الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل حالتي النفسية مستقرة وتصلح معها هذه الأدوية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله كل الخير والصحة والعافية, وأبعد عنكم الأمراض والأوبئة.

أبلغ من العمر 28 عاما, أعاني من الوسواس القهري منذ 14عاما وحتى اليوم, كنت أعاني من جميع أنواع الوسواس القهري, ولكني لم أطلب العلاج إلا قبل 6 سنوات, والذي أجبرني على ذلك فكرة جديدة خطرت في بالي -وأرجو ممن لديه وسواس لا يقرأ ما أكتبه حتى لا تعلق في ذهنه- والفكرة بسيطة جدا, وهو النظر المستمر في عيون الآخرين كبارا أو صغارا, رجالا أو نساء, وينتج عن ذلك تشتت بالأفكار, والاستمرار في دافع النظر.

أخذت معظم علاج الطب النفسي -والله المستعان- لكن بدون فائدة مرجوة, ولم أترك بابا إلا طرقته, ومارست العلاج السلوكي المعرفي.

اقترح علي الطبيب أخذ جلسات كهرباء -تنظيم إيقاع المخ- فأخذت هذه الجلسات, ولي 7 أشهر ولكن بدون فائدة, اتجهت لطبيب محترف فأعطاني علاجا كالتالي:

بروزاك 60 ملغ + انافرانيل 150 ملغ + ليثيوم كاربونيت 300 في اليوم الواحد مقسمة صباحا ومساء, وصبرت لمدة 3 أشهر ولكن بدون فائدة, إلا مدة أسبوعين أحسست فيهما بالتحسن نوعا ما, ولكني الآن في الشهر الخامس ولا يوجد أي تحسن.

أطلب منكم إخواني أن تفيدوني, وتشيروا علي في مشكلتي.

هل أستمر على العلاج؟ أم أغير العلاج؟ وهل حالتي ميؤوس منها؟ وإذا كان هناك علاج فأرشدوني إليه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

بالفعل هذا نوع من الوسواس، وبعض الوساوس تكون مقاومة للعلاج، لكن هذا لا يعني أبدًا أنها سوف تستمر إلى الأبد.

وسوسة النظر المستمر في عيون الآخرين كبارًا صغارًا رجالاً أو نساءً، هو وسواس متسلط عليك، وهذا النوع من الوسواس موجود، يأتيني كثيرًا من تتسلط أعينهم إلى عورات الناس، وأحسبُ أنهم أناس جيدين ولا يقصدون سوءً، لكنها الوسوسة، وشيء من التوجيه والحزم مع النفس وصرف الانتباه ينتهي الوسواس.

أخي هذا شيء مؤكد، فأنا أريدك الآن أن تكون لك قناعة أن هذه الوساوس يمكن أن تزول، حتى وإن لم تستفد كثيرًا من العلاجات السابقة فهذا النوع من الوسواس ربما يزول لوحده, هذا لا يعني أني ضد فكرة العلاج، بل أدعوك لمواصلة العلاج، لكن الذي أريد أن أقنعك به هذه الوساوس سوف تنتهي ما دمت أنت تؤمن أنها سخيفة، وتحقرها، ولا تتبعها، وتستبدلها بفعل آخر وعمل آخر.

ويا أخي الكريم: العلاج السلوكي المقزز أو المنفر ينفع كثيرًا في مثل هذا النوع من الوساوس، فتصور نفسك أنك تنظر إلى أعين الآخرين، تأمل وتفكر وتدبر في هذا الشيء، وقم فجأة بالضرب على يدك حتى تحس بألم شديد.

كرر هذا التمرين عشر مرات صباحًا وعشر مرات مساءً, هذا التمرين ناجح جدًّا إذا طبقه الإنسان بتركيز وتأمل, وكانت له قناعة تامة وصارمة في قيمته العلمية.

هذا أقترحه لك كعلاج أساسي مع التجاهل, ومع بقية التمارين التي دربك عليها الإخوة الأطباء.

لا أرى أن هنالك داع للجلسات الكهربائية، بالرغم من أنك ذكرت أنها قد أعطيتْ لك، لكن بالطبع ليست هي خط العلاج الأول، ولا أعتقد أنها كانت جلسات كهربائية حقيقية، كانت نوعًا من الاستشعار الدماغي، وهذه لا يوجد منها ضرر إن شاء الله تعالى حتى وإن لم تنفع.

أنت الآن تتعالج تحت طبيب مختص، وتتناول البروزاك والأنفرانيل والليثيوم كاربونيت، هذا التكوين تكوين ممتاز حقيقة، هذه الرزمة العلاجية (البروزاك، الأنفرانيل) ربما تكون الجرعات قد وصلت لمستواها الأقصى، لكن لا أرى بأسًا في ذلك أبدًا.

الذي أود أن أقترحه هو أن تتناول عقار رزبريادون بجرعة واحد مليجراما يوميًا ليلاً لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها اثنين مليجراما ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم واحد مليجراما ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم توقف عنه.

ويا أخي: لا أريدك أن تبدأ في الرزبريادون إلا بعد أن تستشير طبيبك، وأنا متأكد أنه سوف يوافق على هذا الأمر.

الأمر الآخر: بعد أن تتناول الرزبريادون إذا لم يحدث تحسن حقيقي ليس عند بداية الدواء لكن على الأقل بعد مضي شهرين، هنا نعتقد أن الطبيب يمكن أن يضع لك استراتيجية جديدة، وهي أن يتم استبدال الأنفرانيل بالفافرين، لأن الفافرين له خصوصية معينة جدًا في علاج الوساوس.

موضوع الليثيوم: حقيقة لا أريد أن أخوض فيه، لأني أعتقد أن الطبيب أعطاك هذا الدواء ليحسن مزاجك، وفي نفس الوقت هنالك تقارير - وإن كانت ليست موثقة - تشير أن الليثيوم أيضًا له فعالية في علاج الوساوس.

عمومًا الجرعة صغيرة، وأنت تعرف التحوطات المطلوبة حين تناول الإنسان الليثيوم, وأهمها فحص مستوى الليثيوم في الدم، لكن أعتقد أن الجرعة صغيرة, وسوف يكون مستوى الليثيوم في الدم ليس مرتفعًا، كذلك فحص الغدة الدرقية يعتبر مهمًّا، وكذلك نسبة الهيموجلوبين.

فيا أخي: هذه الأشياء الأساسية التي أود أن أنصحك بها، وأؤكد لك أن حالتك ليست ميؤوسا منها، لقد شاهدنا وتعايشنا وتعاملنا مع من شُفي من هذه الوساوس دون علاج، وهنالك من أفادهم العلاج، وهذا هو الغالب.

أخي الكريم: صرف الانتباه علاج مهم لعلاج الوساوس، ونعني بذلك: لا تعطل نفسك أبدًا، كن متفاعلاً، متواصلاً، منتجًا، تدير وقتك بإجادة تامة, واجعل شعارك دائمًا هو الأمل والرجاء، وأن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، هذه مبادئ عامة في الحياة تفيدك، وحرر نفسك تمامًا من أغلال هذه الوساوس بتحقيرها.

الاستمرار على الأدوية لا شك أنه مهم وضروري، ومن الواضح -الحمد لله تعالى- أنك مطلع في هذا المجال وملتزم بالعلاج.

نسأل الله لك العفووالعافية والشفاء والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً