الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن تتطور أعراض القولون لتصبح مشاكله مستعصية؟

السؤال

سؤالي إلى الدكتور محمد عبد العليم، وقد أجبت عن سؤالي الماضي ورقم استشارتي هو: 2123492 ، وكانت إجابة وافية وجزاك الله خيرا ، لكن يا دكتور محمد قلت بأن مشكلتي مع القولون منشؤها نفسي وهو القلق لكن الأعراض جسدية، وسؤالي يا دكتور محمد: هل معنى هذا الكلام بأني مريض نفسيا قبل أن أصاب بالقولون؟ مع أني لم أكن أشعر بذلك من قبل، وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل حالتي خطيرة ويمكن أن تتطور إلى أمور أكبر؟

وهل يمكن أن تتطور أعراض القولون لتصبح مشاكله مستعصية كما قرأت عن بعض الحالات في السنوات القادمة، أم أن هناك أملا في الشفاء بعد إرادة الله؟

كذلك لم تجب على نقطة من سؤالي السابق وهي: كذلك تنتابني حالات في بعض الأيام من التوتر والخفقان خصوصا عند المساء وقرب النوم، ولا أشعر بالراحة إلا بعد أخذ حبوب ( سلبراكس ) فما هو تفسير هذه الحالة ؟

أرجو الإجابة يا دكتور محمد على أسئلتي الماضية، وجزاك الله خيرا على تعاونك .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو سلمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأنا أشكرك كثيرًا على استفساراتك الإضافية، وأنا أعرف أن الذين يعانون من القلق يقلقهم كل شيء، حتى عدم إيضاح بعض الأمور البسيطة.

أنا أخي الكريم أقدر مشاعرك جدًّا، وأقول لك وحسب ما ورد في الجزئية الأخيرة من سؤالك: أن الحالات التي تنتابك من التوتر والخفقان خصوصًا عند المساء وقرب النوم ولا تشعر بعدم الراحة، هي من صميم القلق النفسي، ولماذا تحدث في المساء؟ لا أحد يعرف التفسير الكامل لذلك، لكن البعض يقول إن الإنسان حين يخلو بنفسه ويريد أن يرتاح وأن ينام، يستشعر أكثر أعراض القلق، هذا ربما يكون سببًا لحدوث هذا التوتر وهذا الخفقان، وعمومًا التوتر في المساء أفضل كثيرًا من التوتر الصباحي، لأن التوتر الصباحي قد يكون مؤشرًا على بدايات اكتئاب نفسي وليس قلقًا فقط.

فيا أخي الكريم: من الواضح جدًّا أن لديك حالة قلقية، وكما نقول دائمًا: القلق ليس كله سيئ، ليس كله شر، القلق طاقة نفسية مطلوبة، فمن لا يقلق لا تتحسن عنده الدافعية من أجل النجاح، ومن لا يخاف لا يحمي نفسه، ومن لا يوسوس لا يتدقق، ومن لا يكتئب لا يحس بلذة الفرح والانشراح، هذه ربما تكون وجهات نظر فلسفية بعض الشيء لكنها حقائق.

بالنسبة للقولون العصبي: أولاً كلمة عصبي تعني العصاب، والعصاب هو القلق في اللغة، والذي يحدث أن التوترات النفسية خاصة ما يسمى بالقلق المقنع - القلق الذي لا يظهر على السطح – قد لا يشعر الإنسان بأنه قلق، قد لا ينتفض، قد لا يرتعش، قد لا يحس بكتمة أو ضيقة في الصدر، قد لا ينتابه زيادة في الحركة كما نشاهده في كثير من حالات القلق، لكن تحدث له أعراض نفسوجسدية، أي المنشأ نفسي لكن الأعراض جسدية، والذي يحدث هو أن تقلصات وانقباضات القولون تزداد، لأن توترات النفس تؤدي إلى توترات عضلية في أجزاء معينة في الجسم، وهذه الأجزاء هي عضلات القولون، عضلات أسفل الظهر، عضلات الصدر، وعضلات فروة الرأس، لذا نجد الكثير من الناس يشتكون من الصداع العصابي، وكثير من الناس يشتكون من الضيقة في الصدر وهذه ناتجة من القلق.

فيا أخي: توتر النفس يتحول إلى توتر عضلي، فالعلاقة وطيدة وثابتة ولا شك في ذلك، لذا تجد كثيرا من الذين يعانون من القولون العصبي يستفيدون كثيرًا من الأدوية المضادة للقلق وحتى من الأدوية المضادة للاكتئاب.

عمومًا الحالة ليست خطيرة، الحالة بسيطة جدّا، وأنت لا تعتبر أخي الكريم مريضًا نفسيًا أبدًا، هذه مجرد ظواهر نفسية، وأعتقد أن هذا التفسير تفسيرًا طيبًا وجميلاً، تجد الذين يعانون من القولون العصبي والأمراض المشابهة يتنقلون من طبيب إلى طبيب بصورة مزعجة جدًّا، لكن حين تتحسن قناعاتهم عن هذه الحالة يلعب الجانب النفسي فيها دورًا، وهنا تجد أن أمورهم أصبحت أفضل، تجد أن الواحد منهم قد التزم بتناول أدويته، ويبدأ في ممارسة الرياضة، وتغيير نمط حياته، والتفريغ عن نفسه بصورة صحيحة... هذا من صميم طرق علاج القلق النفسي الذي يؤدي إلى انقباضات في القولون.

فيا أخي الكريم: الحالة بسيطة، الحالة لن تستمر أبدًا لسنوات، عليك التواؤم معها، والتواؤم معها يعني أن تتجاهلها، وأن تعيش حياتك بصورة طبيعية وسعيدة، وأنا أوصيك مرة أخرى بممارسة الرياضة، فالرياضة مفيدة جدًّا لمثل هذه الحالات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على ثقتك في شخصي الضعيف والتواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً