الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الالتزام الأخلاقي الظاهر لدى الغرب.. شبهة والرد عليها

السؤال

لدي سؤال في المجال الفكري:

من الواضح والمفهوم سبب تقدم الغرب علمياً وصناعياً، لكن ما سبب تقدم أغلبية أفرادهم أخلاقياً علينا نحن المسلمين حالياً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Samya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنني أريد أن أصحح هذا المفهوم، وأبين أن الغرب لم يأخذ من الفضائل إلا بمقدار ما يتيح لهم الانتفاع من الآخرين وخديعتهم، فالفضائل عندهم بضائع لا تقبل التصدير، كما قال الطفل الإنجليزي للطالب العربي الذي كان معهم في المنزل، حيث قام الطفل بقطع وردة حديقة المنزل ثم أجهش الطفل في البكاء، فقال له صاحبنا العربي: ما يمنعك أن تقول: أنا لم أقطعها، فقال الطفل: (إننا تعلمنا أن الإنجليزي لا يجوز له أن يكذب على الإنجليزي، وإن جاز له أن يكذب على من سواه).

قد فضح القرآن تلك الأخلاق في قوله تعالى على لسانهم: ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ))[آل عمران:75]^، فالكذب والخديعة، والقتل والظلم، وإراقة الدماء، جائزة مع غيرهم من الأمم، ولا أظن أن كلامي هذا يحتاج إلى توضيح، فالصغير يعلم أن دم المسلم رخيص، وأن بلاد المسلمين سلبت وسرقت مواردها، حتى وصلوا إلى مراحل سرقوا فيها الأطفال لاستعبادهم وتسخيرهم في خدمتهم.


مع ذلك فإن من الغرب من يتمسك بالنظام ويبغض الفضائل، وهذا من أسرار تقدمهم العلمي والحضاري، علماً بأن تلك القيم هي ثوابت هذا الدين، وقد أخذوها من حضارتنا العظيمة، ولم يبعد كثيراً من قال: (وجدت في الغرب إسلاماً ولم أجد مسلمين) ولو أن أهل الغرب أخذوا الإسلام كدين لتطوروا وتقدموا أكثر وأكثر؛ لأن الإسلام يكمل الفضائل والقيم، ويجملها ويصححها، ويضمن لها الاستمرار والثبات، مع ضرورة أن يدرك الجميع أن هذا الإنسان لا يمكن أن يصلح أو يستقر إلا في ظلال التوجيهات التي جاء بها الإسلام.

قد أحسن الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه في قوله تعالى: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ))[التوبة:33]^ حيث وضح أن البشرية التي ترفض الإسلام كعقيدة سوف تحتاج للإسلام كنظامٍ للحياة، وهذا ظاهر في النظم الاقتصادية والاجتماعية وفي جوانب من النظم السياسية، بل إن قادة الغربيين يدرسون التفاصيل الدقيقة لحضارة الإسلام، وينتقون من تلك الكمالات والمناقب التي اشتملت عليها حضارة الإسلام.


نحن نتمنى أن يتقدم أهل الإسلام بقيمهم وأخلاقهم النابعة من كتاب الله ومن هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي بعث متمماً لمكارم الأخلاق، والإسلام يعلي من شأن الأخلاق، حتى قالوا: من زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، والأخلاق لا تنفصل في عقيدة المسلم ودينه، والإنسان ينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم الذي لا يفتر من الصلاة والصيام.

هذه وصيتي لك بتقوى الله، ونشكر لك هذا التساؤل الذي يستحق أن نقف عنده طويلاً، ونستبشر بهذا الشعور، ونرجو أن يكون له ما بعده، ونسأل الله أن يقدر الخير لك، وأن ينفع بك، وأن يردنا إلى ديننا رداً جميلاً.

وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً