتاح أكثر لوحدي، كما أنني لا أحب الرد على الهاتف، والتحدث مما يسبب لي مشكلة حيث إنني مضطر أحيانا لظروف العمل.

- القولون العصبي ( إسهال، حيث إني محتاج للذهاب إلى الحمام أكثر من 5 إلى 6 مرات )، وأنا آخذ أموديوم وكوديين لتخفيف الألم، وهذا العلاج يساعد كثيرا.

تعالجت في السابق عن طريق الترامادول ( 100 مج يوميا) حيث إني وجدته يعالج الرهاب والقلق والاكتئاب في آن واحد، واستطعت أن أمارس حياتي بشكل طبيعي، وأنجزت الكثير، لكني أحسست أنه أضر بتركيزي، كما قرأت بعض البحوث في الانترنت أنه يتم استخدامه في بعض حالات الاكتئاب، لكني عانيت كثيرا من تركه حيث آثاره الانسحابية كانت قوية جدا.

ذهبت إلى طبيب نفسي ووصف لي فولدكسان حيث أخذته لمدة شهر ( 20 ملج لمدة أسبوعين، 40 ملج لمدة أسبوعين أيضاً ) من دون أية نتيجة.

ثم وصف لي سبراليكس، وبدأت بـ 5 ملج، وصار لي أسبوعان عليه، وأحسست فورا بتحسن القلق والرهاب).

أرجو تشخيصي فيما إذا كان لدي قلق نفسي عام أم اكتئاب أم ثنائي القطبية مع وصف الدواء المناسب؟
حيث لا أدري هل الأدوية من طراز ssri أم antipsychoticأفضل لحالتي، كما أطلب من د. محمد عبد العليم آن يرد رجاءً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

الحمد لله تعالى أنت رجل لديك ركائز إيجابية في حياتك، وهذه نعتبرها قاعدة جوهرية من أجل التعافي النفسي الكامل - إن شاء الله تعالى - ما تعاني منه من أعراض لا أقلل من شأنها، لكني -إن شاء الله تعالى- لا أراها أيضًا عائقًا أساسيًا في حياتك.

معظم أعراضك تتمحور حول افتقاد الطاقات النفسية، مما ينتج عنه الخمول وعدم التركيز وصعوبة الفهم، وحتى موضوع الصعوبات الجنسية والقولون العصبي قطعًا هي ذات منشأ نفسي.

فيا أيها الفاضل الكريم: أنا أرى أنك ربما تعاني من حالة قلقية اكتئابية من النوع البسيط، لا أرى أي مؤشرات تشير أنك تعاني من ثنائية القطب على الأقل في هذه المرحلة، وإن كان بعض أنواع الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية خادعة جدًّا فيما يخص تشخيصها، وقد أثبتت البحوث الحديثة أن الكثير والذين تم علاجهم كحالة اكتئاب هم في حقيقة الأمر كان يعانون من اضطراب وجداني ثنائي القطبية من درجة بسيطة.

عمومًا نحن ننظر لحالتك الآن على أنها قلقية اكتئابية من الدرجة البسيطة، ومن وجهة نظري أن الثوابت الأساسية لديك ممتازة وقوية، وهذا سوف يمثل دفعًا نفسيًا إيجابيًا.

الحمد للهِ تعالى أنك قد تخلصت من عقار الترامادول، ونحن الآن نواجه مشكلة حقيقية مع هذا المركب، نعم نعترف بفوائده الطبية، لكن أضراره وتسببه للإدمان أصبحت الآن إشكالية كبيرة جدًّا.

الذي أراه هو: أولاً أن تنظر لنفسك نظرة إيجابية، أنا أعرف أن هذا الكلام ربما يكون كلامًا بدائيًا جدًّا، لكنه هو الأساس (حقيقة)، كثيرًا ما يسيطر الفكر السلبي على الإنسان، والفكر السلبي يؤدي إلى مشاعر سلبية، والمشاعر السلبية تنعكس سلبًا على أداء الإنسان؛ لذا النظرة الإيجابية دائمًا تمثل الدفع وتعود على الإنسان بالمردود الإيجابي، فكن حريصًا على هذا الأمر أخِي الكريم.

قطعًا أنت تعرف قيمة الوقت، وأن حسن إدارته هي حسن إدارة الحياة، وأريدك أن تركز على هذا الجانب، وجزء من إدارة وقتك يجب أن يشمل ممارسة الرياضة، يجب أن تخصص وقتًا للرياضة، كل ما وصفته من ضعف في التركيز، وصعوبة في الفهم، وأعراض القولون العصبي، والإجهاد الجسدي، هذا يعالج عن طريق الرياضة، هذا الكلام أُثبت الآن علميًا، فأعط الرياضة أهمية خاصة في حياتك، وأي نوع من الرياضة التي تستطيع ممارستها يجب أن تمارسها، ويجب أن تلتزم بها، هذا أمر.

بالنسبة للعلاج الدوائي: عقار (سبرالكس)، والذي يسمى علميًا (إستالوبرام) لا شك أنه من الأدوية الجيدة جدًّا والفاعلة جدًّا، ولا أريدك أن تتردد في تناوله، استمر عليه، فسوف يفيدك كثيرًا، وإن شاء الله تعالى برفع الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، أعتقد أن مستوى الحيوية البيولوجية للدواء سوف يُدخلك في الطيف العلاجي، بمعنى أن الفائدة الدوائية سوف تكون أكثر، ولا أعتقد أنه سوف يؤثر عليك سلبًا من الناحية الجنسية، على العكس أرى أنه ربما يساعد في أدائك الجنسي؛ لأنني أرى أن القلق الاكتئابي هو الذي جعلك تنظر إلى أدائك الجنسي نظرة سلبية.

أيضًا تناول عقار (أوميجا 3) أعتقد أنه سيكون مفيدًا في حالتك، تناوله بجرعة حبة صباحًا ومساءً لمدة شهرين أو ثلاثة، أعتقد أنه سوف يساعدك كثيرًا في تجديد طاقاتك.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً