الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دائما أقسم وأحلف على فعل الأشياء، ولا أفعلها، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 35 سنة، منذ طفولتي كنت أعاني من عادة شد الشفاه السفلية، كنت في مستوى دراسي متوسط حتى الصف الرابع الابتدائي، حيث انتقلت لفصل آخر لم يكن فيه أطفالا متفوقين، فأخذت الثقة في نفسي، وأصبحت الأول على المدرسة خلال الصف الرابع والخامس الابتدائي، لكن عندما انتقلت إلى الإعدادية ذهبت إلى مدرسة فيها الكثير من المتفوقين، فأصبح مستواي الدراسي في المتوسط مرة أخرى.

أثناء المراهقة كان أبي يتعامل معي بعنف، وصلت لمرحلة الجامعة، في السنة الثانية أثناء الامتحانات، اتصل بي زميلي ليطمئن على مذاكرتي، فعندما أبلغته أني أنهيت المذاكرة، أحسست منه الحسد، ولم أنم طوال تلك الليلة لسبب غريب هو أنني لا أريد أن أسمع أي صوت، كما أنني كنت مشغولا بشيء تافه جدا، وهو هل أبلع ريقي أم لا؟ المهم لم أنم وذهبت للامتحان وأنا متعب جدا، ولكن ذهبت تلك الحالة ولم تعد.

أثناء إجازة الجامعة ما بين السنة الثانية والثالثة، أحببت إحدي زميلاتي بدرجة كبيرة جدا، وهي كانت تحبني، كان حبا عفيفا بدون أي لمس، ولكن تركتني في أول السنة الثالثة بدون أي سبب، وفجأة شعرت أني سيء، ولا بد أن أتغير للأفضل، قررت أن أتغير بقوة وبسرعة.

كنت أقسم بالله على أي شيء أريده، وكنت أفكر كثيرا قبل أي قسم حتى لا أحنث القسم، أقسمت بأن أصلي، ثم أقسمت بأن لا أسمع الموسيقى، ثم أقسمت بأن أحضر كل المحاضرات، ثم أقسمت أن أمتنع عن العادة السرية، وأن لا أشاهد التليفزيون، وكنت دائما ما أبحث عن الغاية من المذاكرة، هل هي في النهاية لله أم لا؟ كنت أجهد نفسي في البحث عن غاية الأشياء، ودائما ما كانت تلح علي فكرة أن يكون هناك مبدئا واحدا أعيش به.

ذات مرة إحدى زميلاتي قالت لي أن ذقني غير مهذب، ففكرت وقررت أن أقسم أن أحلقه كل ثلاثة أيام، كنت دائما أشعر بالفراغ نتيجة أنني ممتنع عن أشياء كثيرة، فجأة شعرت أنني لا بد أن أحنث القسم، وأصوم الكفارة عن كل قسم لأنني فقدت تلقائيتي، لكن دائما ما كنت أشعر بإلحاح أن أحلق ذقني كل ثلاثة أو أربعة أيام، وإذا لم أحلقه كنت أحس بأنني متضايق جدا حتى أحلقه فأعود طبيعيا.

بعمر 32 سنة كنت أشعر بألم تحت وركي، وذهبت لطبيب أعصاب، وكتب لي علاجا يشمل الإفيكسور، وفجأة لاحظت أن ذقني لم يعد يضايقني، وتحسنت حالتي المزاجية في الصباح، وتحسنت علاقاتي بالناس، لكني طلبت من الطبيب أن يصف لي بديلا أرخص، فوصف لي التريبتزول، فتحسنت أكثر ولم يعد ذقني يضايقني نهائيا.

كنت أحلقه بالموس طوال العشر سنوات السابقة، ولكن أصبحت أحلقه بماكينة تقصير الشعر، استمررت على العلاج حوالي ستة شهور، لكن بعد الستة شهور من إيقاف العلاج رجعت لي حالة الذقن الذي يضايقني، ولكن لا بد أن أحلقه بالماكينة كل خمسة أو ستة أيام.

أريد حلا لحالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

واضح جدًّا أنك إنسان حسَّاس منذ زمنٍ بعيد، وهذه إحدى سمات شخصيتك، ولذلك تتأثَّر كثيرًا بما يقوله الآخرون عنك، وتتأثَّر كثيرًا بمدى قبولك وموقعك مع الآخرين، وهذا أحيانًا يجعلك في تنافس مع نفسك لإثباتٍ لنفسك أنك متفوّق على الآخرين، وهذا أيضًا لأنك دائمًا تعمل حسابًا لما يقوله الآخرون، والحمد لله – يا أخي الكريم – بالرغم من هذه المعاناة التي حدثت في المرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية والجامعة استطعت أن تتخرَّج، وهذه محمدة.

وقبل ذلك العلاقات النسوية في مرحلة الجامعة وما بعدها، تأخذ حيِّزًا كبيرًا وتكون هي المحور عند الشاب، ولذلك تأثَّرت كثيرًا بالعلاقات التي حصلت معك، والآن بالتعليق من إحدى زميلتك حول ذقنك، وطبعًا أخذ هذا منحىً وسواسيًّا، نتيجة الحساسية الشديدة أصبحتَ موسوسًا بتهذيب الذقن، وكلَّما تعرَّضتَ لضغوط أو انتكست ترجع إليك هذه المشكلة، أصبحتْ هي رمز للحساسية وللقلق عندك – أخي الكريم - .

والعلاج الآن بمواجهتها، أنا أرى أنك لا تحتاج إلى أدوية، ولكن تحتاج إلى علاج سلوكي معرفي لكي يُساعد في التوقف عن هذا التفكير الوسواسي، ووسواس تهذيب الذقن، ويمكن أن يتم هذا من خلال جلسات سلوكية مُعيَّنة، وبأن تجعل (مثلاً) لنفسك أوقاتًا مُعيَّنة لتهذيب الذقن لا تتعدى عن الأوقات العادية التي يقوم بها كل شاب، وتُوقف التفكير عن طريق التجاهل، هذا التوقف عن التفكير سوف يحصل به قلق أيضًا، التعامل مع القلق والتوتر من خلال الاسترخاء. هذا يتم من خلال جلسات العلاج السلوكي، حتى تتخلَّص من هذا الشيء وتعيش حياة طبيعية.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً