الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاملة الأب الذي لا يقيم حدود الله

السؤال

السلام عليكم

أرجوا أن تأخذو استشارتي بعين الاعتبار، نحن عائلة مكونة من 7 أفراد، مشكلتنا أن الوالد شارب للخمر لا يتوقف حتى لليلة برمضان، ووالدتي الحمد لله ملتزمة، فهو معادٍ لها بسبب أنها تنهاه عن المنكر، كما أنه بخيل رغم المال الذي يكسبه، وهو لا يزكي، وكذلك لا يصلي، ولا يصل الرحم حتى أمه، كما أنه يسرق الكهرباء كي لا يدفع ثمنها ونحن نستعملها رغم أن أمي نهته عن هذا، وحتى أثاث البيت يجلبه من غير حق، فبالله عليكم دلونا ماذا نفعل؟ وهل عيشتنا في هذا البيت حرام؟ حتى أن أمي أحياناً تفكر بالطلاق لعدم تحمله للمسؤوليات وهجره بالأشهر لنا، أرجو ردكم وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hadjer حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكر لك أيتها الأخت توجعك لحال والدك وحرصك على أكل الحلال، ومرحباً بك في موقعك استشارات (إسلام ويب)، بين آبائك وإخوانك.

فمما لا شك فيه أن والدك على خطر عظيم، وأن أحواله بلغت من السوء مبلغاً عظيماً، لكن هذا لا يعني اليأس من أن يهديه الله تعالى ويصلح أحواله، وينبغي لكم أن تجتهدوا في الأخذ بأسباب ذلك، ومن أهم الأسباب ما يلي:

1- اتخاذ الوسائل المؤثرة لتذكيره باليوم الآخر والحساب والجزاء ووصف الجنة والنار، كأن تحاولوا إسماعه محاضرة دينية فيها ذكر الموت وما بعده، أو أن تطلبوا من أحد الدعاة زيارته ونحو ذلك.

2- أظهروا له محبتكم له وشفقتكم عليه وحرصكم على نجاته، ولكم في إبراهيم عليه السلام القدوة الحسنة، فاقرئي خطابه لأبيه ومحاورته له بأدب ورفق في سورة مريم، فعليكم أن تنهوه عن المنكر، فإذا غضب تركتموه.

3- أكثروا من الدعاء له بالهداية، واطلبوا من والدتكم أن تفعل ذلك، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

أما عن أكلكم مما يكسبه فإن كان كل كسبه حرام فإنه لا يجوز لكم أن تأكلوا منه شيئاً، ولا أن تنفقوا منه شيئاً، إلا من كان منكم فقيراً لا يجد ما يكفيه، فله أن يأخذ من المال الحرام - الذي ليس له مالك معين - ما يكفيه؛ لأن المال الحرام إذا لم يكن له مالك معين فإنه يُصرف للفقراء والمساكين، كما ذكر ذلك أهل العلم، أما المال الحرام الذي له مالك معين وقد أُخذ منه بغير رضاه كالمال المسروق فإنه يتعين رده إلى مالكه.

وأما إن كان كسب هذا الوالد قد اختلط فيه الحلال بالحرام فإنه يجوز لكم استعمال أمواله وقبولها منه، وإن كان ذلك مكروهاً.

وأما عن أمكم فإن أيست من صلاح هذا الزوج وارتداعه عن هذه الحال السيئة فإن لها طلب الطلاق، والطلاق في بعض الأحيان يكون خيراً من البقاء على الزوجين، وقد وعد الله عز وجل الزوجين بالغنى بعد الفراق حين يتعذر استمرار الزواج، فقال سبحانه: (( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ))[النساء:130] أما إن كان صلاح هذا الزوج مرجوّاً فإننا لا ننصحها بالاستعجال بطلب الطلاق.

يسر الله أمركم وهدى والدكم وأصلح أحوالكم، والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً