الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينتابني الخوف والاكتئاب دائماً

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد اطلاعي على بعض حالات الخوف والهلع والاكتئاب الحاد التي أشعر بها أنا أيضاً، وهذا منذ عام 2006م

وددت أن أشرح لكم حالتي, حدث لي هذا في الليل حيث كنت في فراشي أفكر في بعض الأمور، وبعدها أحسست بالقلق من عدم النوم، وبعد لحظات انتابني خوف شديد، حاولت الخروج من هذا الحال لكن لم أستطع.

بدأ الخوف ينقص شيئاً فشيئاً، وبدأت أشعر باكتئاب ضعيف, حتى تغلب علي النعاس, وفي الغد زاد علي الاكتئاب لمدة أسبوع! وفي نهاية الأسبوع جاءتني نوبة خوف وهلع شديدة لم أستطع التحكم فيها، ومن ذلك اليوم وأنا أشعر بالخوف، وأحياناً بالاكتئاب والقلق والتوتر, كانت تنتابني بعض الوساوس الخطيرة, فاختلط علي كل شيء ولم أعرف ما هذا الأمر الذي أنا عليه؟! فلجأت إلى الله، ولم أخبر أحداً بأمري, فبدأت بالصلاة والدعاء والتضرع إلى الله، فأعفيت لحيتي وقررت أن أستقيم, فبدأ هذا المرض يزول حتى عام 2007م

في صيف 2008 عاودني هذا الخوف ثم تحول إلى اكتئاب لازمني مدة شهر كامل، ثم زال هذا الاكتئاب والخوف كلياً، وكأن لم يحصل لي شيء.

بدأت بحضور حلقات الذكر وبحفظ القرآن, وأمارس الرياضة وهي لعب كرة القدم، ووجدت راحتي تماماً.

في شتاء 2010م في شهر فبراير عاد إلي ذلك الخوف, خاصة في الليل كان يتملكني خوف شديد جداً حتى أتعرق, أحياناً كنت أقاوم وأجاهد نفسي, عندما أكون في المسجد أو في الشارع مع أصدقائي ينقص هذا الخوف، لكن في الليل كان يزداد, فرجعت تلك الوساوس الهدامة, وما زاد الأمر تعقيداً هو أنني كسرت من رجلي في إحدى المباريات في الحي, فبقيت لمدة شهرين وأنا أعاني من تلك الوساوس والمخاوف، وبعض الاكتئابات, كنت أيضاً أخاف من أن أبوء بهذا الشيء .

الشيء الوحيد الذي كان يخوفني هو الجنون، كنت عندما أرى مجنوناً أخاف وأقول سأصبح مثله, وتأتيني وساوس من هذا الجانب، وعندما نزعت الجبس بدأ هذا المرض يذهب، لكن في بعض الأحيان تعاودني تلك المخاوف والوساوس, بقيت على هذا الحال إلى غاية شهر ديسمبر 2010 م.

من هذا الشهر بدأت أحس برعشة على مستوى الرقبة, كانت تقلقني كثيراً وتشعرني بالاكتئاب, فاستشرت صيدلياً صديقي فدلني على طبيب الأعصاب.

ذهبت إليه فشرحت له كل شيء بالتفصيل، فقام بفحصي على مستوى الرأس، أي E.E.G فطمأنني وقال ليست لك أي أعراض خطيرة، ووصف لي هذا الدواء (الانافرانيل 10م حبة في اليوم، وبروبرانولول 40م نصف حبة صباحاً ونصف مساءً ) بعدها تحسنت حالتي تماماً بعد انتهاء الدواء حيث نسيت أنني مريض.

بعد عام عاودني هذا الخوف والوساوس مع بعض حالات الاكتئاب إلى يومنا هذا, مع العلم أنني كنت أشرب (الانافرانيل) عندما أشعر بهذا الأمر مدة معينة 20يوماً، ثم أتوقف عنها.

بارك الله فيكم انصحوني مشكورين, لأنني بدأت أشعر بالملل من هذا المرض، لأنه أفسد علي كل شيء حتى حفظي للقرآن وقيامي الليل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ توفيق حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكرك على التواصل مع إسلام ويب، رسالتك واضحة جدًّا، وقد فصلت أعراضك والمراحل الزمنية التي حدثت فيها هذه الأعراض، وأنا أقول لك إن أعراضك متداخلة جدًّا، هي عبارة عن قلق، توتر، اكتئاب، شيء من الوساوس البسيطة، ومخاوف، وهذه الجزئيات تتداخل مع بعضها البعض، ويمكننا أن نلخصها فيما يسمى بقلق المخاوف الوسواسية، والاكتئاب الذي لديك أعتقد أنه اكتئاب ثانوي من النوع البسيط.

أيها الفاضل الكريم: هذه الحالة معروفة جدًّا لدينا، وهي منتشرة، ويسهل علاجها - إن شاء الله تعالى - .

كنتُ أتمنى أن أعرف عمرك، لأن العلاج الدوائي بصفة عامة يفضل أن نصف أدوية معينة حسب عمر الإنسان، لكن - إن شاء الله تعالى – سأحاول أن أصف لك دواءً يعرف عنه أنه يمكن استعماله لمن هم فوق سن العشرين.

قبل أن أتحدث عن الدواء بالتفصيل أقول لك إن قلق المخاوف الوسواسية يعالج من خلال التجاهل، وعدم الاهتمام بهذه الأعراض، وأن تفهم أنها ليست خطيرة حتى وإن كانت مزعجة، وإن التفكير فيها والاسترسال في تفاصيلها يزيد منها، والتجاهل وشد الانتباه إلى أنشطة أخرى أو أفكار أخرى فيها خير كثير للإنسان، ومن خلاله يتم صرف هذه الأعراض.

وسائل العلاج التي أصبح لها أهمية خاصة في زمننا هذا هو العلاج بالعمل، أو العلاج باكتساب العلم، فعلى الدارس أن يجتهد في دراسته، وعلى العامل والموظف أو التاجر أن يجتهد في عمله.

تطوير المهارات الوظيفية والعملية والاجتماعية هي مخرج حقيقي من قلق الوساوس، وكذلك المخاوف، فأكثر من التواصل الاجتماعي، وكن دائمًا إيجابيًا ومتفائلاً.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الأنفرانيل دواء ممتاز لكن الجرعة التي تتناولها بالطبع هي جرعة صغيرة جدًّا، أما (البروبرالانول) فهو دواء يعالج الأعراض النفسوجسدية، لكن فعاليته محصورة جدًّا ومحدودة جدًّا، لذا أنا أرى أن تناولك لأحد الأدوية الحديثة الجيدة والمفيدة في علاج مثل هذه الحالات سوف يكون هو الأفضل لك.

عقار (ديروكسات) والذي يعرف علميًا باسم (باروكستين) سيكون هو الدواء الأصلح والأفيد في حالتك، والجرعة هي أن تبدأ بعشرة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجرامًا – تناولها يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، تناولها يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء. هذه الجرعة التي وصفتها لك ليست جرعة كبيرة أبدًا، هي جرعة صغيرة وفاعلة جدًّا - إن شاء الله تعالى -

بالنسبة (للبروبرالانول): لا مانع من أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً، أو إذا أردت أن تستمر على جرعة عشرين مليجرامًا صباحًا ومساءً فهذا أيضًا لا بأس به، وبعد شهرين يمكنك أن تتوقف عن تناوله. التوقف التدريجي بالنسبة للإندرال (بروبرالانول) مطلوب إذا كانت الجرعة أربعين مليجرامًا يوميًا، لكن إذا كانت عشرين مليجرامًا يوميًا فهذه لا تحتاج إلى أي نوع من التدريج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • وصال

    السلام عليكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً