الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي يستجيب لبعض الأوامر دون الأخرى .. فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية: أنا كتبت لكم استشارتي هنا؛ لأنني لم أستطع إرسال استشارتي عن طريق باب الاستشارة لعطل ما, لا أدري ما هو, وقد كتبت لكم مسبقًا شكوى عن ذلك, فطلبتم مني أن أحاول مرة أخرى, وإذا لم يأت ذلك بنتيجة، فإن باستطاعتي إرسال استشارتي من هنا, فأرجو أخذها بعين الاعتبار, ولكم مني جزيل الشكر.

ابني عمره سنتان وسبعة شهور، وهو إلى الآن لا يتكلم غير كلمة "ماما وبابا"، ويتكلم كثيرًا بكلمات غير مفهومة, مع العلم أنني قمت بعمل رنين مغناطيسي له, وبفضل الله النتيجة سليمة, ومن إيجابياته أنه يحب تصفح الكتب والمجلات والصحف، وتركيب المكعبات، ويحب اللعب بالكرة، ويتفاعل باللعب معي ومع والده, وهو شديد التركيز على التلفاز, خصوصًا مشاهدة الإعلانات التجارية، وسماع الموسيقى, وبعض الأغاني والأناشيد, ويحب أيضًا مشاهدة قنوات الأطفال.

مشكلتي معه: أنه لا يستجيب للأوامر كالأطفال في مثل سنه، فعندما أطلب منه أن يفتح الباب أو أن يغلقه مثلاً لا يستجيب, وإذا طلبت منه أن يحضر لي شيئًا ما، أو أن يلقي شيئًا في سلة المهملات لا يستجيب, وهكذا.

وعندما أحاول تعليمه لا ينتبه لي، وعندما أقوم بمسكه ليلتفت لي ويصغي إليّ يبدأ بالصراخ, ويتفلّت مني, ويبدي عدم رغبته في الاستماع لي, فهو لا يريد الانتباه, ولا يحب أن يجبره أحد على القيام بأي شيء, حتى أنني عندما أطلب منه أن يعطيني شيئًا موجودًا أمامه وأشير له بيدي عليه, مثل أن أقول له: "أعطني هذه الكأس مثلاً, وأشير بيدي إلى الكأس" لا يستجيب, ويذهب عني, وهو يستجيب لأمور بسيطة فقط, مثل: "خذ هذه"، فيلتفت إليّ ويأخذ الشيء، وعندما أقول له: "صفق" يقوم بالتصفيق، ويصفق أيضًا عندما أقول له كلمة: "شاطر" وأقوم بتشجيعه فيصفق.

وعندما أطلب منه أن يحضنني، يقترب مني ويحضنني أحيانًا, وأحيانًا أخرى يتجاهلني, ويبتسم لي فقط, علمًا أنني متعلقة به, وهو متعلق بي, ولكنه يحب الخروج مع والده كثيرًا إلى أي مكان.

وعندما أطلب منه أن يصافح يصافحني أنا ووالده فقط, أما الأشخاص الآخرون فلا, وعندما يمسك سماعة الهاتف وأقول له: "ألو" فإنه يضع السماعة على أذني, ويرفض وضعها على أذنه، وهو من النوع الذي لا يحب أن يلمسه أحد, ويتأثر بالأصوات العالية جدًّا, وعندما أقول له: "لا, لا تفعل هذا الأمر" يفهمني, ويعي أن ذلك خطأ, ولكنه لا يسمع الكلام دائمًا.

وعندما أطلب منه أن يطعمني شيئًا يأكله يأتي ليطعمني، وعندما أقول له: "تعال كُلْ" يأتي إليّ ليأكل, ويستجيب لي عندما أناديه باسمه, ولكنه أحيانًا - إذا كان يشاهد التلفاز - لا يستجيب, أشعر بالحيرة: لماذا يستجيب ويفهم بعض الأمور والأشياء ولا يستجيب لأمور وطلبات أخرى؟!

هو أيضًا يحب التسلق كثيرًا في أي مكان، ويحب الكتابة بالقلم على الدفتر (يشخبط), ولكن لفترة وجيزة, وهو طفل مسالم, وغير عدواني على الإطلاق, بالإضافة إلى أن طفلي غير اجتماعي، ويحب ويسعد كثيرًا بوجود الأطفال, ولكنه لا يلعب معهم, ويقوم بالبكاء مثلاً إذا قمت بإطعام طفل آخر أمامه.

أنا قلقة جدًّا على ولدي, علمًا بأنه ابني البكر, ولديه أخت لم يتجاوز عمرها الأربعة شهور, فهل طفلي يعاني من مشكلة ما؟ وهل يعاني من تأخر في نموه التطوري والإدراكي؟ وهل هو بحاجة إلى علاج؟

أرجو إفادتي والرد على رسالتي بأسرع وقت ممكن, ولكم مني جزيل الشكر والتقدير, وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ em yahya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

شكرًا لك على السؤال المطول، ويا ليت من يكتبون أسئلتهم أن يكملوا المعلومات عنهم, كالعمر, والمهنة, وبلد الإقامة، ففي كثير من الأحيان يمكن لمن يجيب على السؤال أن يربط بين السؤال وبين بعض هذه المعطيات.

إن أكثر ما ورد في سؤالك عن طفلك البكر هي أمور طبيعية في مثل سنه، كأن يسمع ويستجيب لما يحب، ولا يسمع ولا يستجيب عندما لا يريد، ألم نفعلها جميعًا عندما كنا صغارًا؟!

كونك تخافين على طفلك أمر طبيعي -وهكذا كل الأمهات - فالله قد وضع فيهن - وفي الآباء أيضًا - الكثير من غريزة المحبة والشفقة على فلذات أكبادنا، ولكن من غير المقبول أن لا نعرف طبيعة مرحلة الطفولة وتطورها واحتياجاتها، من أجل حسن الاستجابة لهذه الحاجات ومتطلبات هذه المرحلة.

ولا بد لتحقيق هذا من بذل جهد أكبر في التعرف على عالم الطفولة, وخاصة من قراءة كتاب أو كتابين عن عالم الطفولة، ومراحلها واحتياجاتها.

اطمئني - أيتها الأم الفاضلة - وكما ذكرتُ أن معظم ما ذكرتِ أمر طبيعي لطفل في هذه العمر.

والمطلوب منك، بالإضافة للقراءة عن الطفولة، أن تقدمي لطفلك أمرين، الأول: هو الحب والرعاية، والتي لاشك أنك تقدمين الكثير منها - كما هو واضح في رسالتك -.

والثاني هو: تعليمه "الانضباط" والعيش عليه، وهو ببساطة أن تعززي عنده كل سلوك إيجابي تحبينه منه وتستحسنينه منه وتريدينه أن يكرره، فتلاحظي هذا السلوك، وتشكريه عليه، وبذلك سيتكرر, وفي نفس الوقت تتجاهلي أو تغضي النظر عن السلوك السلبي، طالما لا يعرضه أو يعرّض غيره للأذى، فتتجاهلي هذا السلوك وكأنه لم يحدث، فلا تعطيه الانتباه، وبذلك سيختفي هذا السلوك مع الوقت، ويحلّ محله السلوك الإيجابي السابق, والذي قمت بتعزيزه, وهكذا.

وبتقديم المحبة والرعاية من جانب، وتعليم الانضباط من جانب آخر، سيكون طفلك على الشكل الذي تحبين.

وبالنسبة للكلام: فلا بأس بما وصفت، وربما يفيد التأني مع طفلك، ومتابعة الحديث معه، ورويدًا رويدًا سيلتقط الكلمات، فكثير من الأطفال يتأخر عندهم الكلام قليلاً، وأكثرهم ينمو ويتجاوز هذا من غير مضاعفات.

حفظ الله طفلك وكل أطفال المسلمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر ابو علاء

    تحياتي للجميع حفظ الله طفلك ام يحي وكل اطفال المسلمين
    لقد ارتحت قليلا عند قراءتي لمشكلتكي ورد المختص فانا كذلك لي ابن في الشهر ال 28وحالته شبيهة جدا بحالة ابنكي تماما الا ان طفلي علاء الدين يحب اللعب معنا او مع اخيه الاكبر ذو ال 24سنوات الى درجة انه عندما نتركه يبدا بالبكاء كي نستمر باللعب معه اخدته لمختصة ارطوفونيا وضعت له برنامج بحصتين في الاسبوع وقالت بانه له التصاق خفيف في اللسان وان اقتضى الامر ننزعه له.صراحة لم تقنعني ففي اول حصة اخدته من يدي عند الباب وهو يصرخ وقالت لي ارجع بعد ساعة وعندما رجعت وجدته في حالة سييءة بالبكاء والصراخ فاخدته دون رجعة.اللهم احفظ اولادنا وقرة اعيننا من كل مكروه.

  • تركيا احمد ابوزيد

    حفظكم الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً