الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحقد وسوء الظن بالناس ... التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم.

كيف أعالج الحقد وأغير نظرة الناس لي وعدم المقارنة بيني وبين الآخرين؟ حيث إني أحس بأن العالم الذي حولي يكرهني، وصرت دائماً كئيبة وأتحسس لأتفه الكلمات!

وأحياناً أنجبر لأتصرف بحقد؛ لأنه إذا لم أتصرف هكذا ينظرون لي بأني أتصنع... الخ.

والذي يكلمني يجاملني، ولا أعرف العيب مني أم من الآخرين! حيث بدأت أكره كل من حولي، ولا أريد أن أتقبل الحديث من أحد، ودائماً أسمع انتقادات من أمي وأبي بأني حقودة، وأن بنت أخي طيبة وقلبها أبيض، وحتى بدأت أكره نفسي وأكرهها، وأفكر بداية علاجي بشرب دواء الاكتئاب لبداية علاج نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإن هذه الأوصاف التي نعت بها نفسك، وهي أنك أصبحت حقودة، وأنك تكرهين من حولك، وبقية السمات التي وردت في رسالتك، هذه حقيقة تعطيني الانطباع القوي جدّاً أنك تعانين من اضطراب في الشخصية، ونوعية الشخصية التي تناسب وصفك هو ما نسميه بـ (الشخصية البارونية) أو (الشخصية الظنانية) - كما يسميها البعض - أو (الشخصية الزوارية)، هذه كلها مسميات لنوع معين من اضطرابات الشخصية، يتميز هذا النوع بـ: الشكوك، بالأحقاد، عدم الثقة في الآخرين، والبعض قد يصل مرحلة من الكراهية لذاته ولغيره، وهذه قد ينتج عنها اكتئاب ثانوي.

هذا هو التشخيص في نظري، وبالطبع قبل أن أتحدث عن العلاج الدوائي -وهو إن شاء الله متوفر وسوف يفيدك- أقول لك: الإنسان حينما يعرف مشكلته وطبيعتها، هذا يجب أن يمثل خمسين بالمائة من الحل والعلاج.

فأنت مهما كانت هذه المشاعر التي تعانين منها وهذا القلق وهذا التوتر وعدم قبولك للآخر، لابد أن تجلسي مع نفسك جلسات صادقة، ولابد أيتها الفاضلة أن تأخذي بالتعاليم الإسلامية السامية، فالقيم الإسلامية حقيقة تعالج مثل هذه المواقف ومثل هذه المشاعر، فأرجو أن تلتفتي لذلك.

الأمر الآخر: هو أن تقولي لنفسك: (ماذا سأستفيد من الحقد على الآخرين؟ ما الذي يجعلني أكون كذلك؟ لماذا لا أكون أكثر قبولاً للآخر؟ لماذا لا أكون أكثر صبراً؟ لماذا لا أُحسن إلى الناس حتى يُحسنوا إليَّ؟).
الإنسان يجب أن لا يترك مثل هذه الأفكار والمشاعر السلبية والمشوّهة تسيطر عليه، وقد وصفها أحد علماء النفس بأن هذا فكر معرفي مشوّه، والإنسان يمكن أن يستبدله، ويمكن أن يتوقف عن مثل هذا النوع من الفكر.

ثانياً: أمر آخر وهو ضروري جدّا، وهو أن تتواصلي مع الآخرين، أن تبني علاقات طيبة مع من تحسين أنهم يمكن أن يكونوا مصدر ثقة لك، وأنا أقول لك إن أهل الدين هم الأفضل، فالحمد لله توجد الآن في بلداننا الداعيات والصالحات، وحقيقة الإنسان يجب أن يتخير الشخص الذي يعينه على أمور الدين والدنيا، فإن القدوة الصالحة مهمة ومهمة جدّاً في مثل حالتك.

ثالثاً: أنصحك تماماً بأن تنضمي إلى الجمعيات النسوية التي تهتم بالعمل التطوعي والعمل الخيري. العمل التطوعي يروض النفس البشرية، ويجعل الإنسان يحس بقيمته، ويحس أن ما يقدمه للآخرين هو أفضل ما قام به في حياته، فإن أفضل الناس أنفعهم للناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمن الذي يخالط الناس أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس، هذه وسيلة من وسائل تهذيب النفوس، فأنا أدعوك لذلك.

بقي أن أصف لك علاجاً دوائياً، وأقول لك: أبشري أن العلاجات الدوائية إن شاء الله سوف تفيدك لدرجة كبيرة، ولكن لابد أيضاً أن تأخذي بما أوردته لك مسبقاً.

الدواء الذي أود منك تناوله يعرف تجارياً باسم (الرزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى.

هذا الدواء يعرف عنه أنه دواء يُلطف المزاج لدرجة كبيرة، خاصة إذا كان عسر المزاج ناتجاً من الظنان والشعور بالحقد وعدم الثقة في الآخرين.

بجانب الرزبريادون هنالك دواء آخر يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أرجو أن تبدئي في تناوله، وجرعته المطلوبة في حالتك هي خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهرين، ثم ترفعي الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضيها إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى.

هذه الأدوية بفضل الله تعالى أدوية فعالة وأدوية سليمة، وأرجو أن تلتزمي التزاماً قاطعاً بالجرعة الدوائية.

أنصحك أيضاً بممارسة أي نوع من الرياضة تناسب المرأة المسلمة، ونصيحتي لك أيضاً أن تقومي بما يعرف بتمارين الاسترخاء، فهنالك تمارين متعددة جدّاً، يمكنك أن تتحصلي على (CD) أو شريط أو كتيب من أحد المكتبات الكبيرة يوضح كيفية القيام بهذه التمارين، وإن كان لك أيضاً أي تواصل مع أي أخصائية نفسية في البحرين لتقوم بتمرينك على هذه التمارين، فهذا أيضاً سوف يكون أمراً حسناً.

نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

ولمزيد من العلاجات السلوكية للاكتئاب راجعي هذه الاستشارات:
(237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً