الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على الزوج المقصر في الحق بسبب الزوجة الأولى

السؤال

السلام عليكم.
أعيش في بلد وزوجي في بلد آخر مع زوجته الأولى، ولقد فرضت عليه أن لا يلقاني في بلد إقامتها (مع أنه وعدني قبل الزواج بعكس ذلك)، مما جعل لقائي به صعباً جداً خاصة بعد منعه رسمياً من دخول بلدي، فلم ألقه آخر مرة إلا بعد ثمانية أشهر في بلد ثالث، مع العلم بأني وضعت شرط الزواج قبل سنتين، وهو أن ألقاه كل شهرين، ولقد وافق عليه.

دائماً أشعر أنه يراعي مشاعرها ولو على حسابي، ويمضي وعودها على وعودي، وعندما أكلمه يتهرب بالمزاح، وعندما ألح يتضايق ويقول إنه يوازن بين أخف الضررين، أنا أعلم أنه يحبها أكثر مني لعدة اعتبارات، وهذا لا يضايقني، بل بالعكس أتمنى لو أن كل بيوت المسلمين تزهر بالحب، لكن عدم العدل هو ما يضايقني، فلها أن تتصل به أو ترسل رسائل مودة في أي وقت عندما يكون معي، ولكن لو أنا فعلت هذا معها فإنها تقرأ رسائلي قبله، وهي ترسل بمسج تقريع لي، وعندما أشتكي إليه يقول: إذا كانت هي مخطئة فلا يعني أن تخطئي أنت أيضاً.

آخر لقاء به ارتبكت في أخذ المانع -مانع الحمل- وقال لي: إياك أن تحملي، وبالفعل اكتشفت أني حامل بعد رجوعي بشهر، وعندما أخبرته لم يجب في وقتها، وقال: سأتصل بك لاحقاً، بعد يومين اتصل وقال: أنا غير مسؤول عما تفعلين؛ لأنك تعرفين رأيي مسبقاً، وعندما قلت له إني لا أريد إلا إسنادك المعنوي ودعائك، لأني لا أستطيع تحمل تبعات الحمل وحدي ثانية، قاطعني بالسؤال عن ابننا، وكأنه يقول لي: أنا لا شأن لي بك ما دمت لم تسمعي كلامي، فقمت إثر ذلك بشيء من الدعابة وقلت: لا تتصل بي بعد الآن ولا تكلمني.

الآن أحاول أن أتصل به ولكنه لا يرد، وكأنما أنا من أخطأ بتخليه عن الآخر، أنا أعلم أنه طيب، ولكن ما الفائدة ووراءه من يستعديه ويقسيه علي في كل وقت وهي زوجته، ومع هذا فهو دائماً يقول: أنه لا يوجد أحد مثلها في الدين والخلق!

لا أريد أن أدخل طرفاً ثالثاً؛ لئلا يقول إني أفشيت سره، فهل أحاول إرضاءه وهو من أخطأ معي، أم أتركه لشهر أو شهرين (وهذا سيسعد زوجته) لعله يدرك قسوته معي؟ لكني أخاف أن يزداد الأمر جفوة بيننا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يزيدك رجاحة في عقلك، ووفرةً في دينك، وأن يثبتك على الحق، وأن يوفق زوجك للعدل بينكما.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فإني أحيي فيك رجاحة العقل، وتقدير الظروف، والتماس الأعذار؛ إلا أن مما يعكر صفو هذه الصفات الجميلة أنك تخصين بها زوجك فقط، ونسيت أن هناك طرفا آخر يعتبر حسب ما جرى عليه عرف الناس أكثر الناس تضرراً .

أنا معك بأن زوجك مقصر في عدم العدل، ولكن أقول لعله فعلاً يرتكب أخف الضررين، ولديه بعض العشم معك في كونك الزوجة الثانية صاحبة القلب الكبير والعقل الراجح، وإن كان الأصل ضرورة الوفاء بما التزم به؛ لأنك لو لم تسامحيه لحاسبه الله على ذلك يوم القيامة، وأنصحك بالاتصال به ومحاولة إرضاءه - رغم أنه ليس على صواب - حتى تعينيه على نفسه، وعلى الجبهة الأخرى التي تحاول تعكير الجو بينك وبينه كما تتصورين، وموضوع الحمل أرى أنه ما دام قد ثبت أن تتركيه لله الذي يرزقه ويرعاه، وأتصور أنها زوبعة في فنجان، هذا الذي يفعله زوجك الآن، وغداً ستسقر الأمور وتهدأ الأحوال، وهو أو غيره لا يمكن أن يتنصل أو يتبرأ من ولده بحال من الأحوال، وما دام من العقلاء الذين يخافون الله ويتقونه فحاولي الاتصال به والتماس العذر له؛ حتى تسير القافلة ولو مع شيء من التضحية ما دمت قد قبلت الرجل بظروفه، حتى وإن خالف ما تم الاتفاق عليه، فعسى أن يأتي يوم تستقيم فيه الأمور وتأخذين حقك كاملاً غير منقوص.

وأوصيك بالدعاء كذلك لنفسك ولزوجك ولزوجته أن يصلح الله حالكم أجمعين، مع تمنياتنا لكم بالتوفيق، وللحمل المبارك أن يرى النور في كنف السعادة والاستقرار، والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً