السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أدعو الله أن يجزيكم خيراً، وفضلاً كبيراً من عنده على تقديم العون، وإرشاد الناس إلى طريق الصواب.
أخبر نفسي جيداً بأن عندي مشكلة ألا وهي: عدم الاختلاط مع الناس، مع رغبتي بالاختلاط والتواصل، لكن وقتي مضغوط بشدة، وحالتي المادية ضعيفة؛ لدرجة أني أتحاشى الخروج مع أصدقائي للترويح عن النفس، حتى لو كان هذا غير مكلف، لكن تمنعني القدرة المادية، فأنا أعمل، وأدرس بنفس الوقت، وتخصصي -هندسة ألكترونية- يحتاج لوقت وجهد، فلا أجد وقتاً للاختلاط بالناس، إضافة إلى قلة الأصدقاء بسبب انقطاعي عن الناس، وصعوبة تكوين أصدقاء أخيار في هذا الزمن، هذه المشكلة تضغط على نفسيتي، فأشعر بالكبت الشديد، ولا أجد من أستشيره في حل أبسط المشاكل، أو على الأقل أخفف من هذا الكبت النفسي، فيؤدي ذلك إلى أن تكبر المشكلة والهم في نفسي، وأتعقد منها، فأسرف في التفكير، ومحادثة النفس، والانشغال عن الواقع، وعدم التركيز، فعلاقتي بالناس ضعيفة، ولا أستطيع أن أستشير أي شخص لا أثق بعلمه أو خبرته؛ لأني لا أرغب بطرح مشاكلي إلا لمن أثق به، وفي المقابل عندما أجد حلا لهذه المشكلة بعد فترة طويلة من المعاناة أكتشف أنه أصلاً لم تكن هناك مشكلة تحتاج لكل هذا الهم، ولكن السبب هو الكبت النفسي، وبعدها تتغير نفسيتي، وأصبح إنساناً آخر، وأشعر بأن عقلي بدأ يعمل؛ لأني ارتحت نفسياً، وأصبح قادرا على حل المشكلات، والتفكير، والتركيز حتى أني أتعجب من نفسي، كأن عقلي كان في سبات، واستيقظ منه.
المشكلة أنني كلما ابتعدت عن الناس؛ للأسباب المذكورة أعلاه يصبح وضعي أصعب، وأشعر بصعوبة في التواصل مع الناس، وكأني أصبحت أقل خبرة في التعامل معهم، وأحس أني أعيش في كوكب آخر، وهو الكوكب الذي فيه أفكاري الداخلية، البعيدة عن الواقع، وبتشبيه يوضح المعنى أحس أن أجهزة الاستقبال والإرسال لدي قد ضعفت كثيراً، حتى أني لا أستطيع التفكير بعمق عند الحديث مع الناس، ولا أستطيع التركيز؛ مما يسبب لي الإحراج، وأظهر بمظهر التفكير السطحي والبسيط، مع أن السبب هو عدم التركيز، وهذا يزيد من تفاقم المشكلة، فأضطر للابتعاد عن الناس لهذا السبب، وهذا ما لا أرغبه، فأحس أن الأبواب تغلق في وجهي، ويزيد الكبت، وأشعر بصعوبة في التفكير، وربط الأفكار، وأصبح مشوشاً، وأحس أن كل شيء أصبح صعباً، مع أنه سهل؛ لأن عقلي يفكر ببطء شديد، وبمقاومة كبيرة، وأكثر ما يحزنني أنني طموح، وعندي الإمكانية، والرغبة، والحماسة الكبيرة في الدراسة والارتقاء بالعلم غير محدودة، والحمد لله معدلي في الجامعة ممتاز، مع كل هذه الصعوبات، لكني أعاني من مقاومة كبيرة عند الشعور بالكبت، تتعطل أفكاري، وأنشط بقوة عند إزالة هذا الكبت، وكأنما نشطت من عقال، إذا أزيل هذا الكبت أنطلق بقوة، تتفجر طاقتي، وأبدأ بتحقيق الإنجازات، ولكن هذا يحصل فقط لفترات محدودة، وهي الفترات التي أشعر فيها بالراحة النفسية بعد إزالة الكبت، وكمثال لقد أحسست بالراحة النفسية -كأنني الآن أكتشف نفسي- عند انتهائي من كتابة هذه الرسالة؛ لأني وجدت أحداً أثق به، يسمع مني، ويوجهني إلى الصواب، فأنا متعطش كثيراً للكلام، وإزالة هذا الكبت، والتخفيف من الهم، وسماع النصيحة والإرشاد، والتواصل مع الناس.
جزاكم الله كل خير، وأعتذر كثيراً للإطالة.