الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بشهقة وبعدها صارت حياتي قلقا مستمرا، أريد حلا.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، بدأت العمل منذ سنة، في شهر أبريل الماضي أصبت بوعكة صحية نتيجة شهقة على مستوى الحلق توقظني من النوم وكأني ألفظ آخر أنفاسي، بدأت تتكرر بشكل أسبوعي ثم بشكل يومي مع ضيق في التنفس، الأمر الذي جعلني أتوجه إلى قسم المستعجلات عدة مرات لعمل الأوكسجين.

ذهبت إلى أخصائي في الأنف والحنجرة أجرى فحصا على مستوى الأنف والحنجرة بالمنظار، فكانت النتيجة سليمة بعض الانتفاخات البسيطة، وصف لي عدة أدوية خاصة بالحساسية والحلق والمعدة كذلك.

بعدها توجهت إلى طبيب آخر فوصف لي أدوية للمعدة، وأجريت تحاليل الدم فكانت سليمة، بعد مرور شهرين توقفت الشهقة -والحمد لله- إلا أن ضيق التنفس والصدر وتنمل الأطراف والقدمين استمر، فبدأت أقلق، فقدت شهية الأكل، وبالتالي خسارة في الوزن، ساءت حالتي النفسية والصحية كثيرا، وبدأت تراودني أفكارحول إصابتي بمرض خطير وهواجس حول الموت.

عملت رقية شرعية لكن دون نتيجة، آخر الأطباء الذين زرتهم شخصوا الحالة على أنها قلق وتوتر نتيجة الضغوطات النفسية والامتحانات التي مررت بها في الفترة الأخيرة.

مؤخرا توجهت إلى أخصائي في الأمراض النفسية والعصبية فشخص الحالة على أنها اكتئاب، وصف لي دواء سيروبليكس(10mg نصف حبة ) وسولبيدال (حبة كل صباح 10mg) والبراز (0.5gنصف حبة) لمدة شهرين، توقفت عن سيروبليكس منذ أسبوع تقريبا، تحسنت حالتي إلى حد ما، لكن بعض الأفكار السلبية ما زالت تراودني وتنتابني مخاوف حول الدواء الذي أتناوله والأعراض الجانبية التي يتسبب فيها، وما أسمع به عن مرض الاكتئاب الذي يؤدي بالبعض إلى الانتحار.

من فضلكم أريد تشخيصا دقيقا لحالتي، وسؤالي: هل مرض الاكتئاب مرضا مزمنا وله تأثير على القدرات العقلية؟ أرجو مساعدتي للخروج من هذه الحالة، لأن نوبات البكاء تراودني مع الإحساس بالغم والضيق، ولا أريد ان يؤثر هذا على عملي ونشاطاتي اليومية.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
موضوع الشهقة التي أصابتك ونتج عنها من شعور شديدٍ بالخوف وانقباض في التنفس لها جانب مكوّن نفسي، والذي يظهر لي أن لديك استعدادا وقابلية أصلاً للقلق، وربما يكون حدث لك شيء من نوبات الهلع أو الفزع البسيطة، وهي التي أدَّت إلى ما أنت عليه، ومن ثمَّ ابتدأ القلق يتطور لديك، وجعلك تكونين مشغولة بصحتك النفسية وكذلك الجسدية، ومن الطبيعي أن ينتج عن ذلك شيء من عُسْرِ المزاج.

لا أراك إنسانة مكتئبة حقيقة، لكن ربما يكون مزاجك فيه شيء من العُسر، ولذا أحب أن أسمي حالتك هذه بـ (القلق الاكتئابي البسيط)، ولا أريدك أبدًا أن تعتبري نفسك إنسان مكتئب، لا، أنت لست كذلك.

كوني إيجابية في تفكيرك، ولا تشغلي نفسك بهذه الأعراض، وكوني مثابرة على عملك، وصلاتك، وتواصلك الاجتماعي. ومن وجهة نظري أن حالتك بسيطة - أكرر هذا الكلام - ومرض الاكتئاب يكون مُزمنًا في حوالي 30% من الناس، وحوالي 30% من الناس تظل حالتك ما بين الانتكاسة والتحسّن، و40% من الناس يُشفون منه تمامًا، هذا هو الوضع التحليلي لمرض الاكتئاب، لكن أؤكد لك أنك لا تُعانين من اكتئاب حقيقي، إنما هو مجرد بدايات القلق هو المسيطر والمهيمن وأدخل عليك هذا العُسْر المزاجي الذي أسميناه بـ (قلق اكتئابي البسيط).

أنا أرى أن تستعملي فقط عقار الـ (سبرالكس) وتتوقفي من الأدوية الأخرى، السبرالكس دواء رائع جدًّا، وسوف يفيدك، ويجب أن تكملي ثلاثة أشهر على العلاج، ابدئي مرة أخرى بخمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوع، ثم اجعليها عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرين ونصف، ثم اجعليها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

ما قيل أن مضادات الاكتئاب قد تُحرِّك وتؤدي إلى أفكار انتحارية: هذا في نطاق ضيق جدًّا، وبالنسبة للذين هم دون الثامنة عشر من العمر، فالدواء سليم، والدواء جيد، وأرجو أن تتناوليه بالصورة التي ذكرتها لك مع التطبيقات السلوكية.

أكرر مرة أخرى: أنت لا تعانين من اكتئاب حقيقي، ولا علاقة لك أبدًا بظاهرة الانتحار، عيشي الحياة بقوة، بصدق، وباستمتاع، وإنتاجية، واحرصي على بر والديك، و-إن شاء الله- كل هذا يأتيك بخير كبير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً