الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة وأريدها زوجة لي، كيف أصنع؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة وبعد:

أرجو منكم الإجابة إخواني، وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع.

استناداً إلى الآية الكريمة: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم).

أنا أحب فتاة أصغر مني بسنة، حباً شديداً، وأنا أخشى أن يأخذها غيري عندما تدخل الجامعة، وأنا أخبرت والدي بأني أريد الزواج منها، فقال لي: إن مرتبك (3000) درهم إماراتي، وليس كافياً، وأنت لم تكمل تعليمك الجامعي "( 4) سنوات ".

لكنني أخاف إن أكملت تعليمي الجامعي أن أخسرها، أو أشعر بالحزن عندما أتزوج امرأة أخرى بعد (4) سنوات، فماذا عن الآية الكريمة التي ذكرتها، وهل يمكنني إخبارها بأنني أريد الزواج منها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ليث حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك - ابننا الكريم - في موقعك، ونشكر لك هذه الرغبة في الخير، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يعينك على إقناع والديك، ولا مانع من الاتصال بأهل الفتاة، ولكن عن طريق والديك من أجل إخبارهم بهذه الرغبة، على أن تتهيؤوا جميعًا للزواج، للترتيبات التي تستطيعونها.

الآية التي ذكرت في موضعها، فالله تبارك وتعالى يدعو الأولياء ويدعو الناس إلى مساعدة من يريد النكاح، بل إن العظيم تبارك وتعالى تعهد بمساعدة من يريد الزواج، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة على الله عونهم) وذكر منهم (النكاح يريد العفاف) وقال الله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} كأن قائل يقول: من أين المال؟ من أين (الفلوس)؟ فقال الله: {إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله}.

كان السلف الذين فهموا هذه الآية يقول قائلهم: (التمسوا الغنى في النكاح) والنبي - عليه الصلاة والسلام – زوّج بعض أصحابه بخاتم من حديد أو بما يحفظ أحدهم من كتاب الله المجيد، لأن الإسلام دعوة إلى تعجيل الزواج، وإلى تيسيره، وإلى تسهيل أمر الزواج للشباب، طلبًا للعفة والعفاف والخير.

إن كانت لك رغبة في الفتاة فلا يجوز لك إلا أن تأتي البيوت من أبوابها، وإذا كنت قد أخبرت الوالد والوالدة فبإمكانك أن تطلب من الوالدة أن تُشعر تلك الأسرة برغبتك في الارتباط بفتاتهم، ولا مانع بعد ذلك من أن ينتظروا حتى تتهيؤوا جميعًا، وقد تأتيك إجابة عند ذلك واضحة، الانتظار هكذا دون أن يكون هناك رباط، دون أن يكون هناك كلام قد لا نضمن لك بقاء الفتاة من أجلك، بل ربما كانت الفتاة الآن مرتبطة بغيرك، ولذلك الخطوة الأولى بعد أن أخبرت والديك هو أن يسعى الوالد أو تسعى الوالدة أو حتى الخالة والعمّة بإيصال هذه الرغبة إلى أهل الفتاة، فإن وجدوا تجاوبًا وتعاونًا ورغبة في الخير فعند ذلك كان هذا بمثابة الكلام الأول الذي تستطيع به الفتاة أن تحدد مستقبلها، وتستطيع أنت بعده أن تعمل على السعي في إنجاح هذا المشروع (مشروع الزواج).

عادة الأسر تتفق على المواعيد المناسبة للزواج، فنتمنى أن يكون الوالد والوالدة إيجابيين، وأن يساعدوك في الخطوة التي بعد ذلك، وقد أحسنوا لسماعهم لكلامك، ورغم أننا لا نوافق على أن الزواج من الضروري أن يكون بعد الانتهاء من الجامعة، طالما كان لك شيء من المال، طالما كانت الأسرة باستطاعتها أن تقف إلى جوارك، وخير البر عاجله، ولم يُرَ للمتحابين مثل النكاح، لكن نحن نريدك أن تسعى في هذا الأمر سعيًا مرتبًا، بأن تطلب مساعدة الأعمام والعمات والأخوال والخالات، الذين يمكن أن يؤثروا على الوالد والوالدة.

كذلك عليك أن تطلب نصح العلماء وإرشادهم والدعاة إلى الله، خاصة الذين لهم مقام عندكم في العائلة، لو استطعت أن تصل إليهم من أجل أن يعاونوك في الوصول إلى ما تريد، ثم بعد ذلك على أسرتك أن يخاطبوا أسرة الفتاة.

أما أن تخبر الفتاة وحدك فهذا ما لا نريده ولا تريده هذه الشريعة، لأن الفتاة تظل أجنبية بالنسبة لك، ولكن أن تذهب الوالدة وتذهب الخالة ويذهب الأب أو العم، يقول (ابننا فلان يرغب في الزواج من ابنتكم فلانة، وهو الآن على أبواب الجامعة وسينتهي في كذا، فماذا ترون؟ إن كنتم تريدون الزواج الآن فنحن - إن شاء الله تعالى – على استعداد) ونحو هذا الكلام، لأنه يتكلم باسم العائلة، يتكلم باسم الجماعة.

الزواج ليس رابطاً بين شاب وفتاة فقط، وإنما بين بيت وبيت، بين أسرة وأسرة، أحيانًا بين قبيلة وقبيلة، ولذلك من المهم إشراك هؤلاء في هذا المشروع منذ البداية، بل نحن نعتبر هذه هي الخطوة الأولى، وأي خطوة أو أي محاولة لجهل هذا الجانب ستصطدم بأعراف الناس وسيدفع الجميع – الشاب والفتاة – ثمنًا غاليًا، لأنهم قد يقف أهليهم في طريقهم بعد مزيد من التعلق وبعد مزيد من المخالفات – والعياذ بالله – عند ذلك ستسدّ الأبواب أمامهم، وتكون العقبات في طريقهم، لأجل ذلك لابد أن تكون الخطوة الأولى هي إعلامهم وإشراكهم، وهكذا يكون الزواج الناجح للطرفين.

أكرر: عليك الآن أن تقنع والديك، ثم عليهم أن يتكلموا في شأن الفتاة، ثم بعد ذلك تُحددوا سويًّا الوقت المناسب، إذا جاء الوفاق من الفتاة وأسرتها، ولم تكن الفتاة أيضًا مرتبطة، عند ذلك تسعى أنت في إعداد نفسك، وتعاونك الأسرة في إعداد أمور الزواج، بعد ذلك لا نظن أن الزواج سيحرمك من إكمال التعليم أو سيحرمها من إكمال التعليم، وبين أيدينا أعداد كبيرة من الناجحين والناجحات الذين أكملوا مشوارهم العلمي بعد الزواج، بل نحن نزعم أن الزواج يُعطي دوافع إضافية للنجاح، فإن الإنسان بعد الزواج يشعر أن له ذرية وأن هناك مسؤولية، وأن له زوجة وأولاد سيفرحون بنجاحاته، وهذا دافع كبير يعين الإنسان على التفوق والتقدم.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يعين الجميع على طاعته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب أخوكم فى الله

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.. ادعوا الله تعالى ان يبوؤكم جميعا من الجنة منزلا بلا عداب ولا حساب فموقعكم هدا نور دربي ولكني لاحظت انكم تتناقضون في بعض الفتاوى ارجوا منكم ان تددقوا في مراجعة المفتي فإن يك صوابا فمن عند الله، وإن يك خطأ فمن قبلي والشيطان ,اسأل الله لكم التوفيق والسداد



بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً