الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي مشاكل نفسية كثيرة وقد تحسنت مع الدواء وأهلي يرفضون أن أتناوله

السؤال

أنا شاب عمري 26 عاماً، أعاني من الاكتئاب والقلق، ومن المشاكل التالية:

1- اضطراب في التفكير وفي الجسد، فغالباً ما أجلس بصور خاطئة أو أمشي مشية غير صحيحة.

2- تبلد المشاعر والإحساس، وقلة الاتصال بالواقع.

3- عدم إدراك كامل بأمور الحياة، والافتقاد للتصرف الصحيح في التعامل مع الحياة.

4- قلة الرغبة بالحياة، وعدم الاستمتاع الكامل بالملذات.

5- شكل الحياة سوداودي وقبيح أمامي، ويشتد أحيانا ويتحسن نادرا، بالإضافة إلى أفكار سوداوية وسخيفة.

6- اللامبالاة وعدم الاكتراث كثيرا لأمر محزن، وعدم التأثر بالإهانة من الوالدين مثلا.

7- الشعور بالذنب.

8- الشعور بالتقزز.

9- عدم الشعور بقيمة الحاجات والمال والإسراف.

10- الخجل والانطوائية، وعدم التفاعل مع المجتمع.

11- سذاجة في الشخصية والتفكير.

12- التقلبات في المزاج: حيث يتحسن المزاج بدون سبب، ويسوء بدون سبب.

13- الشعور بالانفراج، والإحساس بالواقع في بعض الأحيان، ولكنه يستمر ثانيتين أو ثلاثا.

14- التكاسل الشديد في أداء بعض الأعمال والدراسة.

15- عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي والأناقة.

16- قلة في التكلم.

وقد راجعت طبيبين نفسيين وشرحت لهما ما أسلفت ذكره، الأول في عام (2010) فوصف لي (اولانزابين + استلازين) وقد استعملتهما لمدة شهر وتركت العلاج بسبب الشعور بالتخشب؛ لأنه لم يصف لي دواء يمنع التخشب، وأنا لم أكن أعرف أنه يجب تناول دواء مع الاولانزابين والاستيلازين لتلافي التخشب، وبعد ستة أشهر راجعت طبيباً آخر فوصف لي كبسولة تركيب هي عبارة عن ثلاثة أدوية وهي: رزبريدون، وسيرترالين (زولوفت) واستيلازين، بالإضافة إلى بروسيكليدين للحد من التخشب، وإلى الآن أتناول الدواء، وتحسنت بصورة طفيفة جداً، ولم تصل حالتي إلى ربع الحد المطلوب.

فهل هذه الأدوية التي وصفت لي هي أدوية فعالة؟ فأهلي يضغطون عليّ باستمرار لكي أترك الأدوية لأنهم يعتقدون أن لها مساوئ كثيرة، مثل: ضعف القوة الجسدية، وضعف القوة الجنسية أو أضرار في الكلى، وهل يجب عليّ ترك الأدوية وسماع نصيحة أهلي أم أستمر؟

لقد رسبت لسنوات عدة في دراستي الجامعية، وتركتها بسبب إهمالي وضعف فهمي للمواد الدراسية، فهل السبب مني أم أن حالتي النفسية هي السبب في فشلي دراسياً؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأؤكد لك أننا قد تفهمنا رسالتك تمامًا، فقد تدارستها بكل دقة، والذي توصلتُ إليه أنك تعاني من مزاج اكتئابي عام، واضطراب التفكير الذي لديك ربما يكون ناتجًا من هذا الاكتئاب أو أنك قد مررت بنوع من عدم الاستقرار الذهاني لفترة، ثم بعد ذلك تحسنت أحوالك وأصبحت أفضل، فأنت الآن مطالب بأن تكون حريصًا على تناول العلاج الدوائي.

أنا أقدر مشاعر أهلك جدًّا، وبكل أسف الطب النفسي في كثير من المجتمعات والدول اقترن بما نسميه بالوصمة الاجتماعية، أي أن الذي يذهب للطبيب النفسي إما أن يكون مجنونًا، أو مختل العقل، أو منحرفاً، أو مدمناً، أو شيئاً من هذا القبيل، وهنالك أيضًا أمور تُشاع عن الأدوية النفسية أنها تسبب الإدمان، وأنها تقلل من الذكورية لدى الرجل، وهذا الكلام ليس صحيحًا.

في الماضي كانت توجد أدوية ربما لها آثار جانبية سلبية كثيرة، لكن الآن أصبح الأطباء أكثر إدراكًا ووعيًا للحالات النفسية، وكذلك الذهانية، وهنالك أسس ومعايير للتشخيص، هذه الأسس محددة جدًّا وواضحة ولا لبس فيها، وفي ذات الوقت -وبفضل من الله تعالى- أصبحت الأدوية الجيدة والسليمة متوفرة، ومعظم الأدوية الموجودة الآن هي قليلة الآثار الجانبية.

الشيء المهم جدًّا هو أن تواصل علاجك، وأن يذهب أحد من أسرتك معك للطبيب، ودع الطبيب يشرح له طبيعة حالتك وحاجتك للدواء، وأن الدواء لا يمكن أن يضرك، الدواء لا يمكن أن ينقصك في أي شيء، لكن المرض يُنقص الإنسان، فاستمر على الدواء الأخير الذي وصفه لك الطبيب، وأنا أقول لك أنك -إن شاء الله تعالى- سوف تتحسن حتى وإن كان التحسن تحسنًا بطيئًا أو طفيفًا، فهي بداية وبداية مهمة جدًّا، وفي بعض الحالات النفسية نحن نقول أن الإنسان حتى إن لم يتدهور هذا في حد ذاته يعتبر إنجازًا إيجابيًا، والإنسان حين لا يتدهور هذا يعني أن التحسن سوف يأتي في المستقبل، فكن متفائلاً.

أريدك أيضًا أن تؤهل نفسك اجتماعيًا، وهذا يتم من خلال أن تدفع نفسك دفعًا من أجل التواصل الاجتماعي، تشارك الناس في مناسباتهم، تحضر المحاضرات، زيارة الأرحام، الصلاة مع الجماعة، حضور الجنائز، الإصرار على مواصلة الدراسة، وتنظيم الوقت هو من المفاتيح الرئيسية والأساسية جدًّا لينجز الإنسان دراسيًا وتعليميًا وأكاديميًا.

فالذي أرجوه منك هو أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية، وحقيقة الطريقة التي كتبت بها هذه الرسالة بالنسبة لي هي دليل قاطع أنك لديك الكثير من المقدرات، فلا تقلل من شأن نفسك.

نعم من الجميل أن يكون الإنسان متواضعًا، لكن يجب أن لا يحتقر مقدراته، هذا مهم، وإن شاء الله تعالى تطور نفسك بمرور الزمن، حافظ على علاجك، وسل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ومن جانبي أقول لك: بارك الله فيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ألمانيا Ahmed

    السؤال جميل جدا والجواب اجمل بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً