الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في هموم الآخرين كثيرا فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

أنا شخصية تتعايش مع جميع الناس بدون تفريق, لو ذكر لي أحد من أفراد أسرتي مشكلة أو حادثة أصابت أي شخص سواء كنت أعرف هذه الشخصية أو لا؛ تجدني أصاب بحالة من الحزن والقلق, وتجدني أفكر في العديد من الحلول وكأن هذه الشخصية تسمعني، لدرجه أنني أصبحت أفكر كثيرا, على سبيل المثال: زوج أختي لديه أخت مريضة نفسيا, وعندما سمعت الخبر، أصبحت أفكر وأدعو لها، ومشغولة بها -ليس معها فقط، بل مع جميع الناس- فما هو السبب؟ وكيف أغير من طبعي؟ وهل أنا إنسانه سلبية أم إيجابية؟

لدرجة أنني عاقبت نفسي بأن أتعهد على نفسي حتى تذهب عني هذه الأفكار بحفظ كتاب الله، وبدأت بذلك ونجحت الخطة، ولكن الحزن والقلق والتفكير لا زال بدخلي.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الناس يتفاوتون في تفاعلهم العاطفي حول الأحداث، وأنت من الواضح جدًّا أنك إنسانة تتميزين بعواطف مسترسلة، وبفضل الله تعالى الرحمة تسيطر على كيانك، وقلبك عطوف، وهذا من رحمة الله بك.

هذه ليست علة مرضية حقيقية، بل ربما تكون أمرًا إيجابيًا, وإن كنت بالطبع أقدر مشاعرك ومقدار الإزعاج الذي يسببه لك هذا الأمر، هذا نوع من التطبع الوجداني ربما يكون مرتبطًا بشخصيتك, وربما يكون مرتبطًا بتربيتك، وربما يكون لديك أيضًا شيء من المخاوف الوسواسية البسيطة التي تثير لديك هذه المشاعر في المواقف التي تستحق والمواقف التي لا تستحق.

فأنا أؤكد لك أن شخصيتك ليست سلبية، شخصيتك ليست ضعيفة، إنما هي شخصية عطوفة حنونة، وأنت افهمي الأمور على هذا السياق، وهذا في حد ذاته يعتبر نوعًا من الحل، وبعد ذلك قولي لنفسك: (أنا يجب أن أفرق بين المواقف, الذي في قلبي هو رحمة، والرحمة أمر عظيم وقيمة رائعة، لكني أيضًا يجب أن أكون صلبة وثابتة في الأمور التي تتطلب ذلك، وأن لا يكون تفاعليا مع الأحداث على نفس النسق وبنفس المستوى).

الدعاء للمرضى هو أمر مرغوب وأمر ممتاز، فأن تدعي للمريض بالشفاء هذا إن شاء الله تعالى لك فيه ثواب، فلا تحرمي نفسك أبدًا من هذه النعمة، لكن تفاعلاتك الوجدانية يجب أن تكون في حدود ما هو مطلوب ومعقول.

طاقاتك هذه يمكن أن توجه لأمور أخرى كثيرة, متى ما أتيحت لك الفرصة للمساهمات في الأنشطة الخيرية، المعسكرات الخيرية، أطباق الخير، الانضمام لأي جمعية نسوية تعمل في مجال البر والإحسان، هذا سوف يؤدي إلى تأصيل مشاعرك ونضوجها بصورة إيجابية جدًّا، ويعطيك إن شاء الله فرصة لأن تعيشي راحة نفسية ورضا كاملا دون أن تتصادمي مع مشاعرك ومع قيمك.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أقول لك أنت لست مريضة، هذا نمط من أنماط الشخصية، مشاعر إنسانية، وليس أكثر من ذلك، وإن شاء الله تعالى مع النضج النفسي المطرد والمتطور والمرتبط بالعمر, واكتساب المهارات، سوف يكون لك التمييز الذي يتطلبه كل موقف وجداني وعاطفي.

أنت لست في حاجة لأي نوع من العلاج الدوائي؛ لأنك لست مريضة، وأنا سعيد أنك حريصة على أن تحفظي كتاب الله، أسأل الله تعالى أن يوفقك لذلك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً