الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات في رفض الوالدين الزواج بمتدينة بغير علمها

السؤال

الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله
و بعد:

أنا شاب أبلغ 34 من العمر، أحببت فتاة وأعرفها منذ 8 أعوام، وبحكم قربها من منزل جدتي كانت تأتي من الحين للآخر تزور العائلة، وكانت والدتي تحبها، إلى أن دخل الحساد بينهم وأصبح العكس هو السائد، وباختصار: عقدت قراني بتلك الفتاة، وهي الآن زوجتي أمام الله، وذلك دون علم والدي وبإذن أهلها طبعاً، وقد أخبرت عائلتي بالأمر أخيراً، وهم يرفضون هذا الزواج، مع العلم أنني لن ألقى -والله أعلم- زوجة تليق بي لأنها زوجة صبورة ومتحجبة وتعرف الله جل جلاله حق المعرفة، بالإضافة إلى ذلك فهي عاشت حياة شبه يتيمة بفعل طلاق والدتها وهي في شهرها السادس، وزواج أمها من رجل آخر منذ 25 سنة، ولا أريد أن أكون سبباً في تعاستها مرة أخرى، مع العلم أنني أعز والدي كثيراً وأزورهم يومياً.

فبماذا تنصحونني؟ وماذا يقول الشرع في هذه القضية؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الأخ / ب حسن الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك.

الإسلام دين العدل والرحمة، والمسلم الموفق هو الذي يبرُّ والديه ولا يظلم زوجته، وقد سعدت بقولك: (أنا أزور والدي يومياً)، وزادك الله حرصاً وبراً.
ولكن يا أخي كان الأفضل إخطارهما بهذا الزواج، فكل والد ووالدة ينتظر مثل هذه المناسبة ليشارك في الفرح، أرجو أن ييسر الله أمرك.

أوصيك أخي بزيادة البر والإحسان لوالديك حتى لا يشعرا بالتغير في تعاملك معهم، وأن توصي زوجتك بإظهار أطيب المشاعر تجاه والديك، خاصة وهي ذات دين كما ذكرت، وهذا توفيق من الله، فديننا يعلمنا الإحترام والشفقة على كبار السن، فكيف إذا كان هذا الكبير هو أم الزوج أو والده؟! وهما أحق الناس بالبر إكراماً للزوج الذي أمرت الشريعة الزوجة بطاعته، فهو أفضل الناس عليها حقاً، ولعل هذه المشاعر تخفف من حدة التوتر وتزيل اللبس.

أما طلب الوالدين وإصرارهما على فراق هذه الزوجة فلا تستجب لذلك، وإنما الطاعة في المعروف، وهذا رجل جاء لعمر رضي الله عنه فقال: عندي زوجة أحبها وأمي تأمرني بطلاقها. قال: (لا تفعل، إنما الطاعة في المعروف) ولا يستجيب الإنسان لمثل هذا الطلب إلا إذا كانت أسباب والده شرعية، كأن يخافا على الابن في دينه في تلك الزوجة.
لكن عليك أن تجتهد في تغيير فهم والديك وتحرص قبل ذلك وبعده على البر والإحسان إليهما.

عليك باللجوء إلى الله سبحانه، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن سبحانه يقلبها كيف شاء، وعليك أن تستعين بعد الله سبحانه بأقرباء الوالدين حتى تتمكنوا من إقناعهم، وكذلك من يسمعون كلامه من الدعاة والعلماء الأفاضل، واجتهد في نيل رضاهما، فإن تعذر ذلك فلا شيء عليك، وكرر المحاولات ولا تيأس، وإذا علم الله منك الصدق وحسن التوبة يسر لك أمرك بفضله وكرمه، وهو سبحانه يعلم ما في النفوس من السر والمحبة للوالدين، قال تعالى بعد الدعوة للبر والإحسان للوالدين (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا) [الإسراء:25].

وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً