الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعتدت على الانعزال عن الناس حتى صارت العودة للعلاقات الاجتماعية صعبة.

السؤال

السلام عليكم.

كيف أقنع نفسي بضرورة تكوين نسيج اجتماعي بعد حوالي 12 سنة من العزلة الكاملة؟ وكيف أواجه أسئلة الناس بعد أن نسوني بسبب عدم اختلاطي بهم وعزلتي في غرفتي؟ خاصة أنني اعتدت على العزلة، حتى أصبحت أرتاح في العزلة.

علماً أنني أقلق إذا اختلطت بالناس، وهذا الشيء لدي منذ الصغر، حتى المدارس والمناسبات التي كنت أحضرها في الصغر، كنت أُجبر عليها إجباراً، هل يمكن حل هذه المشكلة إذا كانت متأصلة في شخصيتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك ويرعاك ويختار لك الخير حيث كان.

- لا شك أن سنوات العزلة تترك آثارا سلبية، بعض منها ما ذكرت، ولكن الجميع متفق أن العزلة ليست دواء بل هي هروب واختفاء واحتماء بالصمت، وهذا ليس علاجا للمشكلة بقدر ما هو تسكين للألم، وترك المجال له حتى يتمدد وينتشر في الجسد المعزول عن محيطه وعن بيئته.

- العزلة ليست مرفوضة من حيث الأصل، فلا بد للإنسان من ساعة يتخلى فيها بنفسه، يحاسبها ويهذبها ويؤدبها، فوجودها ضروري في الحياة، لكنها مثل الملح للطعام قليله ينفع وكثيره يؤذي.

- أنت -والحمد لله- اجتزت نصف الطريق بإيمانك بأن العزلة ليست الحل، وما حديثك عن كيفية المعايشة مع الآخرين إلا دليل واضح على اقتناعك بهذا، وتلك هي البداية الصحيحة.

- لا بد أولا أن تعلم ابتداء طبيعة العالم الذي تود الاندماج معه ليس ملائكيا كما أنه ليس شيطانيا، وهذا لا بد من معرفته، حتى إذا قابلت من تكره تكون على بينة، وتعلم أن هذا صنف من الناس وليس الناس كلهم.

- ثانيا: ليس مخجلا ما كنت فيه حتى تستحي من إيراده، وليس عيبا أن تقول كنت مشغولا أو منعزلا قليلا علن الناس، فأنت لست متهما، ولَم ترتكب جرما لتخشى سؤال الناس عنه، ولا بد أن يتوطد في خلدك هذا حتى لا تكون أسيرا لنظرات البعض أو كلماتهم.

- ثالثا: إننا نود أن تكون البداية الصحيحة من أحد العقلاء الصالحين من أهلك، فإن تفهمه لما كنت فيه سيجعل الأمر يسير بهدوء، ويمكنك من خلاله أن تتعرف على أصدقائه وكونه صالحا عاقلا، فغالبا سيكونون مشابهين له سلوكا وخلقا، وإن صعب عليك هذا أو ثقل، إبدأ بالمسجد فغالبا لا يدخله إلا من يريد الخير، وستجد من جماعة المسجد بعض الناس الجيدين الذين يمكنهم الاندماج معك بسهولة، كما نوصيك إن اخترت المسجد أن تتعرف على إمامه، واختيار الإمام العاقل الحكيم المحبوب أمر مهم جدا، ومن خلال الإمام ستجد الأمور تمر بيسر وسهولة.

- أخي الكريم: تقدم ولا تهاب الاندماج، فالإجبار الحاصل في صغرك والذي كان أحد أسباب عزلك قد انتهى الآن، أنت من ستحدد أصحابك، ومن تختار أوقات الجلوس وأماكنها ووقتها، ليس الأمر كما السابق، فاطمئن واعلم أن الإنسان يتعلم كثيرا من مدرسة الحياة فتأهب، وستجد الصالح والطالح وستتعلم من كليهما فلا تنزعج، والمهم الرفقة الصالحة المأمونة المتدينة، هي بر الأمان بعد الله.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، ونحن في انتظار رسائلك حتى نطمئن عليك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً