الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما علاج أعراض عصاب الهرع المتمثلة في الشعور بقرب الموت؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي بدأت منذ 3 شهور، فجأة جاءتني حالة من الخوف من أنني أحتضر، وأبلع ريقي بطريقة عصبية، وجسمي بدا كأن ماء ينتشر فيه، ولا أجد أي طاقة في جسمي حيث أشعر أنني مسلوبة وهذا احتضار.

والمشكلة تكمن في حلقي فلا أستطيع الأكل، وعملت أشعة، والكل قال لي: بأن مشكلتي نفسية.

ومن الأعراض أيضاً أنني دائماً أبلع ريقي، والآن الذي يضايقني وجود حالة عصبية كنبض مستمر في زوري يكتم نفسي لمدة 24 ساعة مستمرة، وعندما أستيقظ من النوم أحزن جداً وأقول: لماذا أعيش والدنيا سوداء جداً في عيني؟ ولي طفل صغير أنظر إليه وأبكي كلما رأيته، وأحس بأني لا أوفر له الأمان، علماً بأن هذه الحالة جاءتني بعد سفر زوجي للخارج وذهبت إلى بيت أهلي.

والمهم أن الحالة تأتيني دائماً لمجرد سماع صوت أي شخص يتكلم، وعندها أشعر بأن جسمي فيه نار وأريد أن أصرخ، أريد الموت، أحياناً أريد الانتحار ولكني أستغفر الله وأقول: يا رب هذا اختبار منك فأعني عليه بالصبر.

مع العلم بأن الكل يشهد أني شخصية مرحة جداً، ولكن دائماً أنا متشائمة وغير متفائلة، وأخاف من شيء ما ولا أعرف ما هو؟ أخاف عندما أفكر بأن والديَّ سيموتون وسأصبح وحيدة وأنني سأموت، وأقول: إذن فلماذا الحياة؟

وقد ذهبت لدكتور مخ وأعصاب ووصف حالتي بأنها حالة وسواس وأعطاني الدواء (Cipralex) فأخذته وأوقفته بعد أسبوع، وأتابع جلسات مع أحد الشيوخ حيث أكد لي أنني مموسة وبي جان، المهم أني أتعلق بأي قشة، وأحياناً أشعر بالطمأنينة، والآن عاودتني الحالة مرة أخرى.

من فضلكم ساعدوني وطمئنوني هل ستذهب الحالة ولن تعود وأرجع كما كنت؟ ساعدوني من أجل طفلي الصغير؟ وأخبروني كيف أتغلب علي ما أنا فيه؟

أسأل الله أن يفرج عنكم أي كرب كما ستفرجون عني، ولكن أرجو منكم السرعة في الرد فأنا أشعر بالموت وليس لدي حيلة.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن الأعراض الأولى التي ظهرت لديك قبل ثلاثة أشهر تقريباً هي حالة نفسية ونوع من القلق الحاد يعرف بقلق الهرع أو عصاب الهرع أو الرهاب، وبالطبع فيه نوع من الخوف الشديد والقلق والتوتر وكأن الإنسان يحتضر -كما ذكرت في رسالتك-، وهذه الحالة هي بالطبع مزعجة جدّاً ولكنه -بكل صدق وأمانة- ليست خطيرة وعلاجها ليس بالصعب -بإذن الله تعالى-.

أنتِ بالطبع أيضاً لديك مزاج اكتئابي عام، هذا المزاج التشاؤمي والنظرات السلبية لجماليات الحياة هي بالطبع من صميم أعراض الاكتئاب، وربما أيضاً تكون قد انتابتك بعض الأعراض الوسواسية -كما ذكر لك طبيب المخ والأعصاب- ولكن في نظري هذه الأعراض الوسواسية هي أعراض ثانوية -أي ثانوية للاكتئاب ومرتبطة بالاكتئاب-.

إذن؛ الشيء الأساسي لديك هو عصاب الرهاب وأعراض اكتئابية، وأرجو ألا تنزعجي كثيراً لهذه المسميات، ولا تعتقدي أنك تعانين من ثلاثة أمراض؛ أبداً.. هذه الحالات كله متصلة ببعضها البعض وتأتي تحت الاضطرابات الوجدانية، والمنشأ البيولوجي أو الكيمائي لها واحد، وهي دائماً تحدث للأشخاص الحساسين والذين يميلون للكتمان أو الذين لا يعبرون عن أنفسهم في الأوقات التي تتطلب التفريغ النفسي.

وأما طريقة العلاج: فمن الضروري جدّاً أن تحاولي أن تغيري هذه الأفكار السلبية وتستبدليها بأخرى إيجابية، -والحمد لله- لكل فكرة سلبية ما يقابلها مما هو إيجابي، أرجو أن تبحثي عن الأفكار الإيجابية والأفعال الإيجابية التي تقومين بها، وركِّزي عليها -إن شاء الله- سوف تحل هذه الأفكار الإيجابية والتفاؤل مكان الأفكار السلبية والتشاؤم.

أنت لديك أشياء جميلة في حياتك، لديك الأسرة، لديك الذرية، هذه جميعها أشياء عظيمة وممتازة، ولابد للإنسان أن يتأمل فيها ويكون حامداً وشاكراً.

البعد الآخر في العلاج هو العلاج الدوائي؛ وأنا أتفق مع الطبيب تماماً أن السبراليكس يعتبر علاجاً مثالياً لحالتك، ولكن الدواء يتطلب الصبر حتى يستطيع الإنسان أن يتحصل على أفضل النتائج منه، ولا بد من الالتزام بتناول الجرعة في وقتها وبالكمية التي وصفها الطبيب.

وأنصحك أن ترجعي وتستعملي السبراليكس، أرجو أن تتناوليه بجرعة 10 مليجراماً ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى 20 مليجراماً ليلاً، واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى 10 مليجراماً لمدة شهر، ثم إلى 5 مليجراماً لمدة أسبوعين، ثم يمكنك التوقف عن الدواء.

أرجو أن تتناولي هذا الدواء فهو ممتاز لعلاج القلق والرهاب والاكتئاب والمخاوف والوساوس، حيث أنه يعمل على تنظيم مادة السيرتونن بالدماغ؛ وهي المادة التي يعتقد أن الخلل الذي يحدث فيها هو الذي يؤدي إلى نوعية الاضطرابات التي تعانين منها.

إذن الأمل كبير جدّاً -بإذن الله تعالى- أنك سوف تشفين من هذه العلة، وعليك اتباع الإرشادات النفسية السابقة، وتناول الدواء.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً