الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من القلق الظرفي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة غير متزوجة ومشكلتي هي أني عندما أكون جالسة مع أي شخص وأحس بمغص أو غازات أشعر بإحراج شديد، ويحمر وجهي ولا أستطيع إكمال حديثي وحتى جلستي، وأحس وقتها بحر شديد، ولو كانت الغرفة باردة، بعدها تطورت الحالة عندي وأصبح يحمر وجهي وأتغير وأرتبك أول ما يناقشني أو يسألني أي شخص، والآن قليلاً ما أخرج أو أحتك بأحد، ولا أحب أن أتحدث طويلاً، ولا أحب أن يطيل معي أحد الكلام، فقط أقتصر بنعم ولا أو لا أدري، وذلك كله من الخوف من احمرار وجهي والارتباك، مع العلم بأني كنت في مرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وسنتين من الجامعة حيوية جداً، والسنتين الأخيرتين من الجامعة صارت عندي الجرأة التي اكتسبتها من زميلاتي، وإلى الآن -ولله الحمد- أنا جريئة ولكن أخاف من احمرار الوجه والارتباك، فحالتي كانت تأتيني على فترات في بداية الجامعة وتأتيني باستمرار بنهاية الجامعة وإلى الآن تأتيني، طبعاً لي سنتين متخرجة من الجامعة، أنا في أمس الحاجة لمساعدتكم وجزيتم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية الجنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، والمشكلة التي تعانين منها وهي خوف الحرج حينما تكونين في حضور الآخرين وانشغالك الكثير وتخوفك من احمرار الوجه، والحالة بدأت معك حينما يأتيك شعور بمغص وغازات فتحسين بهذا الإحراج واحمرار الوجه، وهذه كانت نقطة البداية أو الرابط الأساسي لهذا القلق الظرفي الذي حدث لك، وجعلك تعانين مما يمكن أن نسميه بقلق رهابي اجتماعي من نوع خاص، ومخاوفك في نظري تحمل أيضاً الطابع الوسواسي.

إذا قسنا حالتك بكثير من الحالات التي تُعرض علينا فأقول لك: إنها حالة بسيطة وبسيطة جدّاً، وأود أن أوضح لك أن احمرار الوجه الذي يحدث لك غالباً يكون ناتجاً من زيادة في تدفق الدم، وهنالك بعض الناس تكون لهم شعيرات دموية سطحية حين يزيد تدفق الدم - خاصة في منطقة الوجه - يظهر لديهم هذا الاحمرار، والاحمرار لا يكون أبداً بالشدة والظهور الذي تتوقعينه أو تتخيلينه، نعم ربما يكون هنالك شيء من هذا الاحمرار، ولكن أعتقد أنك حساسة جدّاً نحو هذا الموضوع، مما جعلك تحسين بهذا الحرج، وفي نفس الوقت تنظرين لهذه الظاهرة بشيء من عدم الارتياح والارتباك الشديد، بالرغم من أنها ظاهرة فسيولوجية طبيعية وعادية جدّاً.

أرجو أن تكوني قد تفهمت طبيعة الحالة؛ لأن إدراكك التام لطبيعتها هو جزء أساسي جدّاً في العلاج، والعلاج الثاني – وهو المهم جدّاً – هو التجاهل، أن تتجاهلي هذه الظاهرة تماماً، وتكون لك الجرأة والشجاعة والإقدام على أن تعيشي حياتك عادية جدّاً، وتتفاعلي وتختلطي مع الآخرين دون الالتفات أو الاكتراث لهذه الظاهرة، هذا يسمى في علم النفس السلوكي بالتعريض أو التعرض، أي أن تعرضي نفسك لمصدر خوفك، وفي نفس الوقت تبتعدي عن التجنب أو الهروب من الموقف، هذا التعرض يمكن أن يكون بالتدريج، فأكثري من مقابلة من تعرفين، وبعد ذلك طوري الأمر واختلطي بأخواتك وصديقاتك ومن الجيران وغيرهن، وعليك أيضاً بالمشاركة في التجمعات النسوية الشبابية، وحضور حلقات تحفيظ القرآن وتلاوته في رأيي هي فرصة جيدة جدّاً لنوع من التفاعل الإيجابي جدّاً والذي يقلل الخوف والرهاب الاجتماعي، وفي نفس الوقت إن شاء الله يجعلك تحسين بطمأنينة كبيرة.

هذا هو العلاج الرئيسي، والإنسان يستطيع أن يغير ما بنفسه، وأنا أؤكد لك وبصورة قاطعة وحسب الدراسات والأبحاث العلمية أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك بالصورة التي تتخيلينها، هنالك حساسية من جانبك، وكل الذين يعانون من الخوف والرهاب الاجتماعي يمرون بنفس الظروف، وأعرف أن الكثير ممن بدؤوا التجاهل لمثل هذه الظواهر واختلطوا وتمازجوا وتفاعلوا مع بقية الناس أصبح الأمر لديهم عادياً، وحتى أنهم لاحظوا أن هذا الاحمرار قد قلَّ – وهذا باعترافهم – ونحن نعتقد أن الاحمرار أصلاً لم يكن شديداً أو واضحاً بالصورة التي يتخيلها الذين يعانون من هذه الظاهرة.

لابد لك من المشاركات الفعالة حين تقابلي من تعرفين من الفتيات، وكما ذكرت لك حضور حلقات الدراسة والعلم والدروس والمحاضرات وحلقات القرآن وتلاوته وُجد أنها مفيدة جدّاً.

بقي أن أصف لك أدوية بسيطة نعرف أنها تساعد كثيراً في علاج هذا الخوف الاجتماعي الظرفي، هنالك دواء يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) ويسمى أيضاً تجارياً باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي خمسون مليجراماً، تناوليها ليلاً بعد تناول الطعام، استمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى حبة واحدة كل يومين لمدة شهرين، وإن شاء الله سوف تجدين أن هذا الدواء قد ساعدك كثيراً.

بجانب اللسترال هنالك دواء أيضاً مساعد يُسمى تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol)، أرجو أن تتناوليه بجرعة عشرة مليجرام صباحاً، يمكنك في رمضان تناوله مع السحور، استمري على جرعة حبة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.

هذا هو الذي أود أن أنصح به، وأؤكد لك أن هذه الأدوية أدوية فعالة وسليمة جدّاً، وأسأل الله تعالى أن يرزقك العمل الذي يناسبك، وأن يرزقك الزوج الصالح، ونسأل الله تعالى أن يتقبل صيامكم وقيامكم وطاعتكم، وبالله التوفيق.

وللفائدة يمكنك مراجعة هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب:
( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 )

والله الموفق،،،

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً