الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع التحكم في البول بسبب وسواس الطهارة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا غير متزوجة، أصبت قبل ما يقارب خمس سنوات بمرض الوسواس القهري في الطهارة، مما جعلني أغسل فرجي في كل صلاة، مع القوة في الغسل والشطف، وهذا الأمر كما أعتقد أودى بي إلى ما أنا به الآن، فلا أستطيع التحكم بنزول البول، وأشعر بالحاجة للتبول في أغلب الأوقات، وإن كنت خرجت للتو من دورة المياه.

مع العلم أني أشعر أن هناك جرحاً في المنطقة، لا أعلم هل هو السبب فيما سبق، قمت بعمل تحليل للبول وكانت النتيجة طبيعية، كما وصف الطبيب لي هذه الأدوية لكن دون جدوى:

1-Spasmo urgenine
2-Suprax 400
3-Vesicare

أفتوني في أمري، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام الياش حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
لا شك أن الوساوس القهرية مزعجة لصاحبها ومتعبة، خاصة وساوس الأفعال، ووساوس الأفعال حين تكون متعلقة بالطهارة والأمور الدينية تسبب إزعاجًا أكثر لصاحبها.

أقول لك -أيتها الفاضلة الكريمة– العلاج ممكن جدًّا -بإذن الله تعالى-، هنالك علاجات دوائية وعلاجات سلوكية، ولا شك أن اكتشاف الأدوية التي أصبحت تستعمل بكثرة في علاج الوساوس القهرية قد غيرت كثيرًا من مآلات هذا المرض، بمعنى أنه قبل ظهور العلاج الدوائي كانت نسبة الشفاء من هذا المرض ليست أكثر من 20%، إلا أنه الآن وبفضل من الله تعالى وصلت نسبة الشفاء إلى 80%، وهذه نسبة عالية جدًّا بكل المقاييس.

أنت قمت بتحليل البول وقد وصف لك الطبيب بعض الأدوية، أعتقد أنها مخفضة للآلام، وأحدها مقوّيات، مقوي فيتاميني ممتاز جدًّا، لكن قطعًا لا علاقة لها بعلاج الوسواس القهري الذي تعانين منه، أنصحك بصورة مجملة أن تذهبي وتقابلي طبيبة نفسية، وأن تقوم الطبيبة بتحليل هذه الوساوس وشرح الأمر لك، ومن ثم تضع خطة علاجية، وتكتب لك الدواء المطلوب، وتكون بعد ذلك هنالك متابعة، أعتقد هذا المنهج هو المنهج الأفضل والأكثر قبولاً ورصانة، خاصة أنك تعيشين في المملكة العربية السعودية، والمملكة -بفضل من الله تعالى- بها خدمات طبية متقدمة جدًّا، خاصة خدمات الطب النفسي، وهذا هو المبدأ السليم.

أما من ناحيتي فأقول لك: الوساوس إما أن تكون فكرة أو تكون فعلاً، أو تكون صورة ذهنية أو شكوكًا، أو مخاوف تسيطر على الإنسان، ويضطر إلى تكرارها واتباعها رغم قناعته بأنها سخيفة، وحين يحاول ردها يُصاب بقلق وضيق شديد، أعتقد هذا كله ينطبق عليك، وأنت لديك وساوس الأفكار ووساوس الأفعال، فخوف النجاسة هو الذي دفعك للاستنجاء والاستبراء بهذه الصورة التي ذكرتها.

الوساوس تعالج من خلال التحقير:
أولاً: أن تعرفي أن هذا وسواس، وأنه سخيف، والشيء السخيف يجب أن يحقره الإنسان ويتجاهله، وهذا يتطلب منك جهدًا كبيرًا، لكن التحسن ليس مستحيلاً من خلال هذه الوسيلة.

النقطة الثانية هي: ضرورة أن تُحددي كمية الماء، لا تستعملي ماء الصنبور مباشرة، ضعي ماءً في إبريق أو في أي إناء، ويجب أن تكون كمية الماء كمية بسيطة ومعقولة تقضي حاجة الإنسان تمامًا، حين تلجئين إلى هذه الطريقة سوف تحسين بإلحاح شديد أن طهارتك لم تكتمل، وأن النجاسة موجودة هنا وهناك، واجهي هذا الفكر برفض شديد، وبمقاومة تامة له، يقول علماء السلوك من يطبق هذا التمرين اثنتي عشرة مرة متتالية تختفي وساوسه لدرجة كبيرة، إذن نحن نتكلم عن منهج علمي مجرب ومعروف، لكن قطعًا التهاون في التطبيق أو التردد فيه لا شك أنه لن يؤدي إلى النتائج المرجوة.

من المهم جدًّا أيضًا أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للوساوس، أنا ذكرت لك أن تذهبي إلى الطبيبة وهذا هو المبدأ الأسلم والأفضل، لكن إذا لم يكن ذلك بالإمكان لأي ظرف ما، فالأدوية التي تستعمل في علاج الوساوس القهرية أدوية سليمة جدًّا، وهي متوفرة ولا تؤدي إلى الإدمان، وليس لها أثر سلبي على الهرمونات النسائية، من أفضل هذه الأدوية عقار يعرف باسم (بروزاك Prozac) واسمه العلمي (فلوكسيتين Fluoxetine)، الجرعة هي كبسولتان في اليوم، والجرعة القصوى له هي أربعة كبسولات في اليوم، وأنت لا تحتاجين لهذه الجرعة القصوى، يبدأ العلاج بأن تتناولي كبسولة واحدة في اليوم –وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا– ويفضل تناوله بعد الأكل، ويمكن تناوله صباحًا أو مساءً.

بعد شهر ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وهذه يجب أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة بعد ذلك إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، عادة التحسن يبدأ ستة إلى ثمانية أسابيع بعد بداية تناول الدواء، وذلك لسبب بسيط وهو أن هذه الأدوية – ونسبة لأنها سليمة وغير إدمانية – يبدأ البناء الكيميائي ببطء، وتصل ذروة فعاليتها بعد ثلاثة أشهر تقريبًا.

أما شعورك بأنه يوجد جرح في المنطقة فهذا لا يمكن أبدًا أن نفصله من الإطباق الوسواسي عليك، حيث إن الوساوس دائمًا تعطي صاحبها الشعور بأنها حقيقية، وتخوفك من وجود جرح أعتقد أنه استدراج من هذه الوساوس، لتجعلك تحسين بفداحة مآلات الفعل الوسواسي، إذن لا تشغلي نفسك بهذا الموضوع، تجاهليه تمامًا، ولا أريدك أبدًا أن تذهبي إلى طبيبة لتقوم بالكشف عليك، لأن ذلك يؤكد الوساوس لديك ويقويها، حتى وإن أقنعك لفترة قصيرة أنه لا يوجد جرح، لكن على المدى البعيد فحص وكشف مثل هذا الذي تظنينه يثبت الوساوس لديك على المدى البعيد كما ذكرت، وعمومًا إن وجد خدش بسيط أو شيء من هذا القبيل، فسوف ينتهي تلقائيًا حين تتوقفين عن تكرار الغسيل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • جويانا الفرنسية محمد مسلم احمد صالح غفيل

    جزاك الله خيرا ي شيخ والله استفدت من كلامك عسئ في ميزان حسناتك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً