الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي أصبحت توسوس كثيرا بالعين والحسد حتى أخافتنا، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحببت أن أستشيركم بموضوع يخص عائلتي، وأتمنى منكم الإنصات لي بارك الله فيكم.

نحن عائلة -ولله الحمد والمنة- نعيش بخير ونعمة، والكثير يحسدنا على هذا الشيء، ولكن قبل سنوات الوالدة تعاني من أمراض –روحية- كالعين والحسد، ونحن عائلة ملتزمة -ولله الحمد-.

بعد أن تعالجت الوالدة -ولله الحمد- بعض الشيوخ قالوا لها لابد من تحصين المنزل، والقراءة عليه، والوالدة الآن أصبحت تخاف وتقلق من العين والحسد بشكل غير طبيعي! وتنصحنا بالتحصين بقولها إن لم نتحصن سوف تأتي العين...الخ.

أنا تعبت، وصرت أخاف لكن أقاوم المخاوف بالتوكل على الله، وأصبحت أوسوس، هل أنا فعلاً معيون أو محسود؟ صرت لا أستطيع الاستمتاع بالحياة بسبب تلك المخاوف المترسبة من قبل الوالدة -هداها الله-.

أصبحت حياتي كلها مخاوف من تلك، وحتى إخوتي أصبحوا قريبين مني، وأنا مطلع بعلم النفس إلا أني متخوف من العين والحسد، الوالدة على قدر من الثقافة إلا أنها بعض الأحيان تصنف الأمراض النفسية إلى عين وحسد، وهي بالسابق كانت لا تخاف ولا تصدق تلك الفكرة.

أتمنى أن تتسع صدوركم أحبتي للإجابة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنكم كل سوء، وأن يعافيكم من كل بلاء، وأن يرد عنكم كيد الكائدين وحقد الحاقدين وظلم الظالمين واعتداء المعتدين، وأن يمتعكم بالصحة والعافية في أمر دينكم ودنياكم، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن العين تلعب دورًا في حياة الإنسان، فالعين والحسد والمس والسحر هذه كلها أمور مزعجة لا يعلم عنها الإنسان الكثير وإنما هي تأتيه بقدر الله تبارك وتعالى، فقد تقلب حياته ظهرًا على عقب.

كذلك أيضًا هناك الأمراض العضوية، فهي أيضًا من قدر الله تبارك وتعالى، قد يُصاب الإنسان بأي نوع من أنواع المرض فيترتب عليه أيضًا تغيير مزاجه وتعطيل حياته، كل هذه أقدار الله تبارك وتعالى.

أما أن يزيد الأمر عن حده فهذا هو المشكلة، فالعين حق كما أخبر النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم – والعين لها دورها مما لا شك فيه ولا يخفى عليك، ولكن هل هذا الدور يجعلنا نستسلم ونعيش في نوع من الوهم المقنع ونعطل حياتنا ونتوقف عن ممارسة حقنا في الحياة بحجة أن هناك عينًا أو حسدًا؟!

أرى أن هذا شيء زائد عن الحد –حقيقة- وأن العين في جميع الأحوال خاضعة لقدر الله تبارك وتعالى، فالعين لا يمكن أن تعمل وحدها، وقد يقف العائن والحاسد أمامك مباشرة ولا يستطيع أن يؤثر فيك، لأن الله لم يشأ أن يجعله يؤثر فيك.

العين لا تؤثر – يا ولدي – إلا بأمر الله، كسائر الأمراض العضوية، أنت قد تذهب لزيارة مريض من المرضى، هذا المريض قد يكون يحمل مرضًا معديًا، ورغم ذلك تجد أن الناس يتعرضون للعدوى والبعض لا يُصاب بشيء، نحن في المساجد نحتك بآلاف من الناس، وفي الأسواق نفس الشيء.

أنت قد تقول: إن فلاناً هذا مريض في المستشفى لن أذهب إليه لأنه مريض مرضًا معديًا، فماذا تقول في المرضى الذين يمشون على الأرض بين الناس؟! آلاف من الناس يحملون أمراضًا فتّاكة، ورغم ذلك يمشون بين الناس ويتعامل الناس معهم، فمن شاء الله عز وجل أن يبتليه تعرض للعدوى، ومن شاء الله تبارك وتعالى أن يحفظه حفظه الله تعالى.

أرى أنكم أعطيتم الأمر أكبر من حجمه، وأن القضية لا تستحق ذلك كله بالكامل، وأنه يجب عليكم أن تُخرجوها من رؤوسكم تمامًا ولا تفكروا فيها، لا تشغل بالك لا بالحسد ولا بالعين ولا بالمس ولا بالسحر، ما دامت أموركم طيبة لماذا تشغلوا أنفسكم بهذه الوساوس؟!

خاصة وأن الشيطان – لعنه الله – عندما وجد لديكم الاستعداد لقبول هذه الفكرة بدأ يركز عليها ويضغط بكل قوة، حتى يُفسد عليكم حياتكم، فالشيطان ما إن يجد نقطة ضعف إلا وينقض على المسلم من خلالها، وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى بذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بذلك أيضًا.

الواجب علينا ألا نعطي للشيطان فرصة ليلعب بنا – ولدي الكريم – بهذه الصفة وبهذا الوضع المحزن، تتحول حياتكم إلى حياة كئيبة وحياة حزينة لوهم من الأوهام وليس له حقيقة، فأرجو أن تخرج هذه الأفكار من والدتك، وأن تُخرجها من رأسك تمامًا.

قضية التحصين مسألة سهلة، أن تأتي بأحد الرقاة ليقوم بالقراءة في أركان البيت وأركان الغرف، أو يقرأ على ماء وأن يتم رشَّه، وأنت تستطيع أن تفعل ذلك، وأمك تستطيع أن تفعل ذلك، ثم بعد ذلك لا نشغل بالنا بأحد، لأنه لا ضار إلا الله، ولا نافع إلا الله، ولا معطي إلا الله، ولا مانع إلا الله.

هذا الحاسد مهما كانت قوته لم ولن يستطيع أن يحسدك إلا بأمر الله تعالى، حالك حال الساحر، فالساحر أيضًا له قدرة على السحر وله قدرة على إلحاق الضرر بالناس، ولكن لا يمكن أن يؤثر في أحد إلا بإرادة الله تبارك وتعالى. كذلك الأمراض العادية – ولدي طلال – هذه الأمراض موجودة - كما ذكرت لك – في الجو، من خلال التعامل مع الناس، ورغم ذلك لا تُلحق ضررًا بأحد إلا إذا أراده الله سبحانه وتعالى.

يجب أن نُحسن الظن بالله، وألا نشغل بالنا بهذه الأفكار الفاسدة التي تُلحق الضرر بنا، ولا تحقق لنا نفعًا، وأن نعلم أن العين حق لكنها لا تؤثر إلا بأمر الله، فنأخذ بالأسباب. يعني أنت تقول: ماذا نفعل؟ أقول لك: عليك بأذكار الصباح وأذكار المساء فقط، ليس عليك أكثر من ذلك، والأذكار تركز فيها على (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، ومثلها في المساء، وكذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات مساءً ومثلها ليلاً، كذلك التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومائة مرة مساء، تكون بذلك قد حققت إنجازًا عظيمًا.

قراءة آيات الرقية - إن شاء الله تعالى – نافعة، ويمكن أن نستمع إليها، إذا لم نجد من يقرأ، نستطيع أن نأتي بشريط يعمل في البيت – أو CD – بذلك نحقق ما نريد، فالأمر بسيط جدًّا، ولكن الشيطان لما وجد لديكم استعدادا لقبول ذلك سلّطه عليكم حتى أدى إلى هذه الحالة، فالأمر مجرد وهم، ولا أساس له من الصحة، فاستعينوا بالله واصبروا.

أسأل الله لكم التوفيق والسداد، والشفاء العاجل، إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً