الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري يلازمني في سكناتي وحركاتي، فكيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من وسواس يلازمني في حركاتي وسكناتي، وخاصة فيما أحب وعلى ما أحرص، وأخشى دائما ومتخوفة من خسارته، وأيضا يصيبني أمور العبادة فلا أشعر أن فيها إخلاصا ولذة، وأشعر أن ذلك يؤثر على ثقتي بنفسي، وقبل ذلك يخل بتوكلي على الله.

حاولت تجاهل تلك الأفكار لأني تعبت كثيرا، ولا أستطيع البوح لأحد بذلك، ربما سأتهم بالجنون وقلة العقل.

ساعدوني جزاكم الله خيرا، وإن وجد علاجا آمنا وفعالا لذلك فصفوه لي، وفقكم الله لما يحب ويرضى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أعجبني في رسالتك أنها فعلاً تعبر عن وجود وسواس قهرية، فهذه الوساوس تهجم على الإنسان وتصيبه في أعز الأشياء إليه كأمور الدين والأمور الخاصة، وفي ذات الوقت الوساوس من هذا النوع ونسبة لما توقعه من ألم نفسي على الإنسان تؤدي إلى شيء من الشعور بالإحباط، وهذا الشعور بالإحباط قد يؤثر على الإنسان حتى في أمور العبادة كما ذكرتِ.

والنقطة الثانية -وهي مهمة جدًّا- أنك ذكرت أنك لا تستطيعين البوح لأحد بذلك، وهذا حقيقة يدل على استبصارك حول وساوسك، وكما تعرفين -أيتها الفاضلة الكريمة- فيما معناه: أتى بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واشتكوا إليهم أنه يأتيهم إلى نفوسهم ما لا يستطيعون الحديث عنه، فطمأنهم الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام أن هذا من صميم الإيمان، أو هذا من صدق الإيمان وقال (ذاك صريح الإيمان) وقال: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)، وفيما نرى أن هذه كانت إشارة صريحة للوسواس القهري الاستحواذي، وما يوقعه من إيلام على النفوس.

أبشرك تمامًا أن الوساوس الآن يمكن أن تعالج، لكن يجب أن تكون هناك جدية حقيقية في من يعاني من الوساوس في علاجها.

كثير من الأخوة والأخوات لا يأخذون بالعلاج بأبعاده المتعددة، لا يمكن أن تعالج الوساوس من خلال الأخذ ببعد علاجي واحد، فلا بد من الدواء، ولا بد من المواجهة السلوكية، ولا بد من تغيير نمط الحياة، يجب أن تؤخذ جميعها في بوتقة واحدة، وهذا يؤدي إلى علاج الوساوس.

فأيتها -الفاضلة الكريمة-: إن استطعت أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا جيد، اذهبي إليه، وإن لم تستطيعي أنا أقول لك: ابدئي في تناول أحد الأدوية المضادة للوساوس، وأفضلها عقار يعرف علميًا باسم (فلوكستين) ويعرف تجاريًا باسم (بروزاك) وربما يكون له مسميات تجارية أخرى في فلسطين.

جرعة الفلوكستين هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، تناوليها بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية، ويجب أن تستمري عليها يوميًا وبانضباط شديد ولمدة ستة أشهر، بعد ذلك انتقلي إلى الجرعة الوقائية وهي كبسولة واحدة في اليوم، لمدة ستة أشهر أخرى، ثم اجعليها كبسولة واحدة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
أسأل الله أن ينفعك به.

هذا الدواء سليم فاعل لا يؤثر على الهرمونات النسائية وليست له آثار إدمانية أو تعودية.

الأبعاد العلاجية الأخرى التي يجب أن تتخذ هي: أن تحقري الوساوس تحقيرًا شديدًا، وأن تربطيها دائمًا بفكر مخالف لها، وأن تقاوميها، هذه هي المبادئ السلوكية العامة، وفي ذات الوقت يجب أن تغيري من نمط حياتك، لأن الوساوس تستغل الناس في أوقات فراغهم. حاولي أن تديري وقتك بصورة صحيحة، واجعلي حياتك مفعمة دائمًا بما هو إيجابي، وأديري وقتك بصورة صحيحة، -الحمد لله تعالى- أنت لديك مؤهل علمي عالي، فاسعي دائمًا لأن تطوري نفسك علميًا وأكاديميًا وعمليًا.

التدرب على تمارين الاسترخاء مهم جدًّا، لأن الوساوس في حقيقتها هي نوع من القلق النفسي الشديد والخاص، وتمارين الاسترخاء تُجهض تمامًا القلق والتوتر، وهنا تجدين التمارين 2138790.

هذا هو الذي أود أن أذكره لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً