حَرْفُ التَّاءِ [ ص: 202 ] [ ص: 203 ] [ ص: 204 ] [ ص: 205 ] التَّاءُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَهْمُوسَةِ ، وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ النَّطْعِيَّةِ ، وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالثَّاءُ ، ثَلَاثَةٌ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ .
تَا : التَّاءُ : حَرْفُ هِجَاءٍ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ تَاءٌ حَسَنَةٌ ، وَتُنْسَبُ الْقَصِيدَةُ الَّتِي قَوَافِيهَا عَلَى التَّاءِ تَائِيَّةٌ ، وَيُقَالُ : تَاوِيَّةٌ ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الرُّؤَاسِيُّ يَقُولُ : بَيَوِيَّةٌ وَتَيَوِيَّةٌ ; الْجَوْهَرِيُّ : النَّسَبُ إِلَى التَّاءِ تَيَوِيٌّ . وَقَصِيدَةٌ تَيَوِيَّةٌ : رَوِيُّهَا التَّاءُ . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ الْأَحْمَرِ : تَاوِيَّةٌ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ أَخَوَاتُهَا ; وَالتَّاءُ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ وَهِيَ تُزَادُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِذَا خَاطَبْتَ تَقُولُ : أَنْتَ تَفْعَلُ ، وَتَدْخُلُ فِي أَمْرِ الْمُوَاجَهَةِ لِلْغَابِرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا ) قَالَ الشَّاعِرُ :
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دَارُهَا : تِيذَنْ فَإِنِّي حَمْؤُهَا وَجَارُهَا .
أَرَادَ : لِتِيذَنْ ، فَحَذَفَ اللَّامَ وَكَسَرَ التَّاءَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ : أَنْتَ تِعْلَمُ ، وَتُدْخِلُهَا أَيْضًا فِي أَمْرِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَتَقُولُ : مِنْ زُهِيَ الرَّجُلُ : لِتُزْهَ يَا رَجُلُ وَلِتُعْنَ بِحَاجَتِي . قَالَ الْأَخْفَشُ : إِدْخَالُ اللَّامِ فِي أَمْرِ الْمُخَاطَبِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّامَ إِنَّمَا تَدْخُلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُقْدَرُ فِيهِ عَلَى افْعَلْ ، تَقُولُ : لِيَقُمْ زَيْدٌ ؛ لِأَنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى افْعَلْ ، وَإِذَا خَاطَبَتْ قُلْتَ : قُمْ لِأَنَّكَ قَدِ اسْتَغْنَيْتَ عَنْهَا . وَالتَّاءُ فِي الْقَسَمِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ كَمَا أَبْدَلُوا مِنْهَا فِي تَتْرَى وَتُرَاثٍ وَتُخَمَةٍ وَتُجَاهٍ ، وَالْوَاوُ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ ، تَقُولُ : تَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا ، وَلَا تَدْخُلُ فِي غَيْرِ هَذَا الِاسْمِ ، وَقَدْ تُزَادُ التَّاءُ لِلْمُؤَنَّثِ فِي أَوَّلِ الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي آخِرِ الْمَاضِي ، تَقُولُ : هِيَ تَفْعَلُ وَفَعَلَتْ ، فَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنِ الِاسْمِ كَانَتْ ضَمِيرًا ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ كَانَتْ عَلَامَةً . قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ : تَاءُ التَّأْنِيثِ لَا تَخْرُجُ عَنْ أَنْ تَكُونَ حَرْفًا تَأَخَّرَتْ أَوْ تَقَدَّمَتْ ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَقَدْ تَكُونُ ضَمِيرَ الْفَاعِلِ فِي قَوْلِكَ : فَعَلْتُ ، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ ، فَإِنْ خَاطَبْتَ مُذَكَّرًا فَتَحْتَ ، وَإِنْ خَاطَبْتَ مُؤَنَّثًا كَسَرْتَ ; وَقَدْ تُزَادُ التَّاءُ فِي أَنْتَ فَتَصِيرُ مَعَ الِاسْمِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُضَافَةً إِلَيْهِ ; وَقَوْلُ الشَّاعِرِ :
بِالْخَيْرِ خَيْرَاتٍ وَإِنْ شَرًّا فَا وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا .
قَالَ الْأَخْفَشُ : زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَاءَ وَالتَّاءَ فَرَخَّمَ ، قَالَ : وَهَذَا خَطَأٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ : زَيْدًا وَا تُرِيدُ وَعَمْرًا لَمْ يُسْتَدَلَّ أَنَّكَ تُرِيدُ وَعَمْرًا ، وَكَيْفَ يُرِيدُونَ ذَلِكَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْحُرُوفَ ؟ قَالَ ابْنُ جِنِّي : يُرِيدُ أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ زَيْدًا وَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقُولَ وَعَمْرًا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّكَ تُرِيدُ عَمْرًا دُونَ غَيْرِهِ ، فَاخْتَصَرَ الْأَخْفَشُ الْكَلَامَ ثُمَّ زَادَ عَلَى هَذَا بِأَنْ قَالَ : إِنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ الْحُرُوفَ ، يَقُولُ الْأَخْفَشُ : فَإِذَا لَمْ تَعْرِفِ الْحُرُوفَ فَكَيْفَ تُرَخِّمُ مَا لَا تَعْرِفُهُ وَلَا تَلْفِظُ بِهِ ؟ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَرْخِيمُ الْفَاءِ وَالتَّاءِ ؛ لِأَنَّهُمَا ثُلَاثِيَّانِ سَاكِنَا الْأَوْسَطِ فَلَا يُرَخَّمَانِ ، وَأَمَّا الْفَرَّاءُ فَيَرَى تَرْخِيمَ الثُّلَاثِيِّ إِذَا تَحَرَّكَ أَوْسَطُهُ نَحْوَ حَسَنٍ وَحَمَلٍ ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ السِّينَ تَاءً ; وَأَنْشَدَ لِعِلْبَاءَ بْنِ أَرْقَمَ :
يَا قَبَّحَ اللَّهُ بَنِي السِّعْلَاتِ : عَمْرَو بْنَ يَرْبُوعٍ شِرَارَ النَّاتِ ! لَيْسُوا أَعِفَّاءَ وَلَا أَكْيَاتِ .
يُرِيدُ النَّاسَ وَالْأَكْيَاسَ ، قَالَ : وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ التَّاءَ كَافًا ; وَأَنْشَدَ لِرَجُلٍ مِنْ حِمْيَرَ :
يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ طَالَمَا عَصَيْكَا وَطَالَمَا عَنَّيْتَنَا إِلَيْكَا لَنَضْرِبَنْ بِسَيْفِنَا قَفَيْكَا .
اللَّيْثُ : تَا وَذِي لُغَتَانِ فِي مَوْضِعِ ذِهِ ، تَقُولُ : هَاتَا فُلَانَةُ ، فِي مَوْضِعِ هَذِهِ ، وَفِي لُغَةٍ تَا فُلَانَةُ ، فِي مَوْضِعِ هَذِهِ . الْجَوْهَرِيُّ : تَا اسْمٌ يُشَارُ بِهِ إِلَى الْمُؤَنَّثِ مِثْلُ ذَا لِلْمُذَكَّرِ ; قَالَ النَّابِغَةُ :
هَا إِنَّ تَا عِذْرَةٌ إِنْ لَا تَكُنْ نَفَعَتْ فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَدْ تَاهَ فِي الْبَلَدِ !
وَعَلَى هَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ قَالُوا : تِيكَ وَتِلْكَ وَتَالِكَ ، وَهِيَ أَقْبَحُ اللُّغَاتِ كُلِّهَا ، فَإِذَا ثَنَّيْتَ لَمْ تَقُلْ : إِلَّا تَانِ وَتَانِكَ وَتَيْنِ وَتَيْنِكَ فِي الْجَرِّ وَالنَّصْبِ فِي اللُّغَاتِ كُلِّهَا ، وَإِذَا صَغَّرْتَ لَمْ تَقُلْ : إِلَّا تَيَّا ، وَمِنْ ذَلِكَ اشْتُقَّ اسْمُ تَيَّا ، قَالَ : وَالَّتِي هِيَ مَعْرِفَةُ تَا ، لَا يَقُولُونَهَا فِي الْمَعْرِفَةِ إِلَّا عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ ، [ ص: 206 ] وَجَعَلُوا إِحْدَى اللَّامَيْنِ تَقْوِيَةً لِلْأُخْرَى اسْتِقْبَاحًا أَنْ يَقُولُوا الَّتِي ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِهَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ الْمُعَرِّفَةَ ، وَالْجَمْعُ اللَّاتِي ، وَجَمْعُ الْجَمْعِ اللَّوَاتِي ، وَقَدْ تَخْرُجُ التَّاءُ مِنَ الْجَمْعِ فَيُقَالُ اللَّائِي مَمْدُودَةً ، وَقَدْ تَخْرُجُ الْيَاءُ فَيُقَالُ اللَّاءِ ، بِكَسْرَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْيَاءِ ، وَبِهَذِهِ اللُّغَةِ كَانَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يَقْرَأُ ; وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ :
مِنَ اللَّاءِ لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حِسْبَةً وَلَكِنْ لِيَقْتُلْنَ الْبَرِئَ الْمُغَفَّلَا .
وَإِذَا صَغَّرْتَ الَّتِي قُلْتَ : اللَّتَيَّا ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ اللَّتَيَّا قُلْتَ : اللَّتَيَّاتِ ، قَالَ اللَّيْثُ : وَإِنَّمَا صَارَ تَصْغِيرُ تِهِ وَذِهِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ اللُّغَاتِ تَيَّا لِأَنَّ كَلِمَةَ التَّاءِ وَالذَّالِ مِنْ ذِهِ وَتِهِ كُلُّ وَاحِدَةٍ هِيَ نَفْسٌ وَمَا لَحِقَهَا مِنْ بَعْدِهَا فَإِنَّهَا عِمَادٌ لِلتَّاءِ لِكَيْ يَنْطَلِقَ بِهِ اللِّسَانُ ، فَلَمَّا صُغِّرَتْ لَمْ تَجِدْ يَاءُ التَّصْغِيرِ حَرْفَيْنِ مِنْ أَصْلِ الْبِنَاءِ تَجِيءُ بَعْدَهُمَا كَمَا جَاءَتْ فِي سُعَيْدٍ وَعُمَيْرٍ ، وَلَكِنَّهَا وَقَعَتْ بَعْدَ التَّاءِ فَجَاءَتْ بَعْدَ فَتْحَةٍ ، وَالْحَرْفُ الَّذِي قَبْلَ يَاءِ التَّصْغِيِرِ بِجَنْبِهَا لَا يَكُونُ إِلَّا مَفْتُوحًا ، وَوَقَعَتِ التَّاءُ إِلَى جَنْبِهَا فَانْتَصَبَتْ وَصَارَ مَا بَعْدَهَا قُوَّةً لَهَا ، وَلَمْ يَنْضَمَّ قَبْلَهَا شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَهَا حَرْفَانِ ، وَجَمِيعُ التَّصْغِيرِ صَدْرُهُ مَضْمُومٌ وَالْحَرْفُ الثَّانِي مَنْصُوبٌ ثُمَّ بَعْدَهُمَا يَاءُ التَّصْغِيرِ ، وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَرْفَعُوا التَّاءَ الَّتِي فِي التَّصْغِيرِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ دَخَلَتْ عِمَادًا لِلِّسَانِ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ فَصَارَتِ الْيَاءُ الَّتِي قَبْلَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ؛ لِأَنَّهَا قُلِبَتْ لِلِّسَانِ عِمَادًا ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِي الْحَشْوِ لَمْ تَكُنْ عِمَادًا ، وَهِيَ فِي تَيَّا الْأَلِفُ الَّتِي كَانَتْ فِي ذَا ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ : هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الْمُبْهَمَةُ مُخَالِفَةُ لِغَيْرِهَا فِي مَعْنَاهَا وَكَثِيرٍ مِنْ لَفْظِهَا ، فَمِنْ مُخَالَفَتِهَا فِي الْمَعْنَى وُقُوعُهَا فِي كُلِّ مَا أَوْمَأْتُ إِلَيْهِ ، وَأَمَّا مُخَالَفَتُهَا فِي اللَّفْظِ فَإِنَّهَا يَكُونُ مِنْهَا الِاسْمُ عَلَى حَرْفَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : حَرْفُ لِينٍ نَحْوُ ذَا وَتَا ، فَلَمَّا صُغِّرَتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ خُولِفَ بِهَا جِهَةَ التَّصْغِيرِ فَلَا يُعْرَبُ الْمُصَغَّرُ مِنْهَا وَلَا يَكُونُ عَلَى تَصْغِيرِهِ دَلِيلٌ ، وَأُلْحِقَتْ أَلِفٌ فِي أَوَاخِرِهَا تَدُلُّ عَلَى مَا كَانَتْ تَدُلُّ عَلَيْهِ الضَّمَّةُ فِي غَيْرِ الْمُبْهَمَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ اسْمٍ تُصَغِّرُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُبْهَمَةِ تَضُمُّ أَوَّلَهُ نَحْوَ : فُلَيْسٍ وَدُرَيْهِمٍ ؟ وَتَقُولُ فِي تَصْغِيرِ ذَا : ذَيًّا ، وَفِي تَا : تَيًّا ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَا بَالُ يَاءُ التَّصْغِيرِ لَحِقَتْ ثَانِيَةً وَإِنَّمَا حَقُّهَا أَنْ تَلْحَقَ ثَالِثَةً ؟ قِيلَ : إِنَّهَا لَحِقَتْ ثَالِثَةً وَلَكِنَّكَ حَذَفْتَ يَاءً لِاجْتِمَاعِ الْيَاءَاتِ فَصَارَتْ يَاءُ التَّصْغِيرِ ثَانِيَةً ، وَكَانَ الْأَصْلُ ذُيَيَّا ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَا فَالْأَلِفُ بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ ، وَلَا يَكُونُ اسْمٌ عَلَى حَرْفَيْنِ فِي الْأَصْلِ فَقَدْ ذَهَبَتْ يَاءٌ أُخَرَى ، فَإِنْ صَغَّرْتَ ذِهِ أَوْ ذِي قُلْتَ : تَيًّا ، وَإِنَّمَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ : ذَيًّا كَرَاهِيَةَ الِالْتِبَاسِ بِالْمُذَكَّرِ فَقُلْتَ : تَيًّا ، قَالَ : وَتَقُولُ فِي تَصْغِيرِ الَّذِي : اللَّذَيَّا وَفِي تَصْغِيرِ الَّتِي : اللَّتَيَّا كَمَا قَالَ :
بَعْدَ اللَّتَيَّا وَاللَّتَيَّا وَالَّتِي إِذَا عَلَتْهَا أَنْفُسٌ تَرَدَّتِ .
قَالَ : وَلَوْ حَقَّرْتَ اللَّاتِي قُلْتَ فِي قَوْلِ سِيبَوَيْهِ : اللَّتَيَّاتِ كَتَصْغِيرِ الَّتِي ، وَكَانَ الْأَخْفَشُ يَقُولُ وَحْدَهُ اللُّوتِيَّا لِأَنَّهُ لَيْسَ جَمْعُ الَّتِي عَلَى لَفْظِهَا فَإِنَّمَا هُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ ، قَالَ الْمُبَرِّدُ : وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : تِهِ مِثْلُ ذِهِ ، وَتَانِ لِلتَّثْنِيَةِ ، وَأُولَاءِ لِلْجَمْعِ ، وَتَصْغِيرُ تَا : تَيَّا ، بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ ؛ لِأَنَّكَ قَلَبْتَ الْأَلِفَ يَاءً وَأَدْغَمْتَهَا فِي يَاءِ التَّصْغِيرِ ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ : صَوَابُهُ وَأَدْغَمَتْ يَاءَ التَّصْغِيرِ فِيهَا ؛ لِأَنَّ يَاءَ التَّصْغِيرِ لَا تَتَحَرَّكُ أَبَدًا ، فَالْيَاءُ الْأُولَى فِي تَيًّا هِيَ يَاءُ التَّصْغِيرِ وَقَدْ حُذِفَتْ مِنْ قَبْلِهَا يَاءٌ هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا الْيَاءُ الْمُجَاوِرَةُ لِلْأَلِفِ فَهِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ . وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ : أَنَّهُ رَأَى جَارِيَةً مَهْزُولَةً فَقَالَ : مَنْ يَعْرِفُ تَيَّا ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ : هِيَ وَاللَّهِ إِحْدَى بَنَاتِكَ ، تَيًّا : تَصْغِيرٌ تَا ، وَهِيَ اسْمُ إِشَارَةٍ إِلَى الْمُؤَنَّثِ بِمَنْزِلَةِ ذَا لِلْمُذَكَّرِ ، وَإِنَّمَا جَاءَ بِهَا مُصَغَّرَةً تَصْغِيرًا لِأَمْرِهَا ، وَالْأَلِفُ فِي آخِرِهَا عَلَامَةُ التَّصْغِيرِ وَلَيْسَتِ الَّتِي فِي مُكَبَّرِهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ السَّلَفِ : وَأَخَذَ تِبْنَةً مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ : تَيًّا مِنَ التَّوْفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْعَمَلِ ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَلَكَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَيْهَا هَا التَّنْبِيهِ فَتَقُولُ : هَاتَا هِنْدٌ وَهَاتَانِ وَهَؤُلَاءِ ، وَلِلتَّصْغِيرِ هَاتَيًّا ، فَإِنْ خَاطَبْتَ جِئْتَ بِالْكَافِ فَقُلْتَ : تِيكَ وَتِلْكَ وَتَاكَ وَتَلْكَ ، بِفَتْحِ التَّاءِ ، وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ ، وَلِلتَّثْنِيَةِ تَانِكَ وَتَانِّكَ ، بِالتَّشْدِيدِ ، وَالْجَمْعُ أُولَئِكَ وَأُولَاكَ وَأُولَالِكَ ، فَالْكَافُ لِمَنْ تُخَاطِبُهُ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ ، وَمَا قَبْلَ الْكَافِ لِمَنْ تُشِيرُ إِلَيْهِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ ، فَإِنْ حَفِظْتَ هَذَا الْأَصْلَ لَمْ تُخْطِئْ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِهِ ، وَتَدْخُلُ الْهَاءُ عَلَى تِيكَ وَتَاكَ تَقُولُ : هَاتِيكَ هِنْدٌ وَهَاتَاكَ هِنْدٌ ; قَالَ عَبِيدٌ يَصِفُ نَاقَتَهُ :
هَاتِيكَ تَحْمِلُنِي وَأَبْيَضَ صَارِمًا وَمُذَرَّبًا فِي مَارِنٍ مَخْمُوسِ .
وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ :
جِئْنَا نُحَيِّيكَ وَنَسْتَجْدِيكَا فَافْعَلْ بِنَا هَاتَاكَ أَوْ هَاتِيكَا .
أَيْ : هَذِهِ أَوْ تِلْكَ تَحِيَّةً أَوْ عَطِيَّةً ، وَلَا تَدْخُلُ هَا عَلَى تِلْكَ ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا اللَّامَ عِوَضًا عَنْ هَا التَّنْبِيهِ ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ : إِنَّمَا امْتَنَعُوا مِنْ دُخُولِ هَا التَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَتِلْكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّامَ تَدُلُّ عَلَى بُعْدِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ ، وَهَا التَّنْبِيهِ تَدُلُّ عَلَى قُرْبِهِ ، فَتَنَافَيَا وَتَضَادَّا . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَتَالِكَ لُغَةٌ فِي تِلْكَ ، وَأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ لِلْقُطَامِيِّ يَصِفُ سَفِينَةَ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
وَعَامَتْ ، وَهْيَ قَاصِدَةٌ ، بِإِذْنٍ وَلَوْلَا اللَّهُ جَارَ بِهَا الْجَوَارُ إِلَى الْجُودِيِّ حَتَّى صَارَ حِجْرًا وَحَانَ لِتَالِكَ الْغُمَرِ انْحِسَارُ .
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : التُّوَى الْجَوَارِي ، وَالتَّايَةُ : الطَّايَةُ ، عَنْ كُرَاعٍ .
|