الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أخرج أختي من حالتها النفسية؟

السؤال

السلام عليكم
إخواني في موقع الاستشارات أشكركم جميعا, وجزاكم الله خيرا, وبعد:

مشكلتي أراها من منظوري مشكلة إنسانية بحتة, أنا أعيش مع أسرتي المكونة من ستة إخوة: ثلاث بنات, وثلاثة أولاد، والحمد لله كلنا متعلمون ودارسون, مشكلتي هي أختي الكبرى, هي الوحيدة التي لم تكمل دراستها في الجامعة, وانتهت بالشهادة الثانوية؛ لأن ظروفنا في تلك الفترة لم تسمح لها بالدراسة, ومع الوقت بحثتْ عن وظيفة ولم تجد وظيفة, أما نحن فقد درسنا ودخلنا الجامعات, وهي كما هي لاشيء جديد, تقوم في الصباح بخدمة أمي وأبي, وترعانا, وهي ملتزمة جدا بأعمال البيت من طبخ وغسل ملابسنا, كل شيء هي تعمله لنا, في البداية كانت راضية عما تفعل, ولكننا حين كبرنا واشتغلنا -وهي كما هي لا جديد- شعرت بالندم؛ لأنها لم تكمل دراستها الجامعية ونحن أكملناها وتحصلنا على وظائف والحمد لله وهي لا وظيفة ولا زوج، بالرغم أنه تقدم لها العديد من الخطاب ولكنهم قوبلوا بالرفض من قبل الأسرة بدون أي سبب, وهي الآن زهدت في موضوع الزواج وترفضه؛ لأنها تشعر أن مسؤولياتها تجاه الأسرة أكبر, وهم بحاجة إليها أكثر من السابق، أشعر بها كثيرا.

ومن عدة أيام بدأت تتغير علينا: تثار بأتفه الأسباب, وأصبحت عصبية إلى حد ما, وفي إحدى المرات جلست معها نتحدث فقالت لي: إنها تشعر بخوف من المستقبل, وتدخل في حالة اكتئاب, ولكن أختي لا تنسى أبدا الصلاة وقراءة القرآن الكريم, ولكن هذا الشعور دائما يلازمها وأراه من الكبت, وخوفها من المستقبل، لا دراسة، لا وظيفة، لا زوجا صالحا، فماذا أعمل معها؟ كيف أخرجها من شعورها بالاكتئاب وخوفها من المستقبل؟ إنني أشعر بها ولكن لا أعرف كيف أتصرف فهي بمثابة الأم والأخت، وهي الآن تجاوزت العقد الرابع, أرجو منكم أن لا تهملوا رسالتي؛ لأنها مهمة جدا بالنسبة لي, وإن شاء الله أنا منتظرة الإجابة.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ احلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

جزاك الله خيرًا، ونشكرك على مشاعرك الطيبة حيال إسلام ويب، والقائمين على هذا الموقع، ونشكرك ونقول لك جزاك الله خيرًا على اهتمامك بأمر أختك هذه.

هذه الأخت ربما تكون الظروف الاجتماعية التي مرت بها قد لعبت دورًا في حالة الكدر وعسر المزاج التي تعاني منها الآن، لكن ليس في كل الأحوال نستطيع أن نقول إن الظرف الاجتماعي مثل المستوى التعليمي أو عدم الزواج أو عدم وجود عمل قد يكون هو السبب، هنالك خلاف كبير جدًّا حول هذا الموضوع، والمتفق عليه أن شخصية الإنسان لها أثر كبير جدًّا فيما يصيبه من تغيرات نفسية مع مراعاة الظروف البيئية كما ذكرنا ذلك.

وهناك أمر مهم جدًّا في أمر أختك، وهي أنها الآن قد تجاوزت العقد الرابع من عمرها، وهذا هو العمر الذي تصاب به النساء بالاكتئاب، وذلك نسبة لتغيرات هرمونية وخلافه، ولكن هذه المرحلة فعلاً هي مرحلة ضعيفة في عمر المرأة خاصة المرأة غير المتزوجة.

فأعتقد أن هذه الأخت كل ما هو مطلوب أن تُساند، وأنت جزاك الله خيرًا تمارسين هذا, ومقدمة على هذا ومتفهمة لهذا الأمر، والمساندة تكون أن نشعرها بأنها فعلاً هي الأكبر، أنها هي الأهم، أنها هي صاحبة الحكمة، أنها شخص مرغوب فيه، وتستشار في كل الأمور، هذا يعطيها اعتبارًا كبيرًا، وفي ذات الوقت حقيقة أقول إن الأسرة أخطأت كثيرًا في أمر الزواج، إذا تقدم لها الرجل الصالح لماذا تُحرم من هذا؟ هذا أمر لا أفهمه, وهو يحدث في بعض مجتمعاتنا مع احترامي الشديد لكل أسرة، لكنّ هذا الرفض حقيقة فيه الكثير من الظلم والغبن للمرأة، وهو حقيقة لا يتماشى ما ديننا.

أنا بالطبع لا أريد أن أظلم أسرتك أو والديك، لكن أتكلم بصفة عامة.

إن المساندة لهذه الأخت هي المهمة جدًّا، وفي ذات الوقت يمكنها أن تنضم لمراكز تحفيظ القرآن، هذه إن شاء الله ستقابل فيها النساء الصالحات والخيرات وهي ما دامت امرأة محافظة على صلاتها وقراءة القرآن أعتقد أن ذلك سوف يُشبع الكثير من رغباتها الداخلية, وتنطلق عندها طاقات جديدة نفسية ووجدانية، فشجعوها على الانضمام إلى مثل هذه المراكز، ويمكنها أيضًا أن يكون لها جلسة أسبوعية لتلاوة القرآن في المنزل، تدعو بعض الأهل وصديقاتها، هذا فيه خير كثير جدًّا, الانضمام إلى أعمال الخير والبر والإحسان أيضًا يساعد الناس كثيرًا.

أعتقد أن هناك أشياء كثيرة جدًّا يمكن أن تقدم للإنسان, ويمكن للإنسان أن يقدمها لنفسه.

الأمر الآخر هو: أن يقال لها إنه يلاحظ عليها بعض علامات عدم الارتياح والإجهاد النفسي، وهذه ربما تحتاج لبعض الفحوصات، فإذا اقتنعت, اذهبوا بها إلى الطبيب، ويجب أن يتم فحص الدم العام، وكذلك فحص وظائف الغدة الدرقية، والتأكد من سلامتها، وأعتقد أنها في حاجة لأحد مضادات الاكتئاب، ومن أفضل هذه الأدوية عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك)، واسمه العلمي هو (فلوكستين)، إذا تناولته إن شاء الله تعالى بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر سوف تجد فيه خيرًا كثيرًا، فهو دواء فعال وسليم وغير إدماني وغير تعودي ولا يضر الهرمونات النسوية.

أعتقد أن هذا هو الذي يمكن أن يُقدم لهذه الأخت: المساندة، أن نعطيها اعتبارها، أن نشعرها بوجودها وأهميتها في الأسرة، أن نستشيرها، أن يقترح عليها الأنشطة الاجتماعية التي تحدثت عنها، وأن تذهبوا بها إلى الطبيب, وليس من الضروري أن تقولي لها إنك مريضة نفسية، ولكن نقول لها من أجل الفحوصات، وقد لاحظنا عليك بعض الإجهاد وعسر المزاج، وإن شاء الله تعالى تجرى الفحوصات ويعطى لها هذا الدواء الذي وصفته، هذا سوف يساعدها كثيرًا.

جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك، ونشكرك على اهتمامك بها، ونسأل الله لها الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً