الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرض السرطان .. أسبابه وطرق الوقاية منه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحياتنا لكم ولجهودكم العظيمة المباركة إن شاء الله ومأجورين بكرم الله وفضله وهو الواسع القوي الرحمن الرحيم
سؤالي وأريد منكم بارك الله فيكم أن تعطوه نظرة طبية وشرعية ونفسية وهو موضوع الساعة وخصوصاً لمن يواجه مواقف مثل مجتمعي الحالي.
القضية هي السرطان عافانا الله وإياكم منه.
من فترة أصيب زميل لنا به وهو في مرحلة متأخرة شافاه الله، فأود التعرف حقيقة عن قصة الوقاية من السرطان وأيضاً الشفاء منه هل هي كذبة وغير واقعية أم هي حقيقة واقعة!!
مثلاً قرأت أن البلاستك من أهم المسببات!! فكيف يمكن التخلي عن البلاستيك وهو موجود لكل شيء؟ وهل هو فعلاً خطير؟! وأنه لا يجوز وضع الماء في البلاستيك فكيف ذلك؟ وكل الماء بأواني وقوارير بلاستيكية.
وهذا قرأته عن طبيب مختص للوقاية من السرطان وأيضاً قرأت أن السكر المكرر يساعد على السرطان وإذا أردت السكر فلا بأس من دبس الفواكه المجفف ؟؟ تخيل وأن الشخص إذا أراد تحلية الشاي بالعمل فلا بأس بقليل من الدبس المخفف، هل هذا واقعي؟
وأيضاً يقول: اللحم الأحمر يساعد على السرطان والشاي والقهوة إذا كثرت؟ فما هذا؟ حتى الفواكه لم تسلم وأنها ربما تساعد.
فكيف لنا أن نكون بنظام صحي يقي من السرطان؟ وحتى الحليب غير طازج والوجبات السريعة غير صحية فما الحل ؟؟والمعلبات غير صحية وكل ما في السوق مليء بالمواد الحافظة والE وأرقامها !!
يعني بصراحة هل الوقاية من السرطان مستحيلة أو كذبة وغير واقعية أم أن السرطان سيصيب بغض النظر عن أي وقاية أو نظام صحي؟ أم ماذا؟
وأيضاً شرعياً ما هو الرأي بالموضوع خصوصاً وأن السرطان والموت سيان، وكأن العلاج أيضاً كذبة ولا علاج منه ببعض الأنواع؟
فهل الوقاية منه لها تداعيات دينية؟ وكيف يمكن التسليم بالقضاء والقدر تماماً دون تناقض مع الوقاية وهذه الأمور؟
وأيضاً هناك مثل فاشل (فأنا لا أحب الأمثال ) يقول :""من يخاف من الغول سيطلع له " فهل لا سمح الله كثرة التفكير بالمرض وأقصد هنا السرطان ستسبب السرطان؟ يعني بكلمات أخرى علمياً وطبياً ونفسياً كثرة التفكير والوسوسة بالسرطان ستسببه؟ وأيضاً ما دور علم النفس بالوقاية منه أو الشفاء منه؟
بارك الله فيكم الموضوع يستحق والله البحث والنقاش وأنا شخصياً أرى الحقيقة غائبة وغيري الكثير ممن أرى فما العمل أرشدونا ونحن نسلم بقضاء الله ونحسن الظن بربنا العلي القدير واللهم اشف كل مريض مسلم يا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
شكراً وبارك الله فيكم، وحماكم وسكنكم فسيح جناته.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نوح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

السرطان هو مجموعة من الأمراض تتشابه في بعض الخصائص فيما بينها، وقد سميت بالسرطان لأن الأوعية الدموية المنتفخة حول الورم تشبه أطراف سرطان البحر، وهذا المرض أو هذه الأمراض تنتج عن خروج الخلية عن السيطرة.

يحدث تغير في خلية ما يجعلها تخرج عن نظام التحكم الذي يتحكم في عمل الخلية، كما في الخلايا السليمة، يوجد أكثر من نظرية تفسر بداية السرطان في الجسم.

الأولى تقول: أن خطأ ما حدث في الحامض النووي عند الانقسام، وهو ما يسمى بحالة الطفرة أو Mutation ونسبة حدوث خطأ في الحامض النووي عند الانقسام تزيد بتزايد التعرض لمسببات السرطان مثل القطران في دخان السجائر والعديد من هذه الأخطاء باختلاف مسبباتها تحدث في جسم الإنسان، إلا أن جهاز المناعة في الجسم يتعرف عليها لاختلافها عن بقية الخلايا ويقوم بتدميرها.

أحياناً يفشل جهاز المناعة بالتعرف على هذه الخلايا لتشابهها مع بقية الخلايا فتقوم بالانقسام وتتسبب بوجود السرطان.

- الأشعة الشمسية هي السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الجلد، فالتعرض الزائد لها يصيب الإنسان بنوع غاية في الخطورة من سرطان الجلد، والذي ينتشر سريعاً في أنحاء الجسم.

النظرية الأخرى تقول: إن السبب هو وجود خلل جيني بسيط لا يمكن لجهاز المناعة من ملاحظته، وذلك الخلل مع الوقت يتسبب بخروج الخلية عن السيطرة ومن ثم ظهور السرطان.

هذه النظرية تفسر ظهور بعض أنواع الأورام في أكثر من فرد من عائلة واحدة.

وهناك استعدادات للسرطان وأمور مربوطة كمسببات لها.

- الأشخاص مفتحي البشرة هم الأكثر عرضة لسرطانات الجلد عن الأشخاص ذوي البشرة السمراء.

أيضاً التعرض الزائد لأشعة إكس لفترات طويلة، مثل العاملين بالأجهزة المشعة، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.

تلوث الهواء هو أحد أسباب الإصابة، فمثلاً البنزين هو أحد المواد التي تلوث الهواء والماء، ويمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.

هناك بعض المواد المحفزة لنمو الخلايا السرطانية، والتي يمكن التعرض لها أثناء العمل، فقد وجد العلماء نسبة عالية من الإصابة بالسرطان بين منظفي المداخن نتيجة لاستنشاق الدخان.

طبيعة الغذاء.

بعض المواد الحافظة مثل النيتريت تتحول إلى مواد محفزة للسرطان، وقد ربط العلماء بين سرطان المعدة وبين الأطعمة المحفوظة والمدخنة.

تناول الأطعمة عالية الدسم والأطعمة عالية السعرات الحرارية يزيد من نسبة الإصابة بسرطان القولون.

الوراثة:
مرض السرطان لا يورث، ولكن الذي يورث هو قابلية الإصابة بالسرطان، فيجب على الأشخاص الذين عائلاتهم ذوي تاريخ مرض سرطاني أن يقوموا بعمل تحاليل وفحوصات بطريقة دورية للتأكد من سلامتهم، وأيضاً للكشف المبكر عن أي مرض سرطاني.

طبيعة الحياة:
الأشخاص المدخنون هم الأكثر تعرضا للإصابة بسرطانات الرئة والمثانة والكلية والبنكرياس، فالسيجارة تحتوي على مواد كثيرة مشجعة للسرطان.

تناول المشروبات الكحولية يمكن أن يؤدي إلى تليف الكبد، والذي بدوره يؤدي إلى سرطان الكبد.

هناك عامل مهم آخر للإصابة بالسرطان، والذي تختص به مصر أكثر من غيرها من الدول، وهو الإصابة بالبلهارسيا، والذي من الممكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان الكبد والمثانة.

أما البلاستيك، فهناك علاقة بينه وبين السرطان.
إن مادة ( Dioxin chemical ) الموجودة في البلاستيك تسبب مرض السرطان، وخاصة سرطان الثدي.

لذا يجب تجنب تجميد الماء أو أي سوائل أخرى بقنينة بلاستيكية؛ لأن ذلك كفيل بأن يحرر تلك المادة السامة من البلاستيك إلى الماء أو السوائل الأخرى التي نشربها.

تجنب تسخين الأكل بالمايكرويف من خلال استعمال أواني بلاستيكية، أو النايلون الشفاف خاصة الطعام الذي يحوي نسبة من الدهون، حيث أن التسخين تحت درجة حرارة عالية يعمل على نقل المادة السامة من البلاستيك ليذوب ويختلط بالطعام.

لذا يفضل استعمال أواني زجاجية أو أواني مصنوعة من السيراميك قابلة لاستخدامها بالمايكروف.

أما الشاي والقهوة فلا يوجد أي إثبات أن لهم علاقة بالسرطان، فقد كانت هناك دراسة في السابق حول القهوة إلا أنه ثبت أن النتيجة التي استنتجت كانت خاطئة، وللشاي والقهوة فوائد عديدة.

أما موضوع السكر المكرر، فالفكرة أتت من أن الخلايا السرطانية عند من عنده سرطان يلزمها السكر لكي تتكاثر؛ ولذا فإن إعطاء الجسم السكر المكرر يساعد الخلايا أن تتكاثر، إلا أن هذا الكلام غير دقيق ولا يوجد دليل على أنك إن لم تأخذ سكر فإن الخلايا السرطانية في الجسم لن تأخذ من سكر الدم، فهي لا تنتظرك حتى تعطيها ولا تعطيها السكر حتى تتكاثر إن وجدت.

أما المعلبات، فإن الإضافات التي تضاف لحفظ الطعام قد تسبب سرطانا، إلا أن معظم هذه الإضافات تكون مراقبة من قبل المؤسسات الصحية، وإذا كان هناك أي شبهة من أنه تسبب السرطان فإنها تمنع.

عليك أن تتجنب ما ذكرنا أنه مرتبط بالسرطان، والإكثار من الخضروات والفواكه الطازجة، والتناول المعتدل من اللحوم الحمراء والإكثار من الأسماك.

إن كثرة تفكيرك بالمرض الذي لم يصبك سيقعدك، وهو دليل ضعف الإيمان بقدر الله: (رفعت الأقلام وجفت الصحف) والآجال قد سطرت، وقدرنا قد كتبه المولى عز وجل من قبل مولدنا، فلم الوسوسة والخوف من المجهول؟!

عافانا الله وإياكم من كل سوء ومكروه.

--------------------------
انتهت إجابة الدكتور/ محمد حمودة، تليها إجابة المستشار النفسي: الدكتور/محمد عبد العليم :

الاخ الفاضل/نوح حفظه الله
السلام عليكم ورحمته الله تعالى وبركاته.
جزاك الله خيراً.

بالتأكيد قام الأخ الدكتور - محمد حمودة حفظه الله - بإعطاء شرح واف عن ماهية السرطان ومسبباته، والذي أود أن أضيفه أن السرطان متعدد الأسباب، فهنالك الأسباب الجينية والوراثية والبيئية، والكثير من السرطانات لا يعرف لها سبب حتى الآن، فيما أعلم هنالك نوع من السرطانات يمكن الشفاء منها تماماً، خاصة إذا اكتشفت مبكراً.

العوامل البيئية هي عوامل أساسية، ونحن نعيش في زمان كثرت فيه الفواحش والمفاسد، وهذا لا شك أنه سبب من أسباب حدوث أسقام لم تحدث للذين سبقونا، من الناحية النفسية: على الإنسان أن يأخذ كل التحوطات التي قد تمنع هذا المرض - بإذن الله تعالى - وذلك من باب الأخذ بالأسباب، وكل ما ذكرته من مسببات بيئية وأجاب عليها الدكتور حمودة يمكن تجنبها بقدر المستطاع، صحيح أن الإنسان لا يمكن أن يعيش في كبسولة منعزلة عن هذا العالم، ولكن التحوط واجب وضروري.

الخوف المطلق من هذا المرض والهموم والانشغال به ربما تؤدي إلى حالة من القلق والوساوس النفسية، وهذه بالطبع تضر على الصحة النفسية، ولا نقول أنها سوف تكون سبباً في الإصابة بهذا المرض، هنالك دراسات تشير أن الإنسان الذي يقوي إرادته وتكون له العزيمة في مقاومة هذا المرض هذا يرفع من مستوى المناعة لديه؛ مما يقلل من فرص الإصابة ببعض هذه الأمراض، وكذلك الشفاء منها.

أنا أؤمن إيمانا قاطعاً أن الدعاء المأثور وغيره هو خير وسيلة للحماية والوقاية من هذا المرض، وذلك بجانب الأخذ بالأسباب الوقائية، تمعن في هذا الدعاء المأثور: (اللهم إني أعوذ بك من البرص والجذام والجنون وسيئ الأسقام).

لا شك أن مرض السرطان هو من سيئ الأسقام، فتذكر أن مثل هذا الدعاء يبعث الطمأنينة في النفس، ويكون - إن شاء الله - سبباً في الحماية من هذا المرض، التسليم بالقضاء والقدر لا يتناقض مطلقاً مع مبدأ الوقاية؛ لأن الله تعالى قادر أن يرد القدر.

الدواء هو من الأقدار التي أمرنا بالأخذ بها، تماماً كالدعاء الذي هو علاج ووسيلة لصرف هذه الأسقام أصلاً، وبهذا لا يحصل التعارض بين مبدأ التسليم بنزول البلاء على العبد والذي هو من أصول التوكل، وبين الأخذ بالأسباب والأقدار المشروعة لرفع هذا البلاء لأننا أمرنا به أيضاً!!
فالصواب الجمع بين الرضى بما قدر الله من البلاء، وبين طلب الاستشفاء من هذا البلاء كذلك.

كما أن مسألة التداوي قد دعت إليها هذه الشريعة الغراء: (تداووا عباد الله، ولا تداووا بحرام)، وغيره من الأحاديث والآثار..

نسأل الله تعالى أن يحفظنا جميعاً من سيئ الأسقام.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا Um rose

    السلام عليكم ورحمة الله
    شكرا لكم علئ تفصيل الاجابة بهذه الطريقة الرئعة
    فهي ملمة وواضحة
    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً