الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع ابني وأنقذه من شر نفسه؟

السؤال

السلام عليكم.

ابني عمره 13 سنة، لا يصاحب إلا رفقاء السوء ومن هم أقل منه، حتى أنني قمت بنقله من المدرسة، فتعرف أيضا على السيئين، وهذه ثالث مدرسة له، ولا يتعامل أو يتعرف سوى عليهم، تحصيله الدراسي ضعيف، ولا يهتم بالدراسة، فهو كسول، ولاهم له سوى الأكل واللعب.

هو بطبيعته يتنفس كذبا، فلو أعطيته نقودا مثلا يخبر زملاؤه أنه سرقها، وإن ضاع شيئا يتهم نفسه، علما بأننا -ولله الحمد- نكره الكذب ولا نتعامل به، ومن منظوره أن الكذب والعند لا شيء فيهما، ذات مرة طلبت منه أن يأكل بيده اليمنى فالشيطان يأكل بيسراه والنبي -صل الله عليه وسلم- أمرنا بذلك، فوجدته لا يستجيب ويأكل باليسرى ويقول ويكرر أن اليد اليسرى شيء جميل، وأن كلام النبي غير مهم، وأنه يحب الشيطان، ويستفزني بأ سلوبه وحركاته حتى ضربته.

أعامله بالرفق مرة والشدة مرة، أحاول أن أقربه إلى الله ببساطة إلا أن أسلوبه نفر منه الجميع، فهو يعامل الجميع بحدة وعدم احترام ظنا منه بأن هذا التعامل هو الأمثل، ولا يبدي احتراما إلا إذا رفعت صوتي وهددته، بالله عليكم كيف أنقذه من نفسه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك, وأهلاً وسهلاً بك في الموقع, وأسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يعينك على ما يحب ويرضى.
- لا أخفي مدى إعجابي بك – أخي الفاضل – وبحرصك المتمثل بسؤالك المهم ليس في حياة ولدك فحسب, بل وأبنائنا ومستقبل أجيالنا أيضاً, حيث والمؤامرة التربوية والإعلامية وغيرها عليهم كبيرة, كما وأبناؤنا هم فلذات أكبادنا وأمانة في أعناقنا, وهم أمانة لا يجوز التفريط فيها وخيانتها, ونحن مسئولون عنها بين يدي الله يوم القيامة (قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة).

- أوصيك – حفظك الله ووفقك – بالحرص على الجلوس مع ولدك – حفظه الله وأصلحه وهداه – والتفرّغ له ومصاحبته والتقرّب منه والتحبب والتودد لديه والاستماع له وإبداء التفهُّم لمشاعره واحتياجاته, وعدم اليأس في الاستمرار في مناصحته, وبذل السُبُل المتعددة في توجيهه وإرشاده وعدم التخلي عن تحمُّل مسؤوليته مهما بلغت معاصيه وبلغ عناده وإعراضه, لا سيما وكون ولدك في زمن تكثُر فيه الفِتَن, وفي بداية الشباب حيث يكثُر فيه حب التمرد والعناد والغضب وإثبات الذات.

- توفير القدوة الحسنة من الوالدين في لزومكما الذكر والعبادة، وقراءة القرآن ومحاسن الأخلاق ونحوها, وقد صح في الحديث: (كل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه).
"وينشأ ناشئ الفتيان منّا ** على ما كان عوّدَهُ أبوهُ
وما دان الفتى بِحِجاً ولكن ** يعوّده التدين أقربهُ".

- التحفيز الإيجابي والحزم والصرامة، والاعتدال والعدل في المعاملة له، واعتماد أسلوب الترغيب والترهيب في تربيته, وغرس محبة الله وتعظيم الشرع في قلبه, وتحذيره من وسائل الإعلام المفسدة والتحصين الإيماني والأخلاقي من وسائل الإعلام المشجّعة على الميوعة, ومرافقته استماع المحاضرات والدروس والمواعظ والبرامج النافعة وحضور صلاة الجماعة والعمل الخيري.

- تهيئة المدرسة الصالحة، والرفقة الصالحة، وإبعاده عن رفقاء السوء وترغيبه في مجالسة الصالحين، وعلى الثقة بالنفس وضبطها عند الغضب، وتعويده حسن اتخاذ القرارات، والاهتمام بالوقت والتركيز على الدراسة.

- ولا أفضل وأجمل من اللجوء إلى الله تعالى والإلحاح عليه بالدعا, لا سيما الدعاء في جوف الليل وأدبار الصلوات المكتوبات، وفي الحج والعمرة، وعند الصيام والقيام (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماما).

أسأل الله لنا ولك أخي الفاضل العزيز ولولدك الحبيب التوفيق والسداد والهدى والخير والرشاد وصلاح النيّة والذرية وسعادة الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات