الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بكتمة بسبب القلق، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل أن أبدأ بسرد شكواي, أود أن أشكركم وأدعو لكم بالتوفيق والسداد في هذا الشهر الفضيل على هذا الموقع الجميل، والاستشارات التي أفادت مئات الآلاف من الناس الذين يعانون.

مشكلتي بدأت قبل ثلاث سنوات، تعرضت لضغط شديد جداً بسبب اتخاذي قرارات مصيرية أدت إلى قلق شديد في حياتي، وتوتر سبب لي كتمة وضيق تنفس، يستدعي استجداء التثاؤب للحصول على الأوكسجين, عندما يزيد الضغط قد تتحول الحالة إلى نوبة ذعر وهلع تستمر لنصف ساعة.

لم أكتشف أنه سبب التنفس إلا بعد مرور أكثر من سنة، وزيارتي لأكثر من 15 طبيباً مابين استشاريي قلب, صدرية, باطنية .. إلخ، وعشرات التحاليل والأشعة ، حتى وصلت لقناعة أن ما يحدث هو بسبب القلق، وذهبت لدكتور أمريكي ووصف لي سيتالوبرام 20 ملم وقال حبة يوميا مدى الحياة!

تعجبت من ذلك، وقال لا تقلق فقط استمر عليه، وهناك الآلاف يعيشون عليه طوال حياتهم, ولشدة يأسي وحاجتي للعلاج وافقت وبدأت أستخدمه، وارتحت بنسبة 80٪ وبدأت أمارس حياتي الطبيعية، ولله الحمد.

بعد سنة قررت تركه، وذهبت للطبيب وأخبرته ( هو ليس طبيباً نفسياً بالمناسبة ) وقال لا تتركه، ستحتاجه مرة أخرى، ولكن رفضت فأخبرني بالطريقة لتركه، وبالفعل, بعد ثلاثة أشهر بدأت الأعراض تظهر، والتوتر يزيد في حياتي، ( على الرغم من عدم وجود مشاكل حقيقية) ولله الحمد.

قاومت وبصراحة لا أريد أخذ الدواء إطلاقاً لأنني أرفض البقاء تحت رحمة الأدوية، لذلك لدي عدة استفسارات مشكورين.

1- القلق بحد ذاته، لا أبالي به, كل ما أبالي به هي الكتمة التي تقاسمني حياتي وتسيطر علي.

2- هل الاستمرار على السيتالوبرام هو الحل؟ وهل السبرالكس أفضل منه؟

3- هل هناك علاج جذري لحالتي؟ فأنا أخاف أن أبدأ في كورس علاجي ثم ينتهي وأعود للمربع الأول أو أسوأ، وعند محاولتي للرجوع للدواء أكتشف أن فعاليته تقل كما حدث مع الكثير من الناس.

4- هل هذا النوع من الأدوية ( السبرام والسبرالكس) يحتفظ بمقدار جرعته الاعتيادية لو فرضا المريض استخدمه لعدة سنوات طويلة، هل سيضطر لرفع الجرعة ليحصل على الفعالية المنشودة؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صافي النية حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

جزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة التي وردت في رسالتك، ونسأل الله تعالى أن يجعل هذه الأيام الطيبة رحمة ومغفرة وعتقًا من النار، وكل عام وأنتم بخير.

إن حالتك واضحة المعالم حسب ما أوردته في رسالتك، وهي إصابتك بهذا القلق النفسي الذي شابته بعض نوبات الهلع أو الذعر – كما وصفتها – وهذه الحالات حقيقة متداخلة، ودائمًا القلق يكون مرتبطًا بشيء من عدم الارتياح النفسي والخوف، وربما عسر المزاج.

عملية الضيقة التي تحس بها هي جزء أصيل من إفرازات القلق النفسي، لأن التوتر النفسي الداخلي يؤدي إلى توتر عضلي، وأكثر العضلات تأثرًا هي عضلات القفص الصدري.

تجوّلك ما بين الأطباء لا شك أنه أمر مؤسف، لكن هذا هو التاريخ الطبيعي لهذه الحالات، وأقصد بالتاريخ الطبيعي أن الناس تريد أن تتأكد عضويًا، كما أن التفسير العضوي دائمًا قد يكون مقبولاً في مجتمعاتنا أكثر من التفسير النفسي، وهذا بكل أسف نحن كأطباء أيضًا ربما لا نكون مدققين في بعض الأحيان في موضوع العلاقة بين النفس والجسد.

عمومًا -الحمد لله- أنت الآن تسير على الطريق الصحيح فيما يخص حالتك، وأنا أؤكد لك أنها ليست حالة خطيرة، لا أقول هذا من قبيل أن أطمئنك، لكن هذه حقيقة الأمر.

القلق مطلوب – يا أخِي الكريم – كمحرك وطاقة أساسية للنجاح في الحياة، يجب ألا نرفضه كله، لكن قطعًا إذا ازداد وخرج عن النطاق هنا تكون الإشكالية، وفي مثل هذه الحالات التركيز على التفكير الإيجابي وممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء وتجنب الاحتقانات النفسية الداخلية، وذلك من خلال التعبير عن النفس، وهذا نسميه بالتفريغ النفسي، وهو مهم جدًّا.

حسن إدارة الوقت أيضًا من الأشياء الطيبة والجميلة والتي يمكن أن يستهلك الإنسان طاقاته القلقية فيها بصورة إيجابية جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا أريدك أن تتخذ موقفًا سلبيًا حيال الدواء، وما ذكره لك الطبيب الأمريكي – مع احترامي الشديد له – لا أعتقد أنه كلام دقيق، وفي الأصل الطريقة العلاجية الصحيحة فيما يخص الأدوية هو أن تكون البداية جرعة تمهيدية، ثم ينتقل الإنسان لجرعة علاجية، ثم بعد ذلك تكون جرعة الوقاية والتوقف التدريجي، هذا دائمًا أفضل.

بالنسبة لأيهما أفضل الستالوابرام أم السبرالكس؟ أنا أعتقد أن السبرالكس أفضل، حيث إنه أنقى، وفعاليته ربما تكون أقوى نسبيًا، وآثاره الجانبية قليلة، والذي أنصحك به هو أن تتناول هذا الدواء لمدة ستة أشهر على الأقل.

الدراسات معظمها تشير إلى أن الذين يتناولون الدواء لمدة ستة أشهر – حتى عام – نسبة الانتكاسة فيهم تكون أقل، ومن يتناولون الدواء أقل من هذه المدة قطعًا نسبة الانتكاسة فيهم أكبر.

فالذي أقترحه عليك هو أن تبدأ في تناول السبرالكس بجرعة خمسة مليجرام، تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعل الجرعة عشرين مليجرامًا، تناولها يوميًا لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين أيضًا، ولابد أن تستعمل الدعائم السلوكية الأساسية لتثبيت فعالية الدواء، ودائمًا المنهج السلوكي الذي يقوم على تغيير نمط الحياة، وما ذكرناه من فعاليات وممارسات هامة في حياة الإنسان، هي الوسيلة التي تضمن عدم الانتكاسات - إن شاء الله تعالى - .

بالنسبة لأسئلتك أعتقد أنني قد أجبت في موضوع أيهما أفضل الستالوبرام أم السبرالكس، فأقول لك إن السبرالكس أفضل، والحل الجذري لحالتك هو التطبع السلوكي الذي تحدثنا عنه، بجانب تناول الدواء.

بالنسبة لسؤالك: هل هذا النوع من الأدوية استالوبرام والسبرالكس يحتفظ بمقدار جرعته الاعتيادية؟ نعم هذه الأدوية ليس من خصائصها التحمل أو ما يُعرف بالإطاقة، والذي يقصد بها أن تزاد الجرعة في المرة القادمة ليتحصل الإنسان على نفس الفعالية، لا، هذه الأدوية من ميزاتها الممتازة جدًّا أن نفس الجرعة تحتفظ بنفس الفعالية، وهذه ميزة ممتازة جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية سارة الماكي

    شكرااااااا وتسلم

  • ليبيا بنت ليبيا

    باراك الله فيك

  • السعودية ميمو

    الله يعطيك العافيه

  • السعودية مها الشهري

    شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً