الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوراثة السلبية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أسأل عن الوراثة، وراثة الصفات والشكل والتصرفات، فنحن في عائلتنا تجد التصرفات والصفات في الشكل متشابهة، والمشكلة أنها أكثرها سلبية، يعني أنا لدي تصرفات سيئة، وهذه التصرفات أريد أن أغيرها ولكني لا أستطيع أو مرض أريد أن يشفى لا أستطيع، وأريد أن أغير مشاعري لا أستطيع! لأنها كلها موروثة أجدها عند أقاربي أو عند والدي.

علما أن والديّ أولاد عم، وحتى إنها تخرج في الأحفاد، ولقد ورثنا شيئا واحدا جيدا، وهو حسن الخلق، فالناس أغلبهم يحبوننا ويحترموننا، والحمد الله، فهذه الصفة كانت لدى أجدادي وأقاربي.

سؤالي هو: كيف أتخلص من الأشياء الموروثة؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ thamer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فشكرا لك على السؤال الشيق.

إن موضوع العلاقة بين تفاعل تأثير الوراثة وتأثير البيئة، موضوع قديم جديد، فمن القديم اهتم الناس بهذا السؤال، ويتراوح الناس بين هذين الجانبين، تأثير الوراثة والتي ليس لنا تأثير كبير عليها، وبين تأثير البيئة حيث يقل جدا تأثير الوراثة.

من خلال عملي في مجال السلوك الإنساني، وتخصصي في مجال الطب النفسي، وخاصة من خلال اهتمامي في نشوء السلوك والمواقف والتوجهات عند الإنسان من نعومة أظفاره، فإني أميل كثيرا للتأثير الكبير للبيئة، وبالذات من خلال ما نسميه "التعلم الاجتماعي" والذي يشير إلى السلوك، وأحيانا الصفات الشخصية التي هي مكتسبة مُتعلمة من خلال الاحتكاك الاجتماعي.

هناك الكثير من الصفات التي قد نعتقد من شدتها بأنها وراثية عن طريق الجينات الوراثية، ولكنها في الحقيقة صفات اكتسبناها من خلال احتكاكنا بوالدينا والناس من حولنا، اكتسبناها من خلال تقليد هؤلاء الكبار، والتباهي معهم، ومحاكاتهم، ومن الخلال العيش الطويل معهم.

ولا شك فإن للوراثة تأثيرا كبيرا في حياتنا، ولكنه تأثير يكاد يقتصر على الصفات الجسدية الخـَلقية كالطول والقصر، ولون الجلد والعينين، ونوعية الشعر وكثرته وقلته، وغيرها من الصفات الجسدية والبدنية، بينما تميل الفروق الخـُلقية والسلوكية وطبيعة الشخصية أن تكون نتيجة التعلم الاجتماعي، ما عدا ربما بعض الحالات من الحالة المزاجية، وسرعة الانفعال أو بطئه، فقد يكون للوراثة والهرمونات تأثير في هذا.

التفسير البيئي المكتسب للسلوك والتصرفات أقرب أيضا للمفهوم النفسي في تغيير السلوك والتصرفات، وأقرب للمدارس التربوية التي تدعو مناهجها لإمكانية تغيير السلوك والتصرفات وحتى الشخصية.

ما ورد في سؤالك من تحلي أسرتك وأقربائك بالخلق الحسن، فالفضل في هذا –بعد الله- يعود في الحقيقة لكم ولتصرفاتكم، ولحسن التربية التي تعيشون عليها، حيث لا توجد هناك جينات معينة تعطي في نتيجتها حسن الخلق، إلا أنها التربية.

كما نلاحظ أن التفسير البيئي المكتسب للسلوك والصفات تعطينا حدا كبيرا للشعور بالمسؤولية، أكثر من مجرد ردّ الأمر للوراثة وكفى.

ولا ننس أيضا أن الله تعالى لم يكن ليحاسبنا عن مسؤولياتنا عن أعمالنا ولسوكنا لو كان سلوكنا شيئا ورثناه من والدينا، وليس من كسبنا.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً