الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعديت سن الزواج بسبب دعاء عمتي علي، فماذا أفعل؟

السؤال

مشكورين على هذا الموقع المفيد، وأرجو أن تردوا على سؤالي.

لي عمة عزباء بعمر الأربعين، وقد منعها أبي من الزواج كونه ولي أمرها، وبحجة خدمة جدتي - أي والدتها - وإذا جاءها خاطب رفضه لتبقى بخدمة والدتها، استمرت تدعو علي وعلى أختي بعدم الزواج لأكثر من شهر، وتقوم الليل، وتدعو علينا، ومن ذلك الوقت إلى الآن لم يتم زواجي، وتعديت سن الزواج، أرجو نصحي فأنا على يقين بأن دعاءها قد استجيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجوى الأحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر لأبيك، وأن يتجاوز عن سيئاته، كما نسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ على عمّتك بزوج صالح عاجلاً غير آجل، ونسأله تبارك وتعالى باسمه الأعظم أن يكرمك بزوج صالح – أنت أيضًا – وألا يحرمكم الأمن والأمان والاستقرار، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة - من أن والدك حرم أو منع أخته من الزواج بحجة خدمة والدتها، لأنها مريضة، وتحتاج إلى مساعدتها، فأعتقد أن هذا نوع من الظلم البيّن، لأنه ليس من حق والدك أن يمنعها حقها الشرعي والفطري الذي فطر الله تبارك وتعالى الناس عليه، فهذا مما لا شك فيه نوع من الظلم، ونوع من التجاوز، ونوع من الاعتداء على حقها، ولذلك باعتبار أنها مظلومة، وأن والدك ظلمها، فهي توجهت بالدعاء على أبيك أن يحرم أولاده من الزواج، والأصل فيها أن هذا الكلام ما دامت هي لم تدعو عليك أنت شخصيًا، وإنما دعت على أبيك أن يحرم أولاده من الزواج، فلعل الدعاء أصاب الواقع، ولذلك تقولين أنك على يقين من أن دعائها مستجاب.

الحل يكمن في أن تكلمي والدك – إذا كان ما يزال موجودًا – وأن تقولي له: (إن ما فعلته غير صحيح)، ومن الممكن إذا كان لن يقبل منك أن تطلبي منه أن يسأل أهل العلم، لأنه ليس من حقه أن يفرض عليها أن تقوم على خدمة والدتها بهذه الطريقة، كان من الممكن أن يكون هناك حلاً آخر، كأن مثلاً تسكن بجوار أمها، وأن تقوم برعايتها، لأننا لو نظرنا إلى الحق لوجدنا أن والدك هو المطالب حقيقة بخدمة أمه وليست هذه الفتاة على وجه التحديد، وإنما هو كرجل الأصل أنه يجب عليه أن يستقدم لها خادمة تقوم على خدمة أمه في بيتها، لأنه هو المسؤول عنها، فالرجل هو القوّام على النساء، والمرأة دورها دور ثانوي وليس دورًا أساسيًا كدور الرجل، فلو أن أمي الآن مريضة فواجب عليَّ أن أمرضها، وأن أحملها للطبيب، وإذا قامت أختي بذلك فجزاها الله خيرًا، أو على الأقل نتعاون معًا، أما أن أحرم أختي نهائيًا من حقها الشرعي، ومن حقها الفطري لمجرد أنها تقوم على خدمة أمها، وأنا أعيش سعيدًا مبسوطًا مستقرًا آمنًا مع زوجتي وعيالي، فهذا فعلاً فيه نوع من التجاوز العظيم.

لذلك أسأل الله أن يغفر لأبيك وأن يتوب عليه، وأن يشرح صدره للذي هو خير، وأن يعينه على أن يصحح هذا الخطأ، لأن سن الأربعين أيضًا وإن كان قد تقدم مما لا شك فيه عن سن الزواج الذي جرت به العادة، إلا أنه من الممكن أن يتقدم لها من يتقدم، بل على العكس من الممكن أن يبحث لها والدك عن زوج في مثل سنها أو أكثر قليلاً يقبل أن يتزوج بها، حتى على الأقل يصحح هذا الخطأ، ولعلها أن تكون مقبولة شكلاً، أو أن يكون هناك أي دافع يجعل هناك في الناس من يرغب فيها، وبذلك تحل هذه المشكلة، وأنا أعتقد أننا نجعل هذا هو الهدف الأساس، فعليه أن يصحح هذا الخطأ.

أما فيما يتعلق بموقفك أنت شخصيًا، وكونك أنك تعديت سن الزواج أيضًا، فقد يكون هذا بسبب الدعاء، وقد لا يكون بسببه.

ثانيًا: من حقك أن تتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء أن يرفع الله عنك هذا البلاء، وأن يمنّ عليك بزوج صالح، لأن دعائها ليس قرآنًا ولا سنة، وإنما هو اجتهاد، ولعله فعلاً قد تحققت دعوتها لأنها مظلومة، ولكن في دعائها أيضًا ظلم لأنه تعدى على آخرين غير أخيها وهم بناته، ودعوة المظلوم مستجابة كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى وإن كان فاجرًا أو فاسقًا كما هو معلوم.

أيضًا هي تدعو على أبيك على أن يحرم الله أولاده من الزواج، وأنت لا ذنب لك، وإنما هذا نوع من الانتقام من والدك، وهذا يعتبر اعتداء منها عليك في الدعاء، وهذا لا يجوز، وأظن بذلك أن دعائها لا يقع عليك، لأن الله لا يقبل بذلك ولا يستجيب لذلك، ومن حقك أنت أن تتوجهي أنت أيضًا بالدعاء إلى الله تعالى أن يمنّ عليك بالزوج الصالح، وأن يعجل بزواجك عاجلاً غير آجل، وإذا كان دعائك أقوى فيقينًا بإذن الله تعالى سوف يتغير هذا الحال.

أسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يوفقك لكل خير، وأن يمنّ عليك بالزوج الصالح الذي يكون عونًا لك على طاعته ورضاه، كما أسأله تبارك وتعالى أن يكرم عمتك أيضًا بزوج صالح قريبًا، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً